207

Khilāṣat al-athar fī aʿyān al-qarn al-ḥādī ʿashar

خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر

Publisher

دار صادر

Publisher Location

بيروت

وَبَعْدَمَا أتم الْعِمَارَة قطن بِالْمَدْرَسَةِ وأسكن فِي حُجْرَتهَا عدَّة من الْفُقَرَاء وَكَانَ يُقيم حَلقَة الذّكر فِي الْجَامِع الْأمَوِي يَوْم الْجُمُعَة عقب الصَّلَاة عِنْد بَاب الخطابة وبالمدرسة الْمَذْكُورَة يَوْم الْإِثْنَيْنِ بعد الْعَصْر وَكَانَ يتعاطى الْإِصْلَاح بَين النَّاس وَعظم صيته وارتفع قدره حَتَّى صَارَت الْحُكَّام والأمراء يقصدونه للزيارة ويتبركون بدعواته وَكَانَ لطيف المحاورة طريف المعاشرة يستحضر أَخْبَار السّلف ويوردها أحسن مورد وَكَانَ يكرم المترددين إِلَيْهِ ويضيفهم وَيقبل عَلَيْهِم وَكَانَ يكاشف الْغَالِب مِنْهُم بأنواع المكاشفات قَرَأت بِخَط الأديب عبد الْكَرِيم الطَّبَرَانِيّ فِي بعض مجاميعه أَنه وَقع لصَاحب التَّرْجَمَة مكاشفة مَعَ بعض الروميين وَكَانَ من جمَاعَة خسرو باشا كافل المملكة الشامية وَقد ذهب لزيارته فَقَالَ لَهُ الْيَوْم يحصل لَك حَادِثَة فاحذرها وَلَا تخرج من مَكَانك حَتَّى يمْضِي الْيَوْم فَلم يبال بِمَا قَالَه وَخرج من غير مشورة لجِهَة الْكسْوَة لأمر أوجب ذَلِك فاتفق لَهُ أَن سَاق جَوَاده وَلَا زَالَ يَسُوقهُ حَتَّى رَمَاه على صخور وحجارة صلدة فهشم وَبَقِي طريحًا على الأَرْض لَا يفِيق وَلَا يعي ثمَّ حمل إِلَى منزلَة وَاسْتمرّ يعالج نَفسه إِلَى أَن عوفي وَأشهر مَا يُؤثر عَنهُ لردّ الضَّالة اللَّهُمَّ يَا معطي من غير طلب وَيَا رازقًا من غير سَبَب رد عَليّ مَا ذهب وَبِالْجُمْلَةِ فَإِنَّهُ كَانَ من الْولَايَة فِي رُتْبَة عالية وَهُوَ فَوق مَا وَصفته فِي كل منقبة سامية وَكَانَت وِلَادَته فِي بضع وَعشْرين وَتِسْعمِائَة وَتُوفِّي يَوْم الْأَحَد لثلاث بَقينَ من شهر رَمَضَان سنة خمس بعد الْألف وَصلى عَلَيْهِ بعد الْعَصْر بالجامع الْأمَوِي وَدفن فِي مدفن الْأَمِير سيف الدّين بِالْمَدْرَسَةِ الْمَذْكُورَة رَحمَه الله تَعَالَى
الْمولى أَحْمد بن سُلَيْمَان الرُّومِي الْمَعْرُوف بالإياشي قَاضِي الْقُضَاة بحلب ثمَّ بِالشَّام ولي الشَّام فِي سنة سبع بعد الْألف وَكَانَ فِي ابْتِدَاء قَضَائِهِ معتدلًا وسلك مَسْلَك الْإِنْصَاف ومدحه شعراء دمشق بالقصائد البديعة وَمِنْهُم أَبُو الْمَعَالِي درويس مُحَمَّد الطالوي فَإِنَّهُ كَاتب إِلَيْهِ قصيدة شينية استحسنها أدباء وقته مَعَ صوبة رويها ومطلعها
(كَيفَ أخْشَى فِي الشَّام أَمر معاشي ... وملاذي بهَا جناب الإياشي)
(أفضل الْقَوْم من سما للمعالي ... فاعتلاها طفْلا وكهلًا وناشي)
(فَهُوَ بدر الْعُلُوم صدر الموَالِي ... من سماهم فضلا وَلست أحاشي)
(سَاق عدلا بِالشَّام حَتَّى شَهِدنَا ... مشي ذِئْب الفلاة بَين الْمَوَاشِي)

1 / 208