40

Kull Shay Wa Akthar

كل شيء وأكثر: تاريخ موجز للانهائية

Genres

ذلك فقط لأن الخيط الرفيع لشيء ما لا يعني أنه ليس خطا، رغم ذلك. التفكير الرياضي مجرد، ولكنه أيضا تفكير يتحكم فيه الأفراد أو المؤسسات الخاصة، ويركز على تحقيق النتائج. ومن ثم، فإن الفرق بين نظرية رياضية عبقرية وجديدة من نوعها وأخرى مجنونة ولا عقلانية يكمن في كل ما يمكن القيام به باستخدام هذه النظرية، من حيث كونها تحقق نتائج ذات دلالة أو لا. فيما يلي شرح جي إتش هاردي لمفهوم «النتائج ذات الدلالة»:

قد نقول على نحو عام إن فكرة رياضية ما تكون «ذات دلالة» إذا كان من الممكن ربطها، بطريقة طبيعية ومستنيرة بمجموعة كبيرة ومعقدة من الأفكار الرياضية الأخرى. ومن ثم، فإن أي نظرية رياضية ذات دلالة، أي نظرية تربط بين أفكار ذات دلالة، من المرجح أن تسفر عن تطورات مهمة في الرياضيات نفسها، بل وفي علوم أخرى كذلك.

هذه بالضبط هي الطريقة التي أصبحت بها نظريات جي إف إل بي كانتور عن المجموعات غير المنتهية والأعداد فوق المنتهية ذات دلالة في نهاية المطاف. ويعزى سبب ذلك في جزء منه إلى أن كانتور كان عالم رياضيات يهتم بالتفاصيل الدقيقة إلى أقصى درجة وتوصل إلى براهين بارعة للخصائص الشكلية المهمة التي جعلت من أفكاره نظريات حقيقية بدلا من أن تكون مجرد فرضيات حماسية. ولكن هناك أيضا أسباب أخرى. لقد افترض جاليليو نفسه أن النتيجة الحقيقية لمفارقته هي أن «المسند «يساوي» و«أكبر» و«أصغر» لا ينطبق على الكميات غير المنتهية، ولكن فقط على الكميات المنتهية». مع ذلك، لم يأخذ أحد هذا الأمر بجدية، وذلك ليس بسبب الغباء؛ الرياضيات لا تميل إلى أن تكون حافلة بالأغبياء أو ذوي التفكير المنغلق. ولكن الزمن لم يكن مهيأ بالمعنى الحرفي للكلمة لاقتراحات جاليليو، كما أنه لم تكن قد استحدثت بعد الأدوات الرياضية المناسبة للتعامل معها بوصفها نظرية حقيقية، حتى إن أراد جاليليو ذلك ... وهو ما لم يرده، وانطلاقا من هذه الحقيقة سيكون من الخطأ استنتاج أنه لم يكن في مثل عبقرية جي كانتور. وعلى غرار غالبية الرواد العظماء الذين أحدثوا ثورة في الرياضيات أو العلوم، كان كانتور رجل زمانه ومكانه تماما، وكانت إنجازاته الاقتران الطبيعي بين الذكاء الشخصي الفائق للعادة والشجاعة،

28

والسياق الصحيح للمسائل العامة والشروط التي - عند النظر إليها لاحقا - تميل إلى جعل التقدم الفكري يبدو أمرا حتميا لا مفر منه؛ ومن ثم يبدو مؤلفوها شيئا عارضا قليل الأهمية نوعا ما.

والآن دعونا نتناول الأمر من منظور آخر، الرياضيات هرمية تراكمية؛ فكانتور لم يأت فجأة من اللامكان. ومن ثم، فإن التقدير الحقيقي يتطلب استيعاب المفاهيم والمشكلات التي ساعدت على ظهور نظرية المجموعات وجعلت رياضيات الأعداد فوق المنتهية مهمة بمفهوم هاردي. لقد استغرق ذلك بعض الوقت، ولكن بما أن طبيعة النقاش أنه هرمي في حد ذاته، يمكننا أن نمضي قدما بأسلوب مرتب بعض الشيء، والموضوع كله لن يكون تقريبا مجردا واستطراديا مثل هذه المقدمة التمهيدية.

هوامش

الجزء الثاني

الجزء 2(أ)

حان الآن إعلان البداية الحقيقية. هناك طريقتان لتتبع سياق نظرية المجموعات لكانتور. تتمثل الطريقة الأولى في الحديث عن العلاقة المتداخلة المجردة بين اللانهائية والنهاية على مدى تطور الرياضيات. بينما تتمثل الطريقة الثانية في فحص الصراع التاريخي للرياضيات مع تمثيل الاتصال، أي جوانب الحركة المتعاقبة بكثافة و/أو المتدفقة بسلاسة وعمليات العالم الحقيقي. أي شخص حتى لو كانت لديه معلومات مشوشة للغاية في ذاكرته في مقرر الرياضيات الجامعي لن يغيب عن ذهنه أن الاتصال والنهاية هما إلى حد كبير الركيزة التي يقوم عليها حساب التفاضل والتكامل، وربما لا يغيب عن ذهنه أيضا أن لهما نفس الأصول العامة في الميتافيزيقا لدى الإغريق، ولهما مصفوفتهما الخاصة في كتابات زينون الإيلي (490-435 قبل الميلاد)، الذي توفي وهو يقضم بأسنانه أذن حاكم إيليا المستبد نيركوس الأول (وهي قصة طويلة)، والذي كانت المفارقات التي سميت باسمه نقطة الانطلاق لكل شيء.

Unknown page