al-Mawsūʿa al-Fiqhiyya al-Kuwaytiyya
الموسوعة الفقهية الكويتية
Edition Number
من ١٤٠٤
Publication Year
١٤٢٧ هـ
Genres
مَعَهَا رَاعٍ فِيهِ كِفَايَةُ الْحِفْظِ، أَوْ مَعَهَا مَنْ لَهُ يَدٌ عَلَيْهَا وَلَمْ يَمْنَعْهَا فَإِنَّهُ يَضْمَنُ اتِّفَاقًا مَا أَتْلَفَتْهُ مِنْ زَرْعٍ وَغَيْرِهِ (١) أَمَّا إِذَا كَانَتْ وَحْدَهَا فَقَدْ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ لاَ يَضْمَنُ مَالِكُهَا؛ لأَِنَّهَا لاَ تُتْلِفُ غَيْرَ الزَّرْعِ عَادَةً، وَلِحَدِيثِ الْعَجْمَاءُ جُبَارٌ (٢) كَمَا أَنَّهُ لَوْ جَمَحَتِ الدَّابَّةُ بِالرَّاكِبِ، وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى رَدِّهَا، فَإِنَّهُ لاَ يَضْمَنُ، كَالْمُنْفَلِتَةِ؛ لأَِنَّ الرَّاكِبَ حِينَئِذٍ لَيْسَ بِمُسَيِّرٍ لَهَا، فَلاَ يُضَافُ سَيْرُهَا إِلَيْهِ. وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: لاَ ضَمَانَ إِلاَّ إِذَا كَانَتْ مِنْ شَأْنِهَا الاِعْتِدَاءُ، فَإِنَّهُ يَضْمَنُ حَيْثُ فَرَّطَ فِي حِفْظِهَا. أَمَّا الشَّافِعِيَّةُ فَالْمُعْتَمَدُ عِنْدَهُمُ الضَّمَانُ.
٣٢ - مَا تَقَدَّمَ كُلُّهُ خَاصٌّ بِمَا يُمْكِنُ مَنْعُهُ مِنَ الْبَهَائِمِ وَالدَّوَابِّ، أَمَّا مَا لاَ يُمْكِنُ مَنْعُهُ، كَالْحَمَامِ وَالنَّحْل، فَإِنَّهُ لاَ ضَمَانَ فِيمَا أَتْلَفَهُ؛ لأَِنَّهُ لاَ يَدْخُل تَحْتَ الْيَدِ. وَقَدْ أَفْتَى الْبُلْقِينِيُّ، مِنَ الشَّافِعِيَّةِ فِي نَحْلٍ قَتَل جَمَلًا بِأَنَّهُ هَدَرٌ، لِتَقْصِيرِ صَاحِبِهِ دُونَ صَاحِبِ النَّحْل. وَقَدْ ذَكَرَ الْفُقَهَاءُ صُوَرًا كَثِيرَةً حَوْل هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ. (٣)
٣٣ - مُوجِبُ الإِْتْلاَفِ الضَّمَانُ وَذَلِكَ فِي إِحْدَى حَالَتَيْنِ:
١ - بِإِتْلاَفِ مَال الْغَيْرِ الْمُحْتَرَمِ شَرْعًا بِغَيْرِ إِذْنٍ مِنَ الشَّارِعِ وَمِنْ صَاحِبِهِ، وَفِي حُكْمِهِ إِتْلاَفُ الأَْمْوَال الْعَامَّةِ مِنْ غَيْرِ الْمُبَاحَاتِ.
٢ - إِتْلاَفُ مَال الْغَيْرِ الْمُحْتَرَمِ شَرْعًا بِإِذْنٍ مِنَ الشَّارِعِ لِلضَّرُورَةِ بِغَيْرِ رِضَا صَاحِبِ الْمَال.
(١) الدر المختار بحاشية ابن عابدين ٣ / ٤٤٠، ٥ / ٥٣٤، والشرح الصغير ٤ / ٥٠٧ - ٥٠٩، والتاج والإكليل بهامش مواهب الجليل ٦ / ٣٢٣، ونهاية المحتاج ٨ / ٣٩، والمغني والشرح الكبير ١٠ / ٣٥٦.
(٢) حديث " العجماء جرحها جبار " سبق تخريجه.
(٣) المراجع السابقة.
وَقَدْ يَنْحَصِرُ مُوجِبُ الإِْتْلاَفِ فِي الإِْثْمِ فَقَطْ، كَمَا إِذَا أَتْلَفَ لِنَفْسِهِ مَالًا يَنْتَفِعُ بِهِ.
مَا يُشْتَرَطُ لِضَمَانِ الْمُتْلَفَاتِ:
٣٤ - ذَكَرَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ شُرُوطًا هَذِهِ خُلاَصَتُهَا:
١ - أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ الْمُتْلَفُ مَالًا، فَلاَ يَجِبُ الضَّمَانُ بِإِتْلاَفِ الْمَيْتَةِ وَالدَّمِ وَجِلْدِ الْمَيْتَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَيْسَ بِمَالٍ.
٢ - أَنْ يَكُونَ مُتَقَوِّمًا، فَلاَ يَجِبُ الضَّمَانُ بِإِتْلاَفِ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ عَلَى الْمُسْلِمِ، سَوَاءٌ كَانَ الْمُتْلِفُ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا لِسُقُوطِ تَقَوُّمِ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ.
٣ - أَنْ يَكُونَ الْمُتْلِفُ مِنْ أَهْل وُجُوبِ الضَّمَانِ عَلَيْهِ، فَلَوْ أَتْلَفَتْ بَهِيمَةٌ مَال إِنْسَانٍ فَإِنَّهُ لاَ يَجِبُ الضَّمَانُ، عَلَى التَّفْصِيل السَّابِقِ ذِكْرُهُ. وَلَوْ أَتْلَفَ الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ نَفْسًا أَوْ مَالًا لَزِمَ الضَّمَانُ، لِعَدَمِ تَوَقُّفِ ذَلِكَ عَلَى الْقَصْدِ، وَإِحْيَاءً لِحَقِّ الْمُتْلَفِ عَلَيْهِ. وَضَمَانُ الْمَال يَكُونُ فِي مَالِهِمَا، أَمَّا ضَمَانُ النَّفْسِ فَعَلَى الْعَاقِلَةِ. وَنَقَل صَاحِبُ الدُّرِّ عَنِ الأَْشْبَاهِ: الصَّبِيُّ الْمَحْجُورُ مُؤَاخَذٌ بِأَفْعَالِهِ، فَيَضْمَنُ مَا أَتْلَفَهُ مِنَ الْمَال لِلْحَال. وَإِذَا قَتَل فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ، إِلاَّ فِي مَسَائِل مُسْتَثْنَاةٍ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ فِيهَا: لَوْ أَتْلَفَ مَا اقْتَرَضَهُ، وَمَا أُودِعَ عِنْدَهُ بِلاَ إِذْنِ وَلِيِّهِ، وَمَا أُعِيرَ لَهُ، وَمَا بِيعَ مِنْهُ بِلاَ إِذْنٍ. وَأَطَال ابْنُ عَابِدِينَ فِي التَّعْلِيقِ عَلَى بَعْضِ الْمُسْتَثْنَيَاتِ. (١)
(١) البدائع ٧ / ١٦٨، وحاشية ابن عابدين ٥ / ١٢٥، ١٢٦ والشرح الصغير ٤ / ٤٠٠، ٤٠٥، ونهاية المحتاج ٧ / ٣٦٤ - ٣٦٥، والمغني مع الشرح الكبير ٩ / ٥٦٨.
1 / 225