Kuwaiti Encyclopedia of Jurisprudence
الموسوعة الفقهية الكويتية
Edition Number
من ١٤٠٤
Publication Year
١٤٢٧ هـ
Genres
يَلْتَقِطُونَ، وَيَبْنُونَ عَلَيْهِ، بَل يَكْتُمُونَ بِأَنْ يَقُولُوا: هُنَاكَ قَوْلٌ بِهَذَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ دَلِيلٌ قَوِيٌّ. (١)
وَلَقَدْ كَانَ لِهَذَا الْفَرِيقِ أَثَرَانِ مُخْتَلِفَانِ: أَحَدُهُمَا خَيْرٌ، وَهُوَ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْقَضَاءِ، فَإِنَّهُ إِذَا كَانَ الْقَضَاءُ لاَ يَصِحُّ إِلاَّ بِالرَّاجِحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، فَإِنَّ هَؤُلاَءِ عَمَلُهُمْ الاِتِّبَاعُ لِهَذَا الرَّاجِحِ، وَفِي ذَلِكَ ضَبْطٌ لِلْقَضَاءِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ الأَْمْرُ فُرُطًا. وَتَقْيِيدُ الْقَضَاءِ فِي الأَْزْمَانِ الَّتِي تَنْحَرِفُ فِيهَا الأَْفْكَارُ وَاجِبٌ، بَل إِنَّ الاِتِّبَاعَ لاَ يَكُونُ حَسَنًا إِلاَّ فِي الأَْحْكَامِ الْقَضَائِيَّةِ.
الأَْثَرُ الثَّانِي: أَنَّ هَذَا فِيهِ تَقْدِيسٌ لأَِقْوَال الْفُقَهَاءِ السَّابِقِينَ، وَاعْتِبَارُ أَقْوَالِهِمْ حُجَّةً سَائِغَةً مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إِلَى قُوَّةِ الدَّلِيل، وَمِقْدَارِ صِلَةِ الْقَوْل بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَمِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إِلَى صَلاَحِيَتِهِ لِلتَّطْبِيقِ، وَقَدْ اخْتَلَطَ الْحَابِل بِالنَّابِل. وَقَدْ كَانَ لِهَذَا أَثَرٌ فِي الْبِيئَاتِ الَّتِي تُحَاوِل أَنْ تَجِدَ مُسَوِّغًا لِمَا تَفْعَل، فَيُسَارِعُ الْمُرَاءُونَ الْمُتَمَلِّقُونَ إِلَى تَبْرِيرِ أَفْعَال بَعْضِ ذَوِي النُّفُوذِ، بِذِكْرِ أَقْوَالٍ شَاذَّةٍ، فَيَتَعَلَّقُ هَؤُلاَءِ بِأَنَّ بَعْضَ الْعُلَمَاءِ أَجَازُوا مَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ وَمَا ارْتَكَبُوهُ مِنْ أَفْعَالٍ، أَيًّا كَانَ قَائِلُهُ وَأَيًّا كَانَتْ حُجَّتُهُ، بَل أَيًّا كَانَتْ سَلاَمَةُ نَقْلِهِ أَوْ قُوَّتُهُ فِي الْمَذْهَبِ الَّذِي دَوَّنَ فِي كُتُبِهِ، ثُمَّ يَنْثُرُ هَؤُلاَءِ الْمُتَمَلِّقُونَ ذَلِكَ نَثْرًا فِي الْمَجَالِسِ، مُبَاهَاةً بِكَثْرَةِ الْعِلْمِ. فَالْوَيْل لِهَؤُلاَءِ، وَالْوَيْل لِمَنْ قَلَّدَهُمْ، وَالْوَيْل لِمَنْ يَأْخُذُ كَلاَمَهُمْ حُجَّةً فِي الدِّينِ، وَالْوَيْل لِمَنْ يُشَجِّعُهُمْ. (٢)
٣٤ - فِي عُصُورِ الاِجْتِهَادِ الْمُخْتَلِفَةِ، سَوَاءٌ أَكَانَ مُطْلَقًا أَمْ مُقَيَّدًا، بَل وَفِي عُصُورِ التَّقْلِيدِ، لَمْ نَجِدْ أَحَدًا مِنْ الْمُشْتَغِلِينَ بِالْفِقْهِ اعْتَمَدَ فِي اسْتِنْبَاطِ حُكْمٍ شَرْعِيٍّ عَلَى غَيْرِ الأَْدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ، وَلَمْ يَتَّجِهْ أَحَدٌ مِنْهُمْ إِلَى الأَْخْذِ مِنْ الْقَانُونِ الرُّومَانِيِّ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْقَوَانِينِ الَّتِي كَانَتْ سَائِدَةً فِي الْبِلاَدِ الْمَفْتُوحَةِ.
وَعَلَى الَّذِينَ يُشَكِّكُونَ فِي أَنَّ فُقَهَاءَنَا قَدْ اعْتَمَدُوا عَلَى الْقَانُونِ الرُّومَانِيِّ فِي
(١) رسم المفتي لابن عابدين بتصرف. (٢) موسوعة الفقه الإسلامي التي أصدرتها جمعية الدراسات الإسلامية بإشراف المرحوم فضيلة الشيخ محمد أبو زهرة، بتصرف ١ / ٦٦،٦٢
1 / 38