Lamahat Min Hayat Ibn Taymiyya
لمحات من حياة شيخ الإسلام ابن تيمية
Genres
وقالت فرقة أخرى: هذا الاستثناء إنما هو مدة احتباسهم عن الجنة ما بين الموت والبعث وهو البرزخ إلى أن يصيروا إلى الجنة ثم هو خلود الأبد فلم يغيبوا عن الجنة إلا بمقدار إقامتهم في البرزخ. وقالت فرقة أخرى: العزيمة قد وقعت لهم من الله بالخلود الدائم إلا أن يشاء الله خلاف ذلك إعلاما لهم بأنهم مع خلودهم في مشيئته هذا كما قال لنبيه {ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك} (الإسراء:86)، وقوله {فإن يشأ الله يختم على قلبك} (الشورى:24)، وقوله {قل لو شاء الله ما تلوته عليكم} (يونس:16)، ونظائره وأخبر عباده سبحانه أن الأمور كلها بمشيئته ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن.
وقالت فرقة أخرى: المراد بمدة دوام السموات والأرض في هذا العالم فأخبر سبحانه أنهم خالدون في الجنة مدة دوام السماوات والأرض إلا ما شاء الله أن يزيدهم عليه. ولعل هذا قول من قال أن إلا بمعنى سوى ولكن اختلف عبارته وهذا اختيار ابن قتيبة. قال: المعنى خالدين فيها مدة العالم سوى ما شاء أن يزيدهم من الخلود على مدة العالم وقالت فرقة أخرى: ما بمعنى من قوله {فانكحا ما طاب لكم من النساء} (النساء:3) والمعنى إلا من شاء ربك أن يدخله النار بذنوبه من السعداء والفرق بين هذا القول وبين أول الأقوال: أن الاستثناء على ذلك القول من المدة وعلى هذا القول من الأعيان.
وقالت فرقة أخرى: المراد بالسموات والأرض سماء الجنة وأرضها، وهما باقيتان أبدا وقوله: {إلا ما شاء ربك} إن كانت ما بمعنى من فهم الذين يدخلون النار ثم يخرجون منها، وإن كانت بمعنى الوقت فهو مدة احتسابهم في البرزخ والموقف، قال الجعفي: سألت عبدالله بن وهب عن هذا الاستثناء، فقال سمعت فيه أنه قدر وقوفهم في الموقف يوم القيامة إلى أن يقضي بين الناس.
Page 100