43

Kull Shay Wa Akthar

كل شيء وأكثر: تاريخ موجز للانهائية

Genres

الفكرة هي أن محاولات الأخوية الدينية الفيثاغورية للتعبير عن العلاقات بين الحقيقة الرياضية والعالم المادي كانت جزءا من مشروع أكبر لفلسفة ما قبل سقراط، الذي كان الهدف منه في الأساس هو إعطاء تفسير عقلاني غير أسطوري لما كان حقيقيا، والمنشأ الذي جاء منه. وقد يكون أهم حتى من الأخوية الدينية الفيثاغورية، فيما يخص اللانهائية، قانون الفيلسوف الصوفي الأول بارمينيدس الإيلي (515-؟ قبل الميلاد) ليس فقط لأن تمييزه بين «طريق الحقيقة» و«طريق الظاهر» قد شكل مصطلحات الميتافيزيقا الإغريقية (ومرة أخرى) أثر في أفلاطون، ولكن لأن التلميذ الأول لبارمينيدس والمدافع عنه كان زينون الإيلي، الذي هو الفيلسوف الإغريقي الأكثر ذكاء ومشاكسة (والذي يمكن أن يرى حقا وهو يجادل سقراط ويشاكسه، دافعا بالحجة، في كتاب «محاورة بارمينيدس» لأفلاطون). اتخذت حجج زينون عن الميتافيزيقا البارمينيدية - على النحو المذكور عنها - شكل عدد من المفارقات الأكثر عمقا وحسما في تاريخ العالم. وتأييدا لعلاقة هذه المفارقات الحاسمة بموضوعنا الشامل، إليكم اقتباسا آخر عن بي راسل:

في هذا العالم المتقلب لا شيء أكثر تقلبا من الشهرة بعد الوفاة. وأحد أبرز الأمثلة على افتقار الأجيال القادمة إلى ملكة التمييز والحكم الجيد على الأمور هو زينون الإيلي [...]، الذي ربما ينظر إليه باعتباره مؤسس فلسفة اللانهائية. فقد وضع أربع حجج، جميعها غاية في البراعة والعمق، لإثبات أن الحركة مستحيلة منطقيا، وأن أخيل لا يمكنه أن يسبق السلحفاة، وأن السهم الطائر هو في الواقع عديم الحركة. وبعد دحض هذه الحجج وتفنيدها على يد أرسطو وعلى يد كل الفلاسفة اللاحقين منذ ذلك اليوم وحتى زماننا، أعيدت هذه الحجج، وشكلت الأساس لقيام نهضة رياضية، على يد أستاذ ألماني ربما لم يحلم قط بأي صلة بينه وبين زينون.

إحقاقا للحق، الميتافيزيقا البارمينيدية - التي هي أكثر غرابة من الميتافيزيقا الفيثاغورية، وإذا استرجعنا الماضي فإنها تبدو أكثر شبها بديانات الشرق عنها بالفلسفة الغربية - يمكن وصفها بأنها نوع من الوحدانية الثابتة،

6

ومن ثم فإن مفارقات زينون (التي يتجاوز عددها في الحقيقة الأربعة) موجهة ضد حقيقة (1) التعددية و(2) الاتصال. وفيما يخص نقاشنا الحالي، فإن ما يعنينا هو «الاتصال»، الذي يتخذ عند زينون، كما يشير راسل، شكل الحركة المادية المنتظمة.

تعرف حجة زينون الأساسية ضد حقيقة الحركة بالتقسيم الثنائي («الديخوتومي»). وتبدو بسيطة للغاية وقد استخدمت في اثنين من أشهر مفارقاته، «مضمار السباق» و«أخيل والسلحفاة». واستخدم التقسيم الثنائي وناقشه لاحقا، بكل أنواع الإعدادات والأجندات المختلفة، كل من أفلاطون وأرسطو وأجريبا وأفلوطين والقديس توما الإكويني ولايبنتس وجيه إس ميل وإف إتش برادلي ودبليو جيمس (ناهيك عن دي هوفستادتر في كتابه «جودل، إيشر، باخ: الجديلة الذهبية الأبدية»). وهكذا تجري الأمور.

7

أنت تقف في زاوية والضوء يتغير، وتحاول أن تعبر الطريق. لاحظ الفعل «تحاول»؛ ذلك لأنك قبل أن تتمكن من عبور الطريق بالكامل، عليك أن تصل إلى منتصف المسافة. وقبل أن تصل إلى منتصف المسافة، عليك أن تصل إلى ربع المسافة. وهذا أمر بديهي. وقبل أن تتمكن من الوصول إلى ربع المسافة، من البديهي أنك لا بد أن تصل إلى ثمن المسافة، وقبل الثمن، واحد على ستة عشر، وهكذا إلى ما لا نهاية. ولنتناول الأمر بطريقة أكثر تشويقا، تكمن المفارقة هنا أن الشخص السائر في الطريق لا يمكنه التحرك من النقطة

إلى النقطة

دون عبور كل المسافات الجزئية المتعاقبة للمسافة ، وطول كل مسافة جزئية يساوي ، حيث تكون قيم

Unknown page