276

al-Mawsūʿa al-Fiqhiyya al-Kuwaytiyya

الموسوعة الفقهية الكويتية

Edition

من ١٤٠٤

Publication Year

١٤٢٧ هـ

Genres

فُتِحَ انْحَسَرَ الْمَاءُ عَنِ الأَْرْضِ، وَقَدَرَ عَلَى الزِّرَاعَةِ، صَحَّ الْعَقْدُ، وَإِلاَّ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ. وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّ الْمَاءَ يَنْحَسِرُ وَتُنَشِّفُهُ الرِّيحُ، فَفِيهِ وَجْهَانِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ:
أَحَدُهُمَا: لاَ يَصِحُّ؛ لأَِنَّهُ لاَ يُمْكِنُ اسْتِيفَاءُ الْمَنْفَعَةِ فِي الْحَال.
وَالثَّانِي: يَصِحُّ. وَهُوَ الصَّحِيحُ، لأَِنَّهُ يُعْلَمُ بِالْعَادَةِ إِمْكَانُ الاِنْتِفَاعِ بِهِ. (١)
٨٩ - ثَانِيًا: يَجِبُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَنْتَفِعَ بِالأَْرْضِ فِي حُدُودِ الْمَعْرُوفِ وَالْمَشْرُوطِ، لاَ بِمَا هُوَ أَكْثَرُ ضَرَرًا، وَهَذَا مَوْضِعُ اتِّفَاقٍ. وَذَهَبَ عَامَّةُ أَهْل الْعِلْمِ إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَزْرَعَ الأَْرْضَ الزَّرْعَ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهِ، أَوْ مُسَاوِيهِ، أَوْ أَقَل مِنْهُ ضَرَرًا.
غَيْرَ أَنَّ الْحَنَفِيَّةَ قَالُوا: مَنِ اكْتَرَى أَرْضًا لِيَزْرَعَهَا حِنْطَةً فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَزْرَعَهَا قُطْنًا. وَإِذَا زَرَعَهَا ضَمِنَ قِيمَةَ مَا أَحْدَثَهُ ذَلِكَ فِي الأَْرْضِ مِنْ نُقْصَانٍ، وَاعْتُبِرَ غَاصِبًا لِلأَْرْضِ. (٢) وَقَدْ سَبَقَ أَنَّهُمْ يَشْتَرِطُونَ تَعْيِينَ نَوْعِ مَا يُزْرَعُ.
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ فِي ذَلِكَ: يَلْزَمُهُ أَجْرُ الْمِثْل؛ لأَِنَّهُ تَعَدَّى، وَالزِّيَادَةُ غَيْرُ مُنْضَبِطَةٍ، وَتُفْضِي إِلَى مُنَازَعَةٍ. وَفِي قَوْلٍ آخَرَ لَهُمْ: يَلْزَمُهُ الْمُسَمَّى وَأَجْرُ الْمِثْل لِلزِّيَادَةِ. وَفِي قَوْلٍ: إِنَّ مَالِكَ الأَْرْضِ يَكُونُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ الْمُسَمَّى وَأَجْرَ الْمِثْل لِلزِّيَادَةِ، أَوْ أَنْ يَأْخُذَ أَجْرَ الْمِثْل لِلْجَمِيعِ.
وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: لَوِ اشْتَرَطَ نَوْعًا مُعَيَّنًا مِنَ الزَّرْعِ كَالْقَمْحِ فَلَهُمْ رَأْيَانِ، قِيل: لاَ يَجُوزُ هَذَا الشَّرْطُ؛ لأَِنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ مَنْفَعَةُ الأَْرْضِ، وَإِنَّمَا ذُكِرَ الْقَمْحُ

