بسم الله الرحمن الرحيم وبه ثقتي الحمد لله الذي اختص بالأزلية والقدم وعمر الخلايق بالنعم وشمل الكائنات باللطف الجميل والكرم بعد أن أبرز نور المكونات من ظلمة العدم وجعل شريعة محمد صلى الله عليه وآله بين الشرايع كنار على علم وفضله على جميع من تأخر من الأنبياء أو تقدم وأكمل دينه بخلافة ابن عمه سيد العرب والعجم وأولاده القائمين في الإمامة على أرسخ قدم صلى الله عليه وآله ما غسق ليل واظلم وما انفجر صبح من الظلام و ضحك أو تبسم إما بعد فاني بعد ما صنفت رسالة مختصرة لبيان أحكام الشريعة الطاهرة المطهرة يرجع إليها عامة المكلفين للتقليد في أمور الدين سئلني ولدي الطاهر المطهر قرة عيني ومهجة فؤادي موسى بن جعفر عليه السلام أطال الله تعالى بقائه وجعلني ليكون خلفا لي فدائه ان اكتب كتابا حاويا لفروع المسائل معلما كيفية الاستنباط من الشواهد والدلائل لينتفع به المبتدئ والواسطة والواصل ويكون مرجعا لفحول العلماء وميدانا لسباق المحصلين والفضلاء وحيث كنت في ارض كثرت همومها وتزايدت على مرور الأيام غمومها ولم يكن فيها من يشتري العلم من أهله ولا من يفرق بين العالم في علمه والجاهل في جهله فتأخرت في إجابته ولم أبادر في جواب مسئلته إلى أن دخلت في مملكة صفى فيها ذهني وارتفع بحمد الله عند حلولي فيها همي وحزني حيث لم أر فيها شاكيا ولا شاكية ولا باكيا ولا باكية بل (رأيت) جميع الرعايا بين داع وداعية ورأيت العلماء قد ارتفع مقدارهم وغلت بعد نهاية الرخص اسعارهم بأيام دولة فاق ضوئها ضوء القمر فانجلت في أيامها الغبرة عن وجوه البشر دولة أدام الله أيامها وقوامها على رغم أنف من طغى وفجر وتجبر وتكبر وما امن بل كفر الدولة المحمية بحماية ملاك القضاء والقدر وبشفاعة خاتم الأنبياء والمرسلين سيد البشر دولة الطائفة الفائقة من تقدم من السلاطين ومن تأخر التي شاع صيتها في جميع الممالك واطراف الأرض دولة القجر لا زالت محمية بحماية الله من كل بؤس وضرر ثم قد تمت لطائف النعم وشمل السرور جميع طوائف العرب والعجم بانقياد أزمة الدولة السلطانية والمملكة العظيمة الخاقانية لصاحب الهمة العليا الموفق لخير الآخرة ونعيم الدنيا صاحب الآراء السديدة والمكارم العديدة والأخلاق الحميدة ذي السيف التبار والرمح النافذ في قلوب الكفار والمتضعضع من هيبته سكان الفيافي والقفار ومن حل في السواحل أو في جزائر البحار إن جالس العلماء كان مقدمهم أو اختلى بالوزراء كان مدرسهم ومعلمهم ان عارض رأيه الآراء كان رأيه الصائب أو خالف فكره الأفكار كان فكره الثاقب حتى انسى اياسا وذكائه وحاتما وسخائه والسمول ووفائه والأحنف وحلمه والمنصور وحزمه وكعبا ورياسته والنعمان وسياسته وعنترا وشجاعته وفاق على الإسكندر في الرأي والباس وعلى الريان في العزم والحدس له في الحرب وثبة الأسد الغضنفر وفي محل الامارة نور الروض إذا أزهر إذا تكلم تبسم وان أجاب كان جوابه نعم إذا رأيت خلقه وطبعه السليم قلت ما هذا بشرا ان هذا الا ملك كريم شمس قد أشرق نورها على جميع الآفاق وعم ضوئها أقاليم المسلمين على الاطلاق
Page 2
