al-Mawsūʿa al-Fiqhiyya al-Kuwaytiyya
الموسوعة الفقهية الكويتية
Edition Number
من ١٤٠٤
Publication Year
١٤٢٧ هـ
Genres
بَل يَقُولُونَ: إِنَّ إِطْلاَقَ الْقِرَاضِ عَلَيْهِ مَجَازٌ (١) . وَمِنْ هُنَا يَتَبَيَّنُ أَنَّ الْمَالِكِيَّةَ رَأْيُهُمْ كَرَأْيِ الْحَنَفِيَّةِ وَإِنْ كَانُوا يُخَالِفُونَ فِي التَّسْمِيَةِ.
وَعَلَى هَذَا فَإِنَّ مَنِ اعْتَبَرَ مِثْل هَذَا الْعَقْدِ صَحِيحًا فَلاَ يَرَى أَنَّ الْعَامِل يَسْتَحِقُّ شَيْئًا بَل هُوَ مُتَبَرِّعٌ بِالْعَمَل. وَأَمَّا مَنِ اعْتَبَرَهُ فَاسِدًا فَيُوجِبُ لَهُ أَجْرَ الْمِثْل.
وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ اعْتَبَرَ حَال الْعَامِل، فَإِنْ كَانَ يَجْهَل حُكْمَ الإِْبْضَاعِ وَأَنَّهُ لاَ يُوجِبُ لَهُ أَجْرًا وَلاَ جُزْءًا مِنَ الرِّبْحِ فَإِنَّهُمْ يَرَوْنَ أَنَّ لَهُ أَجْرَ الْمِثْل. وَيُنْسَبُ هَذَا الرَّأْيُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ. وَجَهْل مِثْل هَذَا الْحُكْمِ مِمَّا يُعْذَرُ بِهِ بَعْضُ النَّاسِ. (٢)
مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الإِْبْضَاعِ بِلَفْظِ الْمُضَارَبَةِ:
٦ - يَذْكُرُ الْحَنَابِلَةُ أَنَّ رَبَّ الْمَال إِذَا قَال لِلْعَامِل: خُذْ هَذَا الْمَال مُضَارَبَةً وَلِي رِبْحُهُ كُلُّهُ، لَمْ يَصِحَّ مُضَارَبَةً. وَلاَ أُجْرَةَ لَهُ عَلَى الصَّحِيحِ لأَِنَّ الْعَامِل رَضِيَ بِالْعَمَل بِغَيْرِ عِوَضٍ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَعَانَهُ فِي شَيْءٍ وَتَوَكَّل لَهُ بِغَيْرِ جُعْلٍ. (٣)
الإِْبْضَاعُ بِأَلْفَاظٍ أُخْرَى:
٧ - يَتَحَقَّقُ الإِْبْضَاعُ بِعِبَارَاتٍ تَدُل عَلَيْهِ، وَلَوْ لَمْ يُصَرِّحْ بِلَفْظِ الإِْبْضَاعِ، مِنْهَا قَوْل رَبِّ الْمَال: خُذْ هَذَا الْمَال وَاتَّجِرْ فِيهِ، أَوْ تَصَرَّفَ فِيهِ، أَوْ خُذْهُ وَالرِّبْحُ كُلُّهُ
(١) بدائع الصنائع ٦ / ٨٦، والمغني والشرح الكبير ٥ / ١١٢، ١٣٧، وأسهل المدارك ٢ / ٣٥٤، وبلغة السالك ٢ / ٢٤٩
(٢) المهذب ١ / ٣٨٥، ونهاية المحتاج وحواشيه ٥ / ٢٢٤، والخرشي ٤ / ٤٢٥، والشرح الصغير ٢ / ٢٤٩، وابن قاسم على التحفة ٦ / ٨٩، ومطالب أولي النهى ٣ / ٥١٨، والإنصاف ٥ / ٤٢٨، المغني ٥ / ١٣٦.
(٣) شرح المنتهى ٢ / ٣٢٨، والمغني لابن قدامة ٥ / ٦٥ ط الثالثة.
لِي. فَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الْعَقْدَ يَكُونُ إِبْضَاعًا؛ لأَِنَّ اللَّفْظَ فِي هَذِهِ الأَْحْوَال يَحْتَمِل الْقِرَاضَ وَالْقَرْضَ وَالإِْبْضَاعَ، وَقَدْ قُرِنَ بِهِ حُكْمُ الإِْبْضَاعِ، وَهُوَ أَنَّ الرِّبْحَ كُلَّهُ لِرَبِّ الْمَال، فَيَنْصَرِفُ إِلَى الإِْبْضَاعِ. (١) وَهُوَ مَا يُفْهَمُ مِنْ قَوَاعِدِ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ.
كَمَا يَتَحَقَّقُ فِي صُورَةِ مَا إِذَا دَفَعَ إِلَيْهِ أَلْفًا وَقَال: أَضِفْ إِلَيْهِ أَلْفًا مِنْ عِنْدِكَ، وَاتَّجِرْ فِيهِ، وَالرِّبْحُ بَيْنَنَا نِصْفَانِ، فَإِنَّهُ يَكُونُ إِبْضَاعًا عَلَى مَا سَبَقَ (ف ٤)
اجْتِمَاعُ الإِْبْضَاعِ وَالْمُضَارَبَةِ:
٨ - إِذَا دَفَعَ نِصْفَ الْمَال بِضَاعَةً وَنِصْفَهُ مُضَارَبَةً فَقَبَضَ الْمُضَارِبُ عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ جَائِزٌ، وَالْمَال عَلَى مَا سَمَّيَا مِنَ الْمُضَارَبَةِ وَالإِْبْضَاعِ، وَالْخَسَارَةُ عَلَى رَبِّ الْمَال، وَنِصْفُ الرِّبْحِ لِرَبِّ الْمَال، وَنِصْفُهُ الآْخَرُ عَلَى مَا شَرَطَا؛ لأَِنَّ الشُّيُوعَ لاَ يَمْنَعُ مِنَ الْعَمَل فِي الْمَال مُضَارَبَةً وَبِضَاعَةً، وَجَازَتِ الْمُضَارَبَةُ وَالْبِضَاعَةُ.
وَإِنَّمَا كَانَتِ الْخَسَارَةُ عَلَى رَبِّ الْمَال لأَِنَّهُ لاَ ضَمَانَ عَلَى الْمُبْضِعِ وَالْمُضَارِبِ فِي الْبِضَاعَةِ وَالْمُضَارَبَةِ، وَحِصَّةُ الْبِضَاعَةِ مِنَ الرِّبْحِ لِرَبِّ الْمَال خَاصَّةً لأَِنَّ الْمُبْضَعَ لاَ يَسْتَحِقُّ الرِّبْحَ. (٢)
شُرُوطُ الصِّحَّةِ:
٩ - شُرُوطُ صِحَّةِ الإِْبْضَاعِ لاَ تَخْرُجُ فِي الْجُمْلَةِ عَمَّا اشْتُرِطَ فِي صِحَّةِ الْمُضَارَبَةِ مَا عَدَا الشُّرُوطَ الْمُتَعَلِّقَةَ
(١) المهذب ١ / ٣٨٥، ونهاية المحتاج وحواشيه ٥ / ٢٢٤، والمغني مع الشرح الكبير ٥ / ١١٢، ١٣١، والمقنع ٢ / ١٧٢.
(٢) بدائع الصنائع ٦ / ٨٣
1 / 174