al-Mawsūʿa al-Fiqhiyya al-Kuwaytiyya
الموسوعة الفقهية الكويتية
Edition
من ١٤٠٤
Publication Year
١٤٢٧ هـ
Genres
مَعْدِنِ الأَْرْضِ وَمَوْقِعِهَا وَقُرْبِهَا مِنَ الْمَاءِ، وَلاَ يُعْرَفُ ذَلِكَ إِلاَّ بِالرُّؤْيَةِ؛ لأَِنَّهَا لاَ تَنْضَبِطُ بِالصِّفَةِ. (١)
وَلَمْ يَشْتَرِطِ الْمَالِكِيَّةُ الرُّؤْيَةَ، فَأَجَازُوا إِجَارَةَ الأَْرْضِ بِقَوْلِهِ: أَكَرِيكَ فَدَّانَيْنِ مِنْ أَرْضِي الَّتِي بِحَوْضِ كَذَا، أَوْ مِائَةَ ذِرَاعٍ مِنْ أَرْضِي الْفُلاَنِيَّةِ، إِذَا كَانَ قَدْ عَيَّنَ الْجِهَةَ الَّتِي يَكُونُ مِنْهَا ذَلِكَ الْقَدْرُ، كَأَنْ يَقُول: مِنَ الْجِهَةِ الْبَحْرِيَّةِ، أَوْ لَمْ يُعَيِّنِ الْجِهَةَ، لَكِنْ تَسَاوَتِ الأَْرْضُ فِي الْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلأَْرْضِ الزِّرَاعِيَّةِ. فَإِنْ لَمْ تُعَيَّنِ الْجِهَةُ، وَاخْتَلَفَتِ الأَْرْضُ مِنْ نَاحِيَةِ الْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ، فَلاَ يَجُوزُ إِلاَّ بِالتَّعْيِينِ، إِلاَّ إِذَا كَانَ يُؤَجِّرُ لَهُ قَدْرًا شَائِعًا مِنْهَا كَالرُّبُعِ وَالنِّصْفِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ دُونَ تَعْيِينِ الْجِهَةِ الَّتِي يَكُونُ فِيهَا الْجُزْءُ. (٢)
وَاشْتَرَطَ الْجُمْهُورُ لِجَوَازِ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ لَهَا مَاءٌ مَأْمُونٌ دَائِمٌ لِلزِّرَاعَةِ، يُؤْمَنُ انْقِطَاعُهُ؛ لأَِنَّ الإِْجَارَةَ لاَ تَجُوزُ إِلاَّ عَلَى عَيْنٍ يُمْكِنُ اسْتِيفَاءُ الْمَنْفَعَةِ مِنْهَا، فَتَصِحُّ إِجَارَةُ الأَْرْضِ الزِّرَاعِيَّةِ، مَا دَامَتْ تُسْقَى مِنْ نَهْرٍ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِانْقِطَاعِهِ وَقْتَ طَلَبِ السَّقْيِ، أَوْ مِنْ عَيْنٍ أَوْ بِرْكَةٍ أَوْ بِئْرٍ أَوْ أَمْطَارٍ تَقُومُ بِكِفَايَتِهَا، أَوْ بِهَا نَبَاتٌ يَشْرَبُ بِعُرُوقِهِ مِنْ مَاءٍ قَرِيبٍ تَحْتَ سَطْحِ الأَْرْضِ. وَهَذَا مَا صَرَّحَ بِهِ كُلٌّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ مُقْتَضَى مَا اشْتَرَطَهُ الْحَنَفِيَّةُ مِنْ أَنْ تَكُونَ الْمَنْفَعَةُ الْمَعْقُودُ عَلَيْهَا مَقْدُورَةً حَقِيقَةً وَشَرْعًا. (٣)
أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَقَدْ أَجَازُوا كِرَاءَ أَرْضِ الْمَطَرِ لِلزِّرَاعَةِ، وَلَوْ لِسِنِينَ طَوِيلَةٍ، إِنْ لَمْ يُشْتَرَطِ النَّقْدُ،
(١) المغني ٦ / ٨٨