قد تولدت منها أهلة بقيت تحت الشعاع فترتب عليها تمام الانتفاع. واهلة خرجت من تحت شعاعها فصارت بدورا عم ضوئها جميع البقاع فتلألأت أنوارها وأشرقت غاية الاشراق في أذربايجان وخراسان وفارس والعراق إذا رأيت تمكينهم ووقارهم قلت سبحان العزيز الخلاق من غمر بي بالفضل والشفقة والاحسان وقدمني من غير قابلية على جميع الأمثال والاقران وطار به اسمي في جميع الممالك من بني عثمان وغير بني عثمان شاه هذا الزمان والفائق من يكون من الملوك أو كان سلطان إيران وخراسان وأذربايجان من كان فتح الممالك على يدية بحكم الله فطابق اسمه الشريف مفهومه ومعناه السلطان بن السلطان والخاقان بن الخاقان من لم أصرح باسمه تعظيما وعبرت عنه بالإشارة تبجيلا وتفخيما من جرى فتح الممالك على يديه وعلى سيده ومولاه معينه عليه فكان اسمه الفتح مضافا إلى علي وعلي مضاف إليه لا زال في حماية الملك الديان حتى تتصل دولته بدولة مولاه ومولاي ومولى الإنس والجان صاحب العصر والنصر والامر والنهي صاحب الزمان فلما دخلت في أطراف مملكته من الله علي وعلى سائر المسلمين بدوام بقائه واستقام دولته وعندها صار في بالي وجرى في فكري وخيالي ان أشرع في تصنيف كتاب يتضمن أوجز كلام وأبلغ خطاب مشتمل على بيان اسرار الشريعة المصطفوية والأحكام الشرعية الجعفرية وعلى مقدماتها مما يتعلق بالاعتقادات الأصولية ونبذة من مهمات الأصول الفقهية ثم أوصله إلى حضرته برسم الپيشكش المسمى بلغة العرب هدية لأني لم أجد مشتريا سواه ولا طالبا لمطالب العلوم الا إياه ولم يكن لي محرك على تصنيفه لولاه فجاء من يمنه وسعوده واقباله جامعا لمهمات الاحكام الصادرة عن محمد واله فالمأمول من حضرة سلطان الزمان ان يتلقاه بالرضا والقبول على ما فيه من الخلل والنقصان فإنما هو بمنزلة جرادة أهديت إلى سليمان - شعر: ليس الهدية قدر من تهدى له ان الهدية قدر من يهديها، وبالله المستعان وهو حسبي وعليه التكلان وسميته كشف الغطاء عن خفيات مبهمات شريعة الغراء ورتبته على ثلاثة فنون الفن الأول فيما يتعلق ببيان الأصول الاسلامية والعقايد الايمانية الجعفرية الفن الثاني فيما يتعلق ببيان بعض المطالب الأصول الفرعية وما يتبعها من القواعد المشتركة بين المطالب الفقهية الفن الثالث فيما يتعلق بالفروع الدينية وهو أربعة أقسام عبادات وعقود وايقاعات واحكام، فن الاعتقادات وفيه مباحث، المبحث الأول في التوحيد بمعنى ان يعرف ان الله تعالى واحد في الربوبية ولا شريك له في المعبودية ويتبعها النظر في الصفات من الثبوتيات والسلبيات ويكفي في هذا المقام ما يغني عن الخوض في مباحث الكلام من امعان النظر في الآثار واختلاف الليل والنهار ونزول الأمطار وجري الأنهار وركود البحار وحركة السماء واضطراب الهواء وتغير الأشياء وإجابة الدعاء وما نزل على سالف الأمم من البلاء وإيجاد الموجودات وصنع المصنوعات وتكوين الأبدان وتفضي الزمان واستقامة النظام واصطكاك الغمام وكفى بصنع الانسان فضلا عن ساير أنواع الحيوان دليلا قاطعا وبرهانا ساطعا خلقه من تراب ثم أودعه الأصلاب نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظاما ثم كسى العظام