49

Kull Shay Wa Akthar

كل شيء وأكثر: تاريخ موجز للانهائية

Genres

نظرا لأن المصدر «أن يكون» يمكن أن يعني كل أنواع المفاهيم المختلفةمثل: «أنا (أكون) خائفا»، أو «هو (يكون) ديمقراطيا»، أو «إنها (تكون) تمطر»، أو «أنا (أكون) أنا» (الأقواس هنا للإشارة إلى أن الفعل (يكون) يأتي مستترا في العربية)، ولكن يمكنك أن ترى أن التأكيد على هذه الحالة سوف يؤدي سريعا إلى طرح الأسئلة الأكثر عمقا في المفارقة، وتكون هذه الأسئلة هنا (مرة أخرى) ذات طابع ميتافيزيقي: ما الذي تعنيه بالضبط هذه المفاهيم المختلفة للمصدر المؤول (أن يكون)، وما الذي يعنيه على وجه التحديد المفهوم الأكثر تخصيصا للمصدر المؤول (أن يوجد)، أي ما هي أنواع الأشياء الموجودة فعلا، وعلى أي صورة توجد، وهل توجد أنواع مختلفة من الوجود لأنواع مختلفة من الأشياء، وإذا كان الأمر كذلك، فهل تتسم بعض أنواع الوجود بأنها جوهرية أكثر من أنواع أخرى؟ وهكذا.

لعلك لاحظت أننا تناولنا هذه الأنواع من الأسئلة أكثر من مرة بالفعل، ومع ذلك ما زال يفصلنا عن جي كانتور أكثر من 2000 عام. هذه الأسئلة هي العملة الفاسدة الحقيقية في قصة اللانهائية، ولا سبيل لتفاديها إذا كنت لا تريد استرجاع عدد من دروس الرياضيات المجردة عن نظرية المجموعات غير المنتهية. أما الآن، فقد حان الوقت لاستعراض حجة أفلاطون حول الواحد والمتعدد، التي تتمثل في المعالجة الكلاسيكية لهذه الأسئلة حسبما تنطبق على قضية الإسناد ذات الصلة.

لعلك تتذكر أيضا مسألة الواحد والمتعدد من أيام الدراسة، ومن ثم لا داعي للقلق بشأنها؛ لأن ذلك لن يستغرق وقتا طويلا. وفقا لأفلاطون، إذا اشترك شخصان في سمة ما، ومن ثم أصبح من الممكن وصفهما

15

بنفس المحمول المسند: «توم إنسان»، «ديك إنسان»، فهناك إذن شيء ما توجد بموجبه هذه السمة المشتركة لدى توم وديك (بالإضافة إلى كل المرجعيات الأخرى للمرفوع المسند «إنسان»). هذا الشيء هو الشكل السرمدي الكامل للإنسان، وهذا الشكل هو ما يوجد حقا في نهاية المطاف، في حين أن البشر هم مجرد مظاهر مؤقتة من هذا الشكل المطلق، مع نوع من الوجود المستعار أو المستنسخ، مثل الظلال أو الصور المسقطة. ويعد هذا شكلا مبسطا للغاية من قضية الواحد والمتعدد، وحتى عند هذا المستوى يفترض أنه لا يكون من الصعب رؤية تأثير فيثاغورس وبارمينيدس على نظرية المثل الأنطولوجية لأفلاطون، التي تعتبر قضية الواحد والمتعدد جزءا جليا منها.

وهنا تصبح الحقيقة معقدة بعض الشيء. وحسبما يحدث كثيرا فيما يبدو، يشمل هذا التعقيد أرسطو. في واقع الأمر، كان أول ذكر لمسألة الواحد والمتعدد في كتاب «بارمينيدس» لأفلاطون، ولكن ما جعل هذه الحجة يذيع صداها حقا هو كتاب «ما وراء الطبيعة» لأرسطو،

16

الذي نوقشت فيه مسألة الواحد والمتعدد بقدر كبير من الإسهاب بحيث يتسنى لأرسطو محاولة نقضها. يوجد العديد من الكتب الجديرة بالذكر هنا في هذا السياق التي يمكن تخطيها غالبا.

17

والغريب (لأسباب سوف يأتي ذكرها لاحقا) هو أن حجة أرسطو الأكثر شهرة ضد نظرية الأشكال لأفلاطون مستقاة بالنص تقريبا من زينون. هذه الحجة، التي تسمى عادة حجة «الرجل الثالث»، هي في حقيقة الأمر برهنة لقضية الواحد والمتعدد بإثبات نقيضها، وهو برهان من نوع الارتداد اللانهائي المنافي للمنطق بمفهومه القائم على التباعد. بعد ملاحظة أن كلا من الشخصين والشكل السرمدي الكامل للإنسان يشتركان في صفة أو سمة يمكن إسنادها إليه، أوضح أرسطو أنه لا بد من وجود شكل ميتافيزيقي آخر - لنقل مثلا «رجلا» - يتضمن هذه السمة المشتركة، وهو ما يستتبع أيضا شكلا آخر، أي «رجلا»، بما يشمل السمات المشتركة بين رجل و[رجل + رجل] وهكذا، إلى ما لا نهاية.

Unknown page