(٢) حاشية الدسوقي ٤ / ٤٦
(٣) نهاية المحتاج ٣ / ٣٦٩، والمهذب ١ / ٣٩٥، والقليوبي ٣ / ٧٠، وكشاف القناع ٤ / ١١، والبديع ٤ / ١٨٧
سَوَاءٌ حَصَل نَقْدٌ بِالْفِعْل تَطَوُّعًا بَعْدَ الْعَقْدِ أَمْ لاَ. أَمَّا إِذَا كَانَتِ الأَْرْضُ مَأْمُونَةً لِتَحَقُّقِ رَيِّهَا مِنْ مَطَرٍ مُعْتَادٍ، أَوْ مِنْ نَهْرٍ لاَ يَنْقَطِعُ مَاؤُهُ، أَوْ عَيْنٍ لاَ يَنْضُبُ مَاؤُهَا، فَيَجُوزُ كِرَاؤُهَا بِالنَّقْدِ وَلَوْ لِمُدَّةٍ طَوِيلَةٍ. وَقَالُوا: إِنَّهُ يَجِبُ النَّقْدُ فِي الأَْرْضِ الْمَأْمُونَةِ بِالرَّيِّ بِالْفِعْل وَالتَّمَكُّنِ مِنَ الاِنْتِفَاعِ بِهَا.
وَإِذَا وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى مَنْفَعَةِ أَرْضِ الزِّرَاعَةِ، وَسَكَتَ عَنِ اشْتِرَاطِ النَّقْدِ وَعَدَمِهِ، أَوِ اشْتَرَطَ عَدَمَهُ حِينَ الْعَقْدِ، فَإِنَّهُ يُقْضَى بِهِ فِي الأَْرْضِ الَّتِي تُسْقَى بِمَاءِ الأَْنْهَارِ الدَّائِمَةِ إِذَا رُوِيَتْ وَتَمَكَّنَ مِنَ الاِنْتِفَاعِ بِهَا بِكَشْفِ الْمَاءِ عَنْهَا، وَأَمَّا الأَْرْضُ الَّتِي تُسْقَى بِالْمَطَرِ وَالْعُيُونِ وَالآْبَارِ فَلاَ يُقْضَى بِالنَّقْدِ فِيهَا.
لَكِنَّ الشَّافِعِيَّةَ وَالْحَنَابِلَةَ اشْتَرَطُوا أَنْ يَكُونَ الْمَاءُ مَأْمُونًا كَمَاءِ الْعَيْنِ وَنَحْوِهِ، إِلاَّ إِذَا تَمَّ زَرْعُهَا وَاسْتَغْنَى عَنِ الْمَاءِ. (١)
وَاتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ مَا لاَ يَتِمُّ الاِنْتِفَاعُ بِالأَْرْضِ إِلاَّ بِهِ كَالشِّرْبِ وَالطَّرِيقِ يَدْخُل تَبَعًا فِي عَقْدِ الإِْجَارَةِ وَإِنْ لَمْ يُنَصَّ عَلَيْهِ.
إِجَارَةُ الأَْرْضِ بِبَعْضِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا:
٨٣ - إِذَا كَانَتْ أُجْرَتُهَا مِمَّا تُنْبِتُهُ فَفِي ذَلِكَ خِلاَفٌ، فَالْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ أَجَازُوا إِجَارَتَهَا بِبَعْضِ الْخَارِجِ مِنْهَا؛ لأَِنَّهَا مَنْفَعَةٌ مَقْصُودَةٌ مَعْهُودَةٌ فِيهَا، وَمَنَعَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ إِجَارَتَهَا بِبَعْضِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا قِيَاسًا عَلَى قَفِيزِ الطَّحَّانِ، وَقَيَّدُوا جَوَازَ تَأْجِيرِهَا لِلزِّرَاعَةِ بِأَنْ يَكُونَ لَهَا مَاءٌ تُسْقَى بِهِ، وَلَوْ مَاءُ الْمَطَرِ، إِلاَّ إِذَا كَانَتْ
(١) كشاف القناع ٤ / ١١، والمهذب ١ / ٣٤٥، ونهاية المحتاج ٥ / ٣١٨، ١٣٥٧ هـ
1 / 278