ومنوّنًا، كقولك: (عجبتُ من ضَرْبٍ زيدٌ عمرًا) تريد من أن ضَرَبَ زيدٌ عَمْرًا؛ ومنه قولُه تعالى: ﴿أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيْمًا﴾ ١، ومنه قولُ الشّاعر:
بِضَرْبٍ٢ بِالسّيُوفِ رُؤُوسَ قَوْمٍ ... أَزَلْنَا هَامَهُنَّ عَنِ الْمَقِيْلِ٣
وقد يعمل مع الألِف واللاّم٤، كقول الشّاعر:
١ الآية: ١٤؛ ومن الآية: ١٥ من سورة البلد.
٢ في أ: فضرب، وهو تحريف.
٣ هذا بيتٌ من الوافر، وهو للمَرَّار بن مُنْقذ التّميميّ.
و(الهام): جمع هامة، وهي الرّأس كلها. و(المقيل): موضع القيلولة، وهي نوم نصف النّهار - هذا في الأصل -، وهو مستعارٌ هنا للأعناق؛ لأنّها مكان استقرار الرّؤوس وسكونها.
والمعنى: أزلنا رؤوس أعدائنا عن مواضع استقرارها، فضربنا بالسّيوف رؤوسهم.
والشّاهد فيه: (بِضَربٍ.. رؤوسَ) حيث أعمل المصدر المنوّن (ضربٍ) عمل فعله، فنصب به مفعولًا به - وهو (رؤوس) -.
يُنظر هذا البيت في: الكتاب ١/١١٦، ١٩٠، والمحتسب ١/٢١٩، وتحصيل عين الذّهب ١٥٨، وشرح المفصّل ٦/٦١، وشرح التّسهيل ٣/١٢٩، وابن النّاظم٤١٧، وابن عقيل ٢/٨٩، والمقاصد النّحويّة ٣/٤٩٩، والأشمونيّ ٢/٢٨٤.
٤ وهو أقلّ من إعماله منوّنًا؛ لأن فيه شبهًا بالفعل المؤكّد بالنّون الخفيفة، وإعماله منوّنًا أقيس.
ينظر: شرح التّسهيل ٣/١١٥، وابن الناظم ٤١٧، وأوضح المسالك ٢/٢٤١.