كثير الضيافات وإطعام الطعام، محسنا لجميع الناس خصوصا طلبة الحديث والعلم والغرباء لا سيما الحجازيين بالمال والكتب والجاه، قال شخينا الحافظ برهان الدين سبط ابن العجمي: ذاكرت الإمام شهاب الدين المَلْكاوي١ بكتاب المهمات للإسنوي فأخبرني أن الشيخ صدر الدين الياسوفي يكتب من رأسه خيرا من هذا أو مثله، الشك من شيخنا، وقال شيخنا الحافظ أبو زرعة في ترجمة والده، ومن الآخذين عنه الحافظ مفيد الشام صدر الدين أبو الربيع سليمان بن يوسف الياسوفي انتهى، امتحن في آخر عمره بسبب الإحسان إلى الغرباء وذلك أن أبا هاشم أحمد بن البرهان محمد بن إسماعيل "الظهاري"٢ كان بدمشق وكان الشيخ صدر الدين يحسن إليه ويعظمه فأفتى على السلطان برقوق وكان يتكلم في سلطنته ويحرض الناس على اتباع أمر الخليفة فنمَّ به إلى نائب القلعة فأمر بالقبض عليه فأُخذ وأقر أنه كان عنده من طلبة العلم وسئلوا: من تألفون؟ فقالوا: الشيخ صدرالدين يعرفنا وهو يحسن إلينا فطلب من مجلس الحديث وصعد به إلى القلعة فاعتقل بها ولم يزل بها حتى مات في ليلة السبت الثالث والعشرين من شعبان المكرم سنة تسع وثمانين وسبعمائة٣ وصُلِّي عليه بعد الزوال من الغد في دمشق ودفن بمقابر الصوفية ولم يخلف بدمشق بعده في مجموعه مثله -رحمه الله تعالى- وإيانا.
ابن سند ٤ محمد بن موسى بن محمد بن سند بن تميم اللخمي المصري ثم الدمشقي المالكي الإمام الحافظ شمس الدين أبو عبد الله:
ولد بدمشق في يوم الخميس الثامن من شهر ربيع الأول سنة تسع وعشرين وسبعمائة وسمع بها من محمد بن عمر السلاوي وعبد الرحيم بن أبي اليسر والبدر أحمد بن محمد بن الجوخي والحافظ أبي عبد الله الذهبي وأحمد بن المظفر النابلسي ومحمد بن إسماعيل بن الخباز وأخته زينب وعمتها نفيسة وفاطمة بنت العز وعدة، وارتحل إلى مصر فسمع بها من مظفر العطار وأبي الفتح الميدومي وابن الوضاح وطائفة واشتغل فحصل وتميز وبرع، أجازه الحفاظ صلاح الدين العلائي بالإفتاء وأخذ العربية عن التاج المراكشي وأذن له في إقرائها، وكان رحمه الله تعالى إماما مفتيا جهد في هذا الشأن واجتهد٥ وحرر الرجال وأسماءهم وانتقى وانتقد،