57

Khizanat Adab

خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب

Investigator

عبد السلام محمد هارون

Publisher

مكتبة الخانجي

Edition Number

الرابعة

Publication Year

١٤١٨ هـ - ١٩٩٧ م

Publisher Location

القاهرة

وَالنَّظَر إِلَى نارها إِنَّمَا هُوَ بِنَظَر قلبه تشوقا إِلَيْهَا كَمَا قَالَ ابْن قُتَيْبَة فِي أَبْيَات الْمعَانِي هَذَا تحزن وتظنن مِنْهُ لَيْسَ أَنه رأى بِعَيْنِه شَيْئا إِنَّمَا أَرَادَ رُؤْيَة الْقلب وَمثله قَول الآخر (الطَّوِيل) (أَلَيْسَ بَصيرًا من رأى وَهُوَ قَاعد ... بِمَكَّة أهل الشَّام يختبزونا) وَقَالَ الْأَعْشَى (الوافر) أريت الْقَوْم نارك لم أغمض ... بواقصة ومشربنا زرود) (فَلم أر موقدا مِنْهَا وَلَكِن ... لأية نظرة زهر الْوقُود) وَجوز أَرْبَاب البديع فِي الإغراق من الْمُبَالغَة أَن يكون نظرا بِالْعينِ حَقِيقَة قَالُوا لَا يمْتَنع عقلا أَن يرى من أَذْرُعَات من الشَّام نَار أحبته وَكَانَت بِيَثْرِب مَدِينَة النَّبِي على بعد هَذِه الْمسَافَة على تَقْدِير اسْتِوَاء الأَرْض وَأَن لَا يكون ثمَّ حَائِل من جبل أَو غَيره مَعَ عظم جرم النَّار وَإِن كَانَ ذَلِك مُمْتَنعا عَادَة وَجُمْلَة تنورتها استئنافية وَأدنى دارها مُبْتَدأ وَنظر عالي خبْرَة بِتَقْدِير مُضَاف قَالَ أَبُو عَليّ فِي الْإِيضَاح الشعري وَلَا يجوز أَن يكون نظر خبر أدنى لِأَنَّهُ لَيْسَ بِهِ لِأَن أدنى أفعل تَفْضِيل وأفعل لَا يُضَاف إِلَّا إِلَى مَا هُوَ بعض لَهُ فَوَجَبَ أَن يكون بعض الدَّار وَبَعض الدَّار لَا يكون النّظر فإمَّا أَن يحذف الْمُضَاف من النّظر أَي أدنى دارها ذُو نظر وَإِمَّا أَن يحذف من الأول أَي نظر أدنى دارها نظر عالي ليَكُون الثَّانِي الأول فِي الْمِصْبَاح علا علوا من بَاب قعد ارْتَفع فَهُوَ عَال يُرِيد أَن أقرب مَكَان من دارها

1 / 59