لحما ثم أخرجه خلقا سويا وخلق له لبنا صافيا وجعل له غذاء وافيا ينجذب إذا جذبه ويحتبس إذا رفع فمه ولولاه لم يتغذ بمأكول ولا مشروب للطافة بدنه وضعف هاضمته وأودع محبته في قلب امه فتحملت سهر الليل وثقل الحمل وكلفة التطهير والغسل ثم لما (كملت) قوته وعظمت إلى ما غلظ من الماكل حاجته خلق له أسنانا يقتدر بها على طحن المأكول وجعلها على مبدء الدخول والهمه الفكر الصحيح وعلمه المنطق الفصيح ليتعرض لتحصيل مطالبه واكتساب ماربه وحببه إلى أبيه لاحتياجه حينئذ إليه حيث لا معول له بعد الله الا عليه حتى إذا بلغ الكمال وملت أهاليه من تربيته في تلك الحال أودعه قوة يقتدر بها على المعاش واقتناء اللباس والغطاء والفراش بعد أن شق له سمعا قسمه على الجانبين و حرسه من لطفه بحواطتين تحرسانه عن وصول ما يفسده من القذرات وخصه بمرئ الوسخ عن بلوغ مؤذيات الحيوانات وبصرا في محل مكشوف ليتمكن من الابصار وسوره بجفنين يحفظانه من المضار وجعل له أمعاء وشهوة الغذاء ومجرى الشراب والطعام والهواء وأودعه قوة جاذبة ترسل ذلك إلى ماسكة مصحوبة بها ضمة مناولة لدافعه وخلق له مدخلا ومخرجا ويدا للبطش ورجلا للمشي وآلة وامناء ورحما يحفظ تلك النطفة إلى حيث يشاء فتبارك الله الذي خلق الانسان بلا مثال وأقام الخلايق على أحسن اعتدال فلو تأملت في نفسك التي بين جنبيك وتفكرت بجسمك الذي هو محط عينيك فضلا عن أن توجه حواس الادراك إلى عجيب صنع الأفلاك وما أحاطت به الأرضون والسماوات من عجائب المخلوقات من الملائكة المقربين وضروب الجن والشياطين لأنبأك هذا النظام المستقيم الجاري على النهج القويم ان هناك موجدا لا يعارض وحاكما لا يناقض عالما بحقايق الأشياء قديرا على ما يشاء ولو دخله الجهل أو العجز فسد النظام ولم يحصل للصنع ذلك الاحكام وعلومه الذاتية (و) نسبتها إلى المعلومات بالسوية وقدرته عامة لجميع المقدورات لأنها ثابتة بمقتضى الذات والعلم والقدرة برهانان على حياة الجبار وجري الافعال على وفق المصالح أبين شاهد على أنه فاعل مختار قديم أزلي لم يسبق بعدم اصلى والا لم يكن قادرا بل مقدورا عليه مع أن مقتضى الذات لا يجوز الاختلافات بالنسبة إليه ابدي سرمدي إذ مقتضى القدم عدم امكان العدم وقد تقرر في العقول ان معلول الذات لا يحول ولا يزول و
Page 3
ولا يمكن استناده إلى العلل الخارجات لان ذلك ملزم لحدوث الذات مريد للحسن كاره للقبح لاستغنائه عنهما مع علمه بالجهتين اللتين نشاء الوصفان منهما مدرك للمدركات لانكشافها لديه ولان الادراك علم خاص دل صريح الكتاب والسنة عليه متكلم لحسن صدور الكلام منه وشهادة اعجاز القران بصدوره عنه صادق منزه عن الكذب والافتراء متعال عن الاتصاف بمقايس الأشياء فقد اتضح لك في هذا المقام ثبوت صفات الجمال والاكرام وهي الثمانية المعدودة في علم الكلام الأول القدرة والاختيار، الثاني العلم، الثالث الحياة، الرابع الإرادة والكراهة، الخامس الادراك، السادس القدم والأزلية والبقاء والسرمدية، السابع الكلام، الثامن الصدق، ويلزم من اثبات القدم لذاته واستحالة ادخال الوصف القبيح في صفاته نفي التركيب من