Book of Baghdad
كتاب بغداد
Investigator
السيد عزت العطار الحسيني
Publisher
مكتبة الخانجي
Edition Number
الثالثة
Publication Year
1423 AH
Publisher Location
القاهرة
Genres
History
لي إِن حسنت بِهِ حَاله، ولطفت لَهُ منزلَة. قَالَ: فَقَالَ يحيى يَا أَبَا معن: أَنا صنيعتك وَابْن عمك. فخبرني سراج خَادِم ثُمَامَة أَنه بلغ من مقاربة يحيى لثمامة وَطلب الْمنزلَة عِنْده أَنه جعل يتَعَلَّم القَوْل بالاعتزال. قَالَ: فَلَمَّا خصن حَال يحيى وَوَقع بَينه وَبَين ثُمَامَة مَا وَقع من الشَّرّ والمباينة والمحادثات عِنْد الْمَأْمُون فَجرى لَهُم من الْمجَالِس فِي الْكَلَام وَالْخلاف مَا قد أثر وَكتب قَالَ يحيى يَوْمًا يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ: بَلغنِي أَن رجلا يزْعم أَنه يفرق بَين مَا اخْتلفت فِيهِ الْأمة فِي حرفين. فَقَالَ لَهُ ثُمَامَة ياأمير الْمُؤمنِينَ: إيَّايَ اعترى ولي فِي قَوْله غناء. نعم أَنا أفرق بَين مَا اخْتلفت فِيهِ الْأمة بحرفين إِلَّا أَنِّي أزداد حرفا ثَالِثا لتفهمه مَعَ الْخَاصَّة. فَقَالَ الْمَأْمُون: فَقل. فَمَا أَرَاك بِخَارِج مِنْهَا. قَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ: لَا تَخْلُو أَفعَال الْعباد وَمَا اخْتلف النَّاس فِيهِ من ذَلِك أَن تكون من اللَّهِ لَيْسَ للعباد فِيهَا صنع أَو بَعْضهَا من اللَّهِ وَبَعضهَا من الْعباد، فَإِن زعم أَنَّهَا من اللَّهِ لَيْسَ للعباد فِيهَا صنع كفر وَنسب إِلَى اللَّهِ كل فعل قَبِيح. وَإِن زعم أَنَّهَا من اللَّهِ وَمن الْعباد جعل الْخلق شُرَكَاء لله فِي فعل الْفَوَاحِش وَالْكفْر. وَإِن زعم أَنَّهَا من الْعباد لَيْسَ لله فِيهَا صنع صَار إِلَى مَا أقوله. قَالَ: فَمَا أجَاب يحيى جَوَابا.
قَالَ أَحْمد بن أبي طَاهِر: كَانَ الْمَأْمُون يحضر يحيى بن أَكْثَم وَهُوَ يشرب فَلَا يسْقِيه وَيَقُول: لَو أَرَادَ يحيى أَن يشرب مَا تركته وَرُبمَا وضعت الصحفة قُدَّام الْمَأْمُون فِيهَا مطبوخ وَيحيى يَأْكُل مَعَه فَيَقُول لَهُ الْمَأْمُون: فِيهَا مطبوخ إِنِّي لَا أترك قَاضِي يشرب النَّبِيذ. وَقَالَ يحيى بن أَكْثَم أظهر لكل قَاض مَا تُرِيدُ أَن توليه إِيَّاه ومره بكتمانه ثمَّ انْظُر مَا يفعل أَولا وضع عَلَيْهِم أَصْحَاب أَخْبَار. فَقَالَ لَهُ الْمَأْمُون: أُولَئِكَ قَضَاء الْقُضَاة. وَقَالَ لغيره مَا يُرِيد أَن يوليه فشاع ذَلِك كُله إِلَّا خبر يحيى فَإِنَّهُ أَتَاهُ أَن النَّاس ذكرُوا أَنه يُرِيد الْخُرُوج إِلَى الْبَصْرَة على قَضَائهَا فذمهم
1 / 140