210

Khilāṣat al-athar fī aʿyān al-qarn al-ḥādī ʿashar

خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر

Publisher

دار صادر

Publisher Location

بيروت

الْغَالِب عَلَيْهِ فِي إنشائه الْعِنَايَة بالمعاني أَكثر من طلب التسجيع وَله رسائل بليغة وآثار شائعة وَاخْتصرَ حِصَّة من الْقَامُوس وَزَاد من عِنْده أَشْيَاء حَسَنَة الْموقع وسلك طَرِيق عُلَمَاء الرّوم فلازم الْمُفْتِي الْأَعْظَم صنع الله بن جَعْفَر وناب فِي الْقَضَاء بِدِمَشْق وَتَوَلَّى قَضَاء الركب الشَّامي فِي سنة ثَلَاثِينَ وَألف وَلَقي شرِيف مَكَّة حِينَئِذٍ الشريف إِدْرِيس بن الْحسن ومدحه بقصيدة مطْلعهَا
(أَي ربع صبري عَاد فِيك دريسا ... وهواي أَمْسَى فِي حماك حَبِيسًا)
ودرس بِالْمَدْرَسَةِ الجقمقية بالفرغ من المنلا بُسْتَان الرُّومِي نزيل دمشق وَأعْطى تدريس الدَّاخِل ونبل قدره وطار صيته ومدحه شعراء عصره بالقصائد السائرة وَرَأَيْت لبَعض الْفُضَلَاء كتابا ضخمًا أَلفه باسمه وَسَماهُ الرياض الأنيقة فِي الْأَشْعَار الرقيقة افتتحه بقصيدة رائية فِي مدحه أَولهَا
(رنا فَرَمَانِي بِسَهْم النّظر ... وسل من الجفن سيف الْحور)
(فأدمى فُؤَادِي وَلَا مُنكر ... وأضحى يسائلني مَا الْخَبَر)
(وَمن عجب عَارِف بِالَّذِي ... عراني وَيسْأل عَمَّا ظهر)
وَلما قدم حَافظ الْمغرب أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد الْمقري إِلَى دمشق أنزلهُ فِي الْمدرسَة الجقمقية واعتنى بِهِ اعتناء زَائِدا وَصدر بَينهمَا محاورات جميلَة ومراسلات جليلة فَمن ذَلِك مَا كتبه الشاهيني فِي تهنئة بعام جَدِيد
(عَام جَدِيد وجدّ مقبل وَنهى ... فياضة وفهوم بتن كالشهب)
(فَهَل يرى الْبَدْر بدر الغرب فِي شَرق ... بِأَن يرى النَّجْم نجم الشرق فِي الْأَدَب)
(وَالْيَوْم مَا زَالَ سياراور بتما ... يحل منزلَة تنحط فِي الرتب)
وَأرْسل إِلَيْهِ بهدية وَخمسين قرشا وَكتب إِلَيْهِ معتذرًا وأجاد إِلَى الْغَايَة
(لَو كَانَ لي أَمر الشَّبَاب خلعته ... بردا على عطفيك ذَا أردان)
(لَكِن تعذر بعث أوّل غايتي ... فَبعثت نَحْوك غَايَة الْإِمْكَان)
وَالْبَيْت الأول مَأْخُوذ من قَول الشريف الرضي
(وَلَو أَن لي يَوْمًا على الدَّهْر أمره ... وَكَانَ لي الْعَدْوى على الْحدثَان)
(خلعت على عطفيك برد شبيبتي ... جودًا بعمري واقتبال زماني)
فَرَاجعه الْمقري بقوله
(يَا وَاحِد الْعَصْر الَّذِي بمديحه ... سَارَتْ ركاب الْمجد فِي الْبلدَانِ)

1 / 211