الأجزاء وإلا توقف عليها وسلب الجسمية والعرضية عنه وإلا لازم الأمكنة واحتاج إليها وحيث تنزه عن مداخلة الأجسام استحال عليه لوازمها من الذات والآلام وامتنع الابصار بالنسبة إليه ولم يجز فعل القبيح والاخلال بالواجبات عليه ولا يقبل التأثير والانفعال فيستحيل عليه حلول الحوادث والأحوال ويستحيل عليه الاحتياج إلى مخلوقاته والا لزم عدم قدم ذاته وليست صفاته الأصلية مغايرة له زائدة عليه والا لزم التعدد بالنسبة إليه وثبوت الشريك يستلزم فساد النظام وعدم ثبوت علية الوجود له على وجه التمام وبتحقيق هذا المقال يتضح لك طريق اثبات صفات الجلال وهي السبعة التي ذكرها المتكلمون الأول نفي التركيب الثاني نفي الجسمية والعرضية الثالث نفي كونه محلا للحوادث الرابع نفي الرؤية عنه الخامس نفي الشريك السادس نفي المعاني والأحوال السابع نفي الاحتياج وجميع ذلك معروف مما ذكرناه ومبرهن عليه مما سطرناه ويكفي في اثبات كثير من تلك الصفات محكم الآيات ومتواتر الروايات المبحث الثاني في النبوة والواجب على أهل كل مدر معرفة نبيها المبعوث إليها لابلاغ الاحكام وتعريف الحلال والحرام وانه الواسطة بينهم وبين المعبود والموصل لهم بطاعته إلى غاية المقصود لان تقريب الناس إلى الصلاح وابعادهم من الفساد واجب على رب العباد ولا يمكن ذلك بتوجيه الخطاب من رب الأرباب بخلق الأصوات لكثرة الوجوه فيها والاحتمالات فلا يحصل لهم كمال الاطمينان لتجوز انها أصوات صدرت من بعض الجان ولا بارسال من لا يدخل تحت قسم (من) الناس من الملائكة أو الجن والنسناس لان النفوس لا تركن إليه وفعل المعاجز ربما لا يحال عليه فالنبي المبعوث إلينا والمفروض طاعته من الله علينا أعلى الأنبياء قدرا وارفع الرسل في الملاء الاعلى ذكرا الذي بشرت الرسل بظهوره وخلقت الأنوار كلها بعد نوره علة الايجاد وحبيب رب العباد محمد المختار صلى الله عليه وآله وأحمد صفوة الجبار ذو المعجزات الباهرة والآيات الظاهرة التي قصرت عن حصرها السن الحساب وكلت عن سطرها أقلام الكتاب كانشقاق القمر وتظليل الغمام وحنين الجذع وتسبيح الحصى وتكليم الموتى ومخاطبة البهائم واثمار يابس الشجر وغرس الأشجار على الفور في القفار وقصة الغزالة مع خسيفها وخروج الماء من بين أصابعه وانتقال النخلة إليه بأمره واخبار الذراع له بالسم والنصر بالرعب بحيث يخاف من مسير شهرين ونوم عينيه من دون قلبه وانه لا يمر بشجر ولا مدر إلا سجد له وبلع الأرض الأخبثين من تحته وعدم طول قامة أحد على قامته وان رؤيته من خلفه كرؤيته من امامه واكثار اللبن في شاة أم معبد واطعامه من القليل الجم الغفير وطي البعيد إذا توجه إليه وشفاء الأرمد إذا تفل في عينيه وقصة الأسد مع أبي لهب ونزول المطر عند استسقائه ودعائه على سراقة فساخت قوائم فرسه ثم عفى عنه فدعى فأطلقت واخباره بالمغيبات كإنبائه عن العترة الطاهرة واحدا بعد واحد وما يجري عليهم من الأعداء في وقعة كربلاء وغيرها واخباره عن قتل عمار وانه تقتله الفئة الباغية ووقعة الجمل وخروج عايشة ونباح كلاب الحوأب ووقعة صفين واخباره عن أهل العقبة وأهل السقيفة وتخلف من