Khilafa Wa Mulk
الخلافة والملك(م)
Investigator
عبد الرحمن محمد قاسم النجدي
Publisher
مكتبة ابن تيمية
ولهذا من كان حالفا على ما أمر الله به ورسوله من طاعة ولاة الأمور ومناصحتهم أو الصلاة أو الزكاة أو صوم رمضان أو أداء الأمانة والعدل ونحو ذلك لا يجوز لأحد أن يفتيه بمخالفة ما حلف عليه والحنث فى يمينه ولا يجوز له أن يستفتي فى ذلك ومن أفتى مثل هؤلاء بمخالفة ما حلفوا عليه والحنث فى أيمانهم فهو مفتر على الله الكذب مفت بغير دين الإسلام بل لو أفتى آحاد العامة بأن يفعل خلاف ما حلف عليه من الوفاء فى عقد بيع أو نكاح أو إجارة أوغير ذلك مما يجب عليه الوفاء به من العقود التى يجب الوفاء بها وإن لم يحلف عليها فإذا حلف كان أوكد فمن أفتى مثل هذا بجواز نقض هذه العقود والحنث فى يمينه كان مفتريا على الله الكذب مفتيا بغير دين الإسلام فكيف إذا كان ذلك فى معاقدة ولاة الأمور التى هي أعظم العقود التى أمر الله بالوفاء بها وهذا كما أن جمهور العلماء يقولون يمين المكره بغير حق لا ينعقد سواء كان بالله أو النذر أو الطلاق أو العتاق وهذا مذهب مالك والشافعي وأحمد ثم إذا أكره ولي الأمر الناس على مايجب عليهم من طاعته ومناصحته وحلفهم على ذلك لم يجز لأحد أن يأذن لهم فى ترك ما أمر الله به ورسوله من ذلك ويرخص لهم فى الحنث فى هذه الأيمان لأن ما كان واجبا بدون اليمين فاليمين تقويه لا تضعفه ولو قدر أن صاحبها أكره عليها ومن أراد أن يقول بلزوم المحلوف مطلقا فى بعض الأيمان لأجل تحليف ولاة الأمور أحيانا قيل له وهذا يرد عليك فيما تعتقده فى يمين المكره فإنك تقول لايلزم وإن حلف بها ولاة الأمور ويرد عليك فى أمور كثيرة تفتى بها فى الحيل مع ما فيه من معصية الله تعالى ورسوله وولاة الأمور وأما أهل العلم والدين والفضل فلا يرخصون لأحد فيما نهى الله عنه من معصية ولاة الأمور وغشهم والخروج عليهم بوجه من الوجوه كما قد عرف من عادات أهل السنة والدين قديما وحديثا ومن سيرة غيرهم وقد ثبت فى الصحيح عن بن عمر رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال ( ينصب لكل غادر لواء يوم القيامة عند أسته بقدر غدره ( قال وإن من أعظم الغدر يعنى بإمام المسلمين وهذا حدث به عبد الله بن عمر لما قام قوم من أهل المدينة يخرجون عن طاعة ولي أمرهم ينقضون بيعته وفى صحيح مسلم عن نافع قال جاء عبد الله بن عمر إلى عبد الله بن مطيع حين كان من أمر الحرة ما كان زمن يزيد بن معاوية فقال اطرحوا لأبي عبد الرحمن وسادة فقال إنى لم آتك لأجلس أتيتك لأحدثك حديثا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( من خلع يدا لقي الله يوم القيامة ولا حجة له ومن مات وليس فى عنقه بيعة مات ميتة جاهلية ( وفى الصحيحين عن بن عباس رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من رأى من أميره شيئا يكرهه فليصبر عليه فإنه ليس أحد من الناس يخرج من السلطان شبرا فمات عليه إلامات ميتة جاهلية ( وفى صحيح مسلم عن أبى هريرة رضى الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال ( من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات مات ميتة جاهلية ومن قاتل تحت راية عمية يغضب لعصبية أو يدعو إلى عصبية أو ينصر عصبية فقتل فقتله جاهلية ( وفى لفظ ( ليس من أمتى من خرج على أمتى يضرب برها وفاجرها ولا يتحاشا من مؤمنها ولا يوفي لذي عهدها فليس منى ولست منه (
فالأول هو الذي يخرج عن طاعة ولي الأمر ويفارق الجماعة
والثانى هو الذي يقاتل لأجل العصبية والرياسة لا فى سبيل الله كأهل الأهواء مثل قيس ويمن
والثالث مثل الذى يقطع الطريق فيقتل من لقيه من مسلم وذمي ليأخذ ماله وكالحرورية المارقين الذين قاتلهم علي بن أبى طالب الذى قال فيهم النبى صلى الله عليه وسلم ( يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم وقراءته مع قراءتهم يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية أينما لقيتموهم فاقتلوهم فإن فى قتلهم أجرا عند الله لمن قتلهم يوم القيامة (
Page 13