188

Khilāṣat al-athar fī aʿyān al-qarn al-ḥādī ʿashar

خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر

Publisher

دار صادر

Publisher Location

بيروت

وَأنْفق عَلَيْهِ مَالا كثيرا وَكَانَ لَهُ أَوْلَاد وَكلهمْ من بنت المرحوم درويش باشا صَاحب الْجَامِع الْمَعْرُوف بالدرويشية خَارج دمشق وخالهم لأمهم حسن باشا الْوَزير ابْن الْوَزير وتفرغ فِي آخر عمره لبَعض أَوْلَاده عَن إِمَارَة غَزَّة وَأرْسل إِلَى طرف السلطنة قَاصِدا بتحف وهدايا كَثِيرَة وَطلب أَن يصير أَمِير الْأُمَرَاء بِبَعْض المدن الْكَبِيرَة على طَرِيق التقاعد الْمَعْرُوف الْآن فِي الِاصْطِلَاح فَأُجِيب إِلَى مَا طلبه وَكَانَ ذَلِك فِي سنة تسع بعد الْألف وَأقَام إِلَى أَن مَاتَ وَكَانَت وَفَاته فِي سنة خمس عشرَة بعد الْألف رَحمَه الله تَعَالَى
أَحْمد بن روح الله بن سَيِّدي نَاصِر الدّين بن غياث الدّين بن سراج الدّين الْأنْصَارِيّ الجابري الرُّومِي قَاضِي الْقُضَاة بِالشَّام ومصر وأدرنة وقسطنطينية وَولي قَضَاء العسكرين اشْتغل ودأب وَأخذ الْعُلُوم عَن جمَاعَة كَثِيرَة من أَجلهم الْمولى مُحَمَّد شاه وَكَانَ معيدًا لَهُ ولازم مِنْهُ وبرع وتفوق وَكَانَ عَلامَة فِي المعقولات متبحرًا فِي فنونها وَألف مؤلفات تدل على فَضله مِنْهَا تَفْسِير سُورَة يُوسُف وحاشية على تَفْسِير سُورَة الْأَنْعَام للبيضاوي وحاشية على حَاشِيَة ملا مَسْعُود فِي آدَاب الْبَحْث وحواشي على غَالب شرح الْمِفْتَاح للسَّيِّد الشريف وَله رسائل مُتعَدِّدَة فِي فنون كَثِيرَة وَقد ذكره الْحسن البوريني فِي تَارِيخه وَقَالَ فِي تَرْجَمته ولد فِي بِلَاد كنجة بردعه من بِلَاد الْعَجم وَبهَا نَشأ ثمَّ خرج مِنْهَا وَكَانَ وحيدًا فريدًا قَالَ وَأَخْبرنِي أَنه ورد من بِلَاده مَاشِيا وَأَنه دخل الْبَلدة الْمُسَمَّاة بالقصير فَأخذ بهَا الْعَهْد على الشَّيْخ أَحْمد القصيري الْمَشْهُور وسافر بعد ذَلِك إِلَى بَاب السلطنة العثمانية وخدم رجلا من أَرْكَان الدولة يُقَال لَهُ فريدون وأقرأ أَوْلَاده ولازمه حَتَّى انتظم فِي سلك الموَالِي قَالَ غَيره ودرس بعدة مدارس مِنْهَا مدرسة بناها المرحوم مُحَمَّد باشا باسمه وَهِي مَعْرُوفَة بَين قسطنطينية وأدرنة وَهُوَ أول من درس بهَا وَمِنْهَا مدرسة أياصوفيا ومدرسة وَالِدَة السُّلْطَان مُرَاد بِمَدِينَة اسكدار وَألقى بهَا درسًا عَاما حَضَره غَالب فضلاء الرّوم وعلماؤها وخلع عَلَيْهِ يَوْم الدَّرْس ثَلَاث خلع بعد أَن أرْسلت إِلَيْهِ الوالدة ألف دِينَار لأجل ضِيَافَة من يحضر الدَّرْس وَمَا وَقع ذَلِك لأحد غَيره وَتكلم فِي تَفْسِير سُورَة الْأَنْعَام على قَوْله تَعَالَى ﴿وَقَالُوا لَوْلَا أنزل عَلَيْهِ ملك﴾ الْآيَة وَكَانَ درسًا حافلًا لم يعْهَد فِي الرّوم مثله لِأَن المدرسين فِي بِلَادهمْ لَا يَفْعَلُونَ ذَلِك وَإِنَّمَا يجلس الْمدرس وَحده فِي مَحل خَال من النَّاس فَلَا يدْخل إِلَيْهِ إِلَّا من يقْرَأ الدَّرْس وشركاؤه فِيهِ وَلَا يحضرهم

1 / 189