تخلف عن جيش أسامة وأهل النهروان وبني العباس إلى غير ذلك واخبار الاخبار عنه عليه السلام قبل ولادته بسنين (وأعوام صح) ومن ذلك ما ظهر له من الكرامات عند ميلاده كارتجاج ايوان كسرى حتى سقط منه أربع عشرة شرافة وغوص بحيرة ساوه وخمود نار فارس ولم تخمد قبل بألف سنة واضطراب الأحبار والرهبان عند ولادته حتى رآه بعضهم وعرف خاتم النبوة على جسمه الشريف فقال إنه نبي السيف وحذر اليهود منه وتهنية امه من جهة السماء وما ظهر لها من الكرامات حين الحمل وكفى بكتاب الله معجزا " مستمرا مدى الدهر حيث أقرت له العرب العرباء وأذعنت له جميع الفصحاء والبلغاء مع أن معارضته كانت عندهم من أهم الأشياء على أن النظر في أخلاقه الكريمة وأحواله المستقيمة كفاية لمن نظر وحجة واضحة لمن استبصر ككثرة الحلم وسعة الخلق و تواضع النفس والعفو عن المسئ ورحمة الفقراء وإعانة الضعفاء وتحمل المشاق وجمع مكارم الأخلاق وزهد الدنيا مع اقبالها عليه وصدوده عنها مع توجهها إليه وله من السماحة النصيب الأكبر ومن الشجاعة الحظ الأوفر وكان يطوى نهاره من الجوع ويشد حجر المجاعة على بطنه ويجيب الدعوة ويأكل أكل العبد وكان بين الناس كأحدهم ولازم العبادة حتى ورمت قدماه إلى غير ذلك من المكارم التي لا تحصر والمحاسن التي لا تسطر و لبدنه الشريف أحوال مخصوصة به ومقصورة على جنابه كظهور نوره في الليل المظلم وغلبة طيبه على المسك الأذفر واحتوائه على محاسن لم يعز إليها بشر ثم لا تجب على الأمم اللاحقة معرفة الأنبياء السابقين نعم ربما وجب معرفة ان لله أنبياء قد سبقت دعوتهم وانقرضت ملتهم على الاجمال يجب معرفة عصمته بالدليل ويكفي فيه أنه لو جاز عليه الخطاء والخطيئة لم يبق وثوق باخباره ولا اعتماد على وعده ووعيده فتنتفي فائدة البعثة ولا يتوقف الايمان على العلم يوجوب نزاهة آبائه إلى مبدء وجودهم عن الكفر واضرابه وإنما هو من المكملات وكذا معرفة الأنساب
Page 4
والأزواج والأولاد والعمر ومكان الميلاد ومن أراد الازدياد فليعلم انه محمد بن عبد الله بن عبد المطلب واسمه شيبة الحمد بن هاشم واسمه عمر بن عبد مناف واسمه المغيرة بن قصي واسمه زيد بن كلاب بن مرة ابن كعب بن لوي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانه واسمه قريش بن خزيمة بن مدرك بن الياس بن مضر بن نواز بن معد بن عدنان وامه امنة بنت وهب بن عبد مناف وكنيته أبو القاسم ولقبه المصطفى ومولده بمكة في شعب أبي طالب يوم الجمعة السابع عشر في ربيع الأول ونقل عليه اجماع الشيعة وذكر بعضهم ان ميلاده يوم الثاني عشر منه وعليه المخالفون وعلى القولين فإما مع الزوال أو عند الفجر وكان ذلك في عام الفيل وله من الأزواج خمسة عشر على ما نقل بعضهم وفي المبسوط عن أبي عبيدة أن له من الأزواج ثمانية عشرة سبع من قريش وواحدة من خلفائهم وتسع من ساير القبايل وواحدة من بني إسرائيل بن هارون بن عمران واتخذ من الإماء ثلاثا عجميتين وعربية واعتق العربية واستولد إحدى العجميتين فأول من تزوج بها خديجة بنت خويلد وهو ابن خمسة وعشرين سنة ثم بعد موتها سودة بنت زمعة ثم عايشة ولم يتزوج بكرا