(١) المهذب ١ / ٣٩٥، ٤٠٥، والشرح الكبير مع المغني ٦ / ٨٠، ٨١، وكشاف القناع ٤ / ٢٢
(٢) الهداية ٣ / ٢٣٨
لِتُقَدَّرَ بِهِ الْمَنْفَعَةُ. وَالثَّانِي أَنَّهُ يَتَقَيَّدُ بِهَذَا الشَّرْطِ حَسَبَ الاِتِّفَاقِ، فَيَكُونُ شَرْطًا لاَ يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ. وَهَذَا اخْتِيَارُ الْقَاضِي مِنْ عُلَمَائِهِمْ. (١)
انْقِضَاءُ إِجَارَةِ الأَْرْضِ الزِّرَاعِيَّةِ:
٩٠ - إِذَا كَانَتِ الإِْجَارَةُ عَلَى مُدَّةٍ، وَانْقَضَتِ الْمُدَّةُ، انْقَضَتِ الإِْجَارَةُ اتِّفَاقًا. وَيَبْقَى الزَّرْعُ فِي الأَْرْضِ إِذَا كَانَ لَمْ يَحِنْ حَصَادُهُ. وَعَلَيْهِ الأَْجْرُ الْمُسَمَّى عَنِ الْمُدَّةِ، زَائِدًا أَجْرَ الْمِثْل عَنِ الْمُدَّةِ الزَّائِدَةِ.
وَلِفُقَهَاءِ الْمَذَاهِبِ بَعْضُ تَفْصِيلاَتٍ فِي ذَلِكَ، وَفِيمَا إِذَا كَانَتِ الأَْرْضُ اسْتَأْجَرَهَا لِلْغِرَاسِ لاَ لِلزَّرْعِ:
فَقَال الْحَنَفِيَّةُ: إِذَا اسْتَأْجَرَهَا لِيَغْرِسَ بِهَا شَجَرًا وَانْقَضَتِ الْمُدَّةُ، لَزِمَهُ أَنْ يَقْلَعَ الشَّجَرَ وَيُسَلِّمَ الأَْرْضَ فَارِغَةً. وَقِيل: يَتْرُكُهَا بِأَجْرِ الْمِثْل، إِلاَّ أَنْ يَخْتَارَ صَاحِبُ الأَْرْضِ أَنْ يَغْرَمَ قِيمَةَ ذَلِكَ مَقْلُوعًا إِنْ كَانَ فِي قَلْعِهَا ضَرَرٌ فَاحِشٌ بِالأَْرْضِ. وَإِلاَّ قَلَعَهَا مِنْ غَيْرِ ضَمَانِ النَّقْصِ لَهُ. لأَِنَّ تَقْدِيرَ الْمُدَّةِ فِي الإِْجَارَةِ يَقْتَضِي التَّفْرِيغَ عِنْدَ انْقِضَائِهَا، كَمَا لَوِ اسْتَأْجَرَهَا لِلزَّرْعِ. (٢)
وَلاَ يَبْعُدُ الْمَالِكِيَّةُ عَنِ الْحَنَفِيَّةِ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذَا، غَيْرَ أَنَّ بَعْضَهُمْ قَيَّدَ بَقَاءَ الزَّرْعِ فِي الأَْرْضِ لِلْحَصَادِ بِأَجْرِ الْمِثْل بِمَا إِذَا كَانَ الْمُكْتَرِي يَعْلَمُ وَقْتَ الْعَقْدِ أَنَّ الزَّرْعَ يَتِمُّ حَصَادُهُ فِي الْمُدَّةِ، وَإِلاَّ جَازَ لِلْمُؤَجِّرِ أَمْرُهُ بِالْقَلْعِ. (٣)

(١) المهذب ١ / ٤٠٢، ٤٠٣، والشرح الكبير وحاشية الدسوقي ٤ / ٤٨، والمغني ٦ / ٥٣، ٥٩، ٦٠
(٢) الفتاوى الهندية ٤ / ٤٢٩، والهداية ٣ / ٢٣٥ - ٢٣٦، وانظر المغني ٦ / ٦٧
(٣) حاشية الدسوقي ٤ / ٤٧

1 / 282