48

Kitāb al-Ziyāra min ajwibat Shaykh al-Islām Ibn Taymiyya

كتاب الزيارة من أجوبة شيخ الإسلام ابن تيمية

Editor

سيف الدين الكاتب

Publisher

دار مكتبة الحياة الطباعة والنشر

أما إذا سأل الله بالأعمال الصالحة وبدعاء نبيه والصالحين من عباده فالأعمال الصالحة سبب للإثابة(٨١)، والدعاء سبب للإجابة، فسؤاله بذلك سؤال بما هو سبب لنيل المطلوب، وهذا معنى ما يروى في دعاء الخروج إلى الصلاة: ((اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك، وبحق ممشاي(٨٢) هذا)) وكذلك أهل الغار الذين دعوا الله بأعمالهم الصالحة(٨٣). فتوسل إلى الله بالنبيين هو التوسل بالإيمان بهم، وبطاعتهم، كالصلاة والسلام عليهم، ومحبتهم، وموالاتهم، أو بدعائهم وشفاعتهم. وأن نفس ذواتهم فليس فيها ما يقتضي حصول مطلوب العبد، وإن كان لهم عند الله الجاه العظيم والمنزلة العالية بسبب إكرام الله لهم وإحسانه إليهم وفضله عليهم، وليس في ذلك ما يقتضي إجابة دعاء غيرهم، إلا أن يكون بسبب منه إليهم كالإيمان بهم والطاعة لهم، أو بسبب منهم إليه. كدعائهم له، وشفاعتهم منه، فهذان الشيئان يتوسل بهما.

وأما الإقسام(٨٤) بالمخلوق فلا؛ وما يذكره بعض العامة من قوله: ((إذا سألهم الله فاسألوه بجاهي، فإن جاهي عند الله عظيم)) حديث كذب موضوع.

فصل

[اتخاذ الآثار مساجد ومزارات من مخلقات بدع أهل الكتاب]

وأما قول السائل: هل يجوز تعظيم مكان فيه خلوق(٨٥) وزعفران(٨٦)؛

(٨١) يقال: أثابه بمعنى: جازاه، وأثابه جزاءه: أعطاه إياه.

(٨٢) الممشى: مكان التمشي، يجمع على مماشٍ.

(٨٣) يشير إلى حديث رواه البخاري ومسلم عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم يحكي فيه قصة ثلاثة نفر من بني إسرائيل آواهم المبيت إلى غار.

(٨٤) يقال: أقسم بالله .. إقساماً: حلف به.

(٨٥) الخلوق بفتح الخاء: ضرب من الطيب. أعظم أجزائه الزعفران.

(٨٦) الزعفران: جنس نبات بَصَليٍّ، زهره أحمر إلى الصفرة، من فصيلة السوسنيات. يستعمل لتطييب بعض أنواع من المَرَق أو الحَلْويّات، وبخاصة لتلوينها بالأصفر.

48