سواها ثم أم سلمة وحفصة ثم زينب بنت جحش من الخلفاء ثم جويرية بنت الحرث ثم أم حبيبه بنت أبي سفيان ثم من بني إسرائيل صفية بنت حي ثم ميمونة الهلالية ثم فاطمة بنت شريح الواهبة ثم أم المساكين زينب بنت خزيمة ثم أسماء بنت النعمان ثم فتيله أخت الأشعث ثم أم شريك ثم صبا بنت الصلت وكان له وليدتان مارية القبطية وريحانة بنت زيد بن شمعون وكان له من الأولاد ثمانية ولد له من الخديجة قبل المبعث والقاسم ورقية وزينب وأم كلثوم وذكر بعض أصحابنا في رقيه وزينب انهما بنتا تبني لإبنتان على الحقيقة وانهما بنتا هالة أخت خديجة وقد نقل عن الأئمة الهدى عليهم السلام وبعد المبعث الطيب والطاهر وفاطمة وروي انه لم يولد له بعد المبعث سوى فاطمة عليها السلام وان الطيب والطاهر قبله وله أيضا ولد يسمى إبراهيم ونزل عليه الوحي وتحمل أعباء الرسالة يوم السابع والعشرين في رجب وهو ابن أربعين سنة واصطفاه ربه إليه بالمدينة مسموما يوم الاثنين لليلتين بقيتا من صفر سنة إحدى عشر من الهجرة وله ثلاثة وستون سنة و دفن في حجرته التي توفي فيها ومات أبوه عبد الله وهو ابن شهرين وفي كشف الغمة انه بقي مع أبيه سنتان وأربعة أشهر ونقل ان أباه مات وهو حمل وقيل مات وعمره سبعة أشهر وماتت امه وهو ابن أربع سنين وفي كشف الغمة ست سنين وكان كما وصفه ولده الباقر عليه السلام أبيض اللون مشربا بالحمرة أدعج العينين اي أسودهما مع سعة ومقرون الحاجبين خشن الأصابع كان الذهب على كفه عظيم المنكبين إذا التفت يلتفت جميعا " من شدة استرساله سائل الأطراف كان عنقه إلى كاهله أبريقا فضة وإذا مشى تكفى كأنه نازل إلى منحدر ولم ير مثل نبي الله قبله ولابعد المبحث الثالث في المعاد الجسماني ويجب العلم بأنه تعالى يعيد الأبدان بعد الخراب ويرجع هيئتها الأولى بعد أن صارت إلى التراب ويحل بها الأرواح على نحو ما كانت ويضمها إليها بعدما انفصلت وبانت فكان الناس نيام انتبهوا فإذا هم قيام ينظرون إلى عالم جديد لا يحيط به التوصيف والتحديد قد أحسوا بالمصيبة الكبرى وتأهبوا لشدائد الرجعة الأخرى وقد أخذتهم الدهشة فصاروا حيارى وغلبت عليهم الخشية فكانوا سكارى وما هم بسكارى قد اتضح لديهم ما قدموا وبدى ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا قد فقدوا الناصر والمعين وسلموا الامر لرب العالمين والحجة في اثبات المعاد انه لولاه لذهبت مظالم العباد وتساوى أهل الصلاح والفساد وضاعت الدماء ثم لم تبق ثمرة لارسال الأنبياء وان لطف الله تعالى يستحيل عليه الانقضاء لان الموجب للابتداء هو المانع عن الانتهاء ومما يحيله العقل اختصاص لطفه تعالى بهذه الأيام القلائل التي هي كظل زائل ثم لولا ذلك لم يحسن الوعد والوعيد والترغيب والتهديد ولساوى أفضل الأنبياء في الفضيلة أشقى الأشقياء وفيما تواتر من بعض الكرامات كاحياء كثير من الأموات واخبارهم عما شاهدوا من الكربات وما شاهدوه بعض الأولياء عند المماة كفاية لمن نظر وعبرة لمن اعتبر وكفى بذلك شهادة الآيات ومتواتر الروايات مع ما دل على عصمة الأنبياء وعدم جواز صدور الكذب منهم والافتراء والمقدار الواجب بعد