109

Al-khušūʿ fī al-ṣalāṭ fī ḍawʾ al-kitāb waʾl-sunna

الخشوع في الصلاة في ضوء الكتاب والسنة

Publisher

مطبعة سفير

Publisher Location

الرياض

Genres

المبحث الخامس عشر: خشوع الصحابة ﵃ في صلاتهم
الصحابة ﵃ يقتدون بالنبي ﷺ في خشوعه في صلاته، ومن أمثلة ذلك الأمثلة والنماذج الآتية:
١ - خشوع أبي بكر ﵁ في صلاته، فعن عائشة ﵂ قالت: لَمَّا ثَقُلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ جَاءَ بِلَالٌ يُوذِنُهُ بِالصَّلَاةِ، فَقَالَ: «مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ»، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ أَسِيفٌ (١)، وَإِنَّهُ مَتَى يَقُمْ مَقَامَكَ لَا يُسْمِعُ النَّاسَ، فَلَوْ أَمَرْتَ عُمَرَ؟ فَقَالَ: «مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ» وفي رواية: أنه قال ﷺ: «مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ» قالت عائشة: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ إذَا قَامَ مَقَامَكَ لم يُسْمِعِ النَّاسَ مِنَ البُكَاء، فَمُرْ عُمَرَ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ» (٢).
وهذا فيه من الفوائد: خشوع أبي بكر في صلاته، وقراءته، وأن البكاء في الصلاة من خشية الله تعالى لا حرج فيه، لكن لا يتكلَّف ذلك، ولا يطلبه، فإذا غلبه البكاء في الصلاة بدون اختياره فلا حرج (٣).
٢ - خشوع عمر بن الخطاب ﵁ في صلاته، كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ﵁ يصلي بالناس صلاة الفجر، فطعنه أبو لؤلؤة المجوسي، فقال عمر حين رأى نزف الدماء: قولوا لعبد الرحمن بن

(١) أسيف: شديد الحزن، والمراد: أنه رقيق القلب، إذا قرأ غلبه البكاء، فلا يقدر على القراءة [فتح الباري، ٢/ ١٥٢، ١٦٥، ٢٠٣].
(٢) متفق عليه: البخاري، كتاب الأذان، باب الرجل يأتم بالإمام، ويأتم الناس بالمأموم، برقم ٧١٣، ورقم ٦٧٩، ومسلم، كتاب الصلاة، باب استخلاف الإمام إذا عرض له عذر ...، برقم ٤١٨.
(٣) انظر: شرح النووي على صحيح مسلم، ٤/ ٣٧٩ - ٣٨٦، وفتح الباري لابن حجر،
٢/ ١٥١، ١٦٤، ١٦٦، ١٧٣، ٢٠٣، و٢٠٦.

1 / 110