230

al-Mawsūʿa al-Fiqhiyya al-Kuwaytiyya

الموسوعة الفقهية الكويتية

Edition Number

من ١٤٠٤

Publication Year

١٤٢٧ هـ

Genres

حُكْمُهَا:
١١ - لِلشَّهَادَةِ حَالَتَانِ: حَالَةُ تَحَمُّلٍ، وَحَالَةُ أَدَاءٍ.
فَأَمَّا التَّحَمُّل، وَهُوَ أَنْ يُدْعَى الشَّخْصُ لِيَشْهَدَ وَيَحْفَظَ الشَّهَادَةَ، فَإِنَّ ذَلِكَ فَرْضُ كِفَايَةٍ إِذَا قَامَ بِهِ الْبَعْضُ سَقَطَ عَنِ الْبَاقِينَ. فَإِنْ تَعَيَّنَ بِحَيْثُ لاَ يُوجَدُ غَيْرُهُ كَانَ فَرْضًا عَلَيْهِ. وَأَمَّا الأَْدَاءُ، وَهُوَ أَنْ يُدْعَى الشَّخْصُ لِيَشْهَدَ بِمَا عَلِمَهُ، فَإِنَّ ذَلِكَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَلاَ يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا﴾ وقَوْله تَعَالَى ﴿وَلاَ تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ﴾ (١)
دَلِيل مَشْرُوعِيَّتِهَا:
١٢ - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ جَمِيعًا عَلَى أَنَّ الشَّهَادَةَ مِنْ طُرُقِ الْقَضَاءِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ﴾ (٢)
وَقَوْلِهِ ﷺ: الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ. (٣) وَقَدْ أَجْمَعَتِ الأُْمَّةُ عَلَى أَنَّهَا حُجَّةٌ يُبْنَى عَلَيْهَا الْحُكْمُ.
مَدَى حُجِّيَّتِهَا:
١٣ - الشَّهَادَةُ حُجَّةٌ مُتَعَدِّيَةٌ، أَيْ ثَابِتَةٌ فِي حَقِّ جَمِيعِ النَّاسِ غَيْرُ مُقْتَصِرَةٍ عَلَى الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ، لَكِنَّهَا لَيْسَتْ حُجَّةً بِنَفْسِهَا إِذْ لاَ تَكُونُ مُلْزِمَةً إِلاَّ إِذَا اتَّصَل بِهَا الْقَضَاءُ. وَتَفْصِيل أَحْكَامِ الشَّهَادَةِ يُرْجَعُ إِلَيْهِ فِي مَوْطِنِهِ فِي مُصْطَلَحِ (شَهَادَة) .

(١) سورة البقرة ٢٨٢، ٢٨٣، وتبصرة الحكام على هامش فتح العلي المالك ٢٠٥، ٢٠٦ ط الحلبي الأخيرة.
(٢) سورة البقرة / ٢٨٢.
(٣) سبق تخريجه ص ٢٣٢ ح ٣.
الْقَضَاءُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ:
١٤ - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْقَضَاءِ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ:
فَذَهَبَ الأَْئِمَّةُ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَالْفُقَهَاءُ السَّبْعَةُ الْمَدَنِيُّونَ إِلَى أَنَّهُ يُقْضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ فِي الأَْمْوَال وَمَا يَئُول إِلَيْهَا دُونَ غَيْرِهَا.
وَذَهَبَ الإِْمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَالأَْوْزَاعِيُّ وَجُمْهُورُ أَهْل الْعِرَاقِ إِلَى أَنَّهُ لاَ يُقْضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ فِي شَيْءٍ.
وَقَدِ اسْتَدَل الإِْمَامُ مَالِكٌ وَمَنْ مَعَهُ بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ. (١)
١٥ - وَالْقَائِلُونَ بِالْقَضَاءِ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ اخْتَلَفُوا فِي الْيَمِينِ مَعَ الْمَرْأَتَيْنِ:
فَقَال الْمَالِكِيَّةُ يَجُوزُ؛ لأَِنَّ الْمَرْأَتَيْنِ قَامَتَا مَقَامَ الْوَاحِدِ مَعَ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ، وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ لاَ تُقْبَل الْيَمِينُ مَعَ شَهَادَةِ امْرَأَتَيْنِ؛ لأَِنَّ شَهَادَةَ الْمَرْأَتَيْنِ إِنَّمَا اعْتُبِرَتْ فِيمَا لَوْ كَانَتْ شَهَادَتُهُمَا مَعَ شَهَادَةِ رَجُلٍ. وَفِي الْقَضَاءِ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ فِي الْحُدُودِ الَّتِي هِيَ حَقُّ النَّاسِ خَاصَّةً كَحَدِّ الْقَذْفِ قَوْلاَنِ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ (٢) .

(١) حديث ابن عباس: " أن رسول الله ﷺ قضى بالشاهد مع اليمين " أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه بلفظ " أن رسول الله ﷺ قضى بيمين وشاهد " (نصب الراية ٤ / ٩٦)
(٢) بداية المجتهد لابن رشد ٢ / ٥٠٧ ط مكتبة الكليات الأزهرية، وتبصرة الحكام ١ / ٢٦٨ ط الحلبي، ونهاية المحتاج ٨ / ٣٣٠ ط المكتبة الإسلامية، والمغني والشرح الكبير ١٢ / ١٠، ١٣

1 / 236