معرفة أصل المعاد معرفة الحساب وترتب الثواب والعقاب ولا يجب المعرفة على التحقيق التي لا يصلها الا صاحب النظر الدقيق كالعلم بأن الأبدان هل تعود بذواتها أو انما يعود ما يماثلها بهيئاتها وان الأرواح هل تعدم كالأجساد أو تبقى مستمرة حتى تتصل بالأبدان عند المعاد وان المعاد هل يختص بالانسان أو يجري على كافة ضروب الحيوان وان عودها بحكم الله دفعي أو تدريجي وحيث لزمه معرفة الجنان وتصور النيران لا يلزم معرفة وجودهما الان ولا العلم بأنهما في السماء أو في الأرض أو يختلفان وكذا حيث يجب معرفة الميزان لا يجب عليه معرفة انها ميزان معنوية أو لها كفتان ولا يلزم معرفة ان الصراط جسم دقيق أو هو عبارة عن الاستقامة المعنوية على خلاف التحقيق والغرض انه لا يشترط في تحقق الاسلام معرفة انهما من الأجسام وإن كانت الجسمية هي الأوفق بالاعتبار وربما وجب القول بها عملا بظاهر الاخبار ولا تجب معرفة ان الأعمال هل تعود إلى الاحرام وهل ترجع بعد المعنوية إلى صور الأجسام ولا يلزم معرفة عدد الجنان والنيران وادراك كنه حقيقة الحور والولدان وحيث لزم العلم بشفاعة خاتم الأنبياء لا يلزم معرفة مقدار تأثيرها في حق الأشقياء وحيث يلزم معرفة الحوض لا يجب عليه توصيفه ولا تحديده وتعريفه ولا يلزم معرفة ضروب العذاب وكيفية ما يلقاه العصاة من أنواع النكال والعقاب نعم ينبغي لمن صبغ بصبغة الاسلام وتجنب عن متابعة الهوى والشيطان ان يشغل فكره فيما يصلح امره ويرفع عند الله قدره ويستعين على نفسة بالتفكر فيما يصيبه إذا حل في رمسه وما يلقى من الشدايد العظام بعد
Page 5
الحضور بين يدي الملك العلام ويكثر النظر في المرغبات المحركة للنفس إلى طاعة رب السماوات كالتفكر في تلك الجنان وما فيها من الحور والولدان والتأمل في تلك الأشجار الحاوية لما تشتهيه الأنفس من الثمار فينبغي للعاقل ان يفرض الجنة كأنها بين يديه ويخيل النار كأنها مشرفة عليه هذه تسوقه وتلك تقوده فليخش من لحوق السائق وليحكم الجاذب حذرا من انقطاع الزمام بيد القائد وهذه المعارف الثلاث أصول الاسلام فمن أنكر منها واحدا " عرف بالكفر بين الأنام ولا فرق بين انكارها من أصلها وبين عدم معرفتها وجهلها نعم يحصل الاختلاف في بعض شعوبها وأقسامها وضروبها فان منها ما يكون عدم العلم به مكفرا من دون فرق بين الانكار والشك والذهول تساهلا ومنها ما يكون كذلك بشرط الانكار والجحود ومنها ما يكون فيه ذلك مع الانكار والشك فقط وبعضها يلزم منها العصيان دون الكفر وهو منقسم إلى تلك الأقسام فمن أراد تمام المعرفة فليراجع إلى بعض العارفين ليقف على حقيقة ذلك والله ولي التوفيق المبحث الرابع في العدل بمعنى انه لا يجور في قضائه ولا يتجاوز في حكمه وبلائه يثيب المطيعين وينتقم بمقدار الذنب من العاصين ويكلف الخلق بمقدورهم ويعاقبهم على تقصيرهم دون قصورهم ولا يجور عليه ان يقابل مستحق الأجر والثواب بأليم العذاب والعقاب، لا يأمر عباده الا بما فيه صلاحهم ولا يكلفهم الا بما فيه فوزهم ونجاحهم الخير منشأه منه والشر صادر عنهم لا عنه ويكفي في البرهان عليه غناه عن الظلم وعدم حاجته إليه