فقالت الأميرة: ما أشد حاجتي إلى هذا القلب، لأني أحس أحيانا أني قاسية حتى ليلذ لي أن أقسو على نفسي.
وكان القاضي سنموت يطيل النظر في تلك الأثناء إلى زولو، وحاول أن يحول انتباه زوج شقيقه إليه، ولكنها أبت أن تتحول عن صناديق الأحجار الكريمة، فقال القاضي وقد تأفف من منظر القزم: يا له من مخلوق قبيح.
فقال إسفينيس: إنه من شعب من الأقزام، لا تروقهم صورتنا، ويعتقدون أن الخالق شوه ملامحها وقبح أطرافها!
فضحك الحاكم خنزر ضحكة عظيمة، وقال: إن قولك هذا أعجب من زولو نفسه، ومن كل ما تحمل من غريب الحيوان والنفائس.
وقال سنموت وهو يحدج إسفينيس بنظرة ارتياب: أرى هذا الشاب يدع أفكارنا تضطرب بأخيلته، فمن المؤكد أن أولئك الأقزام لا يمكن أن يدركوا معنى للحسن أو القبيح!
ورنت الأميرة أمنريدس إلى القزم كالمعتذرة، وقالت: هل تستقبح النظر إلى وجهي يا زولو؟
فعاد خنزر إلى قهقهته، واختلج قلب إسفينيس لما رآه من روعة حسنها وفتنة دلالها، وقد تمنى في تلك اللحظة أن يديم إليها النظر، وساد الصمت بعد ذلك، فأدرك الشاب أنه قد آن وقت الانصراف وخشي أن يصرفه الحاكم دون أن يطرق الموضوع الذي يهمه، فقال للحاكم: هل من الممكن أيها الحاكم الجليل أن أطمع في تحقيق آمالي في ظل رعايتك الكريمة؟
ففكر الحاكم وعبثت يده بلحيته الغزيرة السوداء، ثم قال: لقد مل قومنا الحرب والغزو ومالوا إلى الترف والنعيم، وإنهم ليترفعون بطبعهم عن التجارة، فلا سبيل إلى هذه الدرر الثمينة إلا بالمغامرين من أمثالك، ولكني لا أحب أن أعطيك كلمتي الآن، فينبغي أن أحدث قبل ذلك مولاي الملك، وسأرفع إلى ذاته العليا أجمل هذه النفائس عسى أن يوافقني على رأيي.
فانشرح صدر إسفينيس وقال: سيدي الحاكم، إني أحتفظ لمولانا فرعون بهدية نفيسة صنعت خاصة لذاته العليا.
فتفرس الحاكم في وجهه مليا، وخطرت له فكرة يتقرب بها إلى مولاه فقال: في ختام هذا الشهر يحتفل فرعون بعيد النصر كعادته منذ عشرة أعوام، ومن الممكن أن أجعل منك ومن أقزامك مفاجأة سارة للمليك، فتقدم إليه هديتك التي لا شك أنها لائقة بالمقام الأعلى .. فأخبرني عن اسمك ومقامك. - أدعى يا مولاي إسفينيس، وأقيم حيث ترسو قافلتي على شاطئ حي الصيادين جنوب طيبة. - سيأتي رسولي في يوم قريب.
Unknown page