والله تعالى منزه عن فعل القبيح كما يشهد بذلك العقل الصحيح مع أنه أمر بالعدل والاحسان وذم الظلم وأهله في صريح القران وأحال الظلم على ذاته كما دل عليه صريح آياته وكرر اللعن على الظالمين في محكم كتابه المبين وأخرجهم عن قابلية الدخول في جملة الأوصياء والمرسلين بقوله تعالى لا ينال عهدي الظالمين وقد جرى مثل ما ذكرناه وحررنا وسطرناه على لسان أنبيائه وخاصة أوصيائه وأوليائه الذين دلت على صدقهم المعجزات وقامت عليه البراهين والآيات وقد شهدت بثبوت العدل متواترات الاخبار وقامت عليه ضرورة مذهب صفوة الأبرار ثم أول درجات اللطف العدل وبعدها مراتب الرحمة والفضل وعليه يبنى العفو عن المذنبين والتجاوز عن الخاطئين والمقصرين فلا ييأس المذنب عن عفوه طمعا في فضله ولا يقطع على نجاة نفسه حذرا من أن يعامله بعدله فقد وصف نفسه بشدة العقاب وفتح للتوبة أوسع باب وأمر بكثرة الرجاء عصاة الناس ونهاهم عن القنوط من رحمته والأياس وحذرهم من سطواته ودلهم على سبيل طاعاته وقوى أم المسرفين وحقق رجاء المسرفين بقوله تعالى يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ان الله يغفر الذنوب جميعا وقال تبارك وتعالى إن الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء وسمى نفسه بالتواب والرؤوف والرحمن والرحيم والعطوف ويكفي في معرفة العدل ذلك المقدار ولا يجب على الناس ادراك ما يفهم أهل الأفكار والانظار من معرفة مقادير جزاء الطاعات وما يستحقه العصاة من العقاب على التبعات والله ولي التوفيق المبحث الخامس في الإمامة فإن من الواجب على كافة البشر معرفة من عاصرهم أو تقدمهم من الأئمة الاثني عشر لشهادة العقل بوجوب وجود المبين للأحكام كما حكم بلزوم وجود المؤسس للحلال والحرام لمساواة الجهتين وحصول الجهالة عند فقد كل من الامرين ولكثرة المجملات في القران وفي الأخبار الواردة عن سيد ولد عدنان ولورود كثير من المتشابهات في كثير من الآيات مع عموم الخطابات للمكلفين على ممر الأوقات ولان انقطاع معاذير العباد فيما يرتكبونه من أنواع الضلال والفساد موقوف على وجود من يؤمن من الخطاء بالنسبة إليه ولا يجوز العقل النسيان والعصيان عليه وقيام الحجة بالوجود من غير بيان ثاقب حيث كان الباعث لغيبته ما يخشاه على نفسه من أهل الجور والطغيان وكفى في إثبات وجوب وجود الامام مدى الدهر ما اتفق لهشام في بعض الأيام مع عمرو حيث سأله ألك أذن ألك لسان حتى اتى على تمام حواس الانسان ثم قال ألك قلب فانعم في الجواب فقال وما تصنع به فقال ليميز خطأ تلك الحواس من الصواب فقال أتظن بمن يتكفل بنصب ميزان لتلك الحواس لا ينصب إماما يميز الحق لكافة الناس فانقطع عمرو من الكلام ولم يزد على أن قال له انك أنت هشام على أنه متى وجب وجود الامام في وقت لزم استمراره مدى الأيام لأن علة وجوبه في الابتداء مستمرة على الدوام ويكفي في اثبات الأبدية ما تواتر من الجانبين من السنة المحمدية ان من مات ولم يعرف امام زمانه بين يديه فقد مات ميتة جاهلية وما تواتر نقله من الطرفين على كون كتاب الله وعترة نبيه مقترنين حتى يردا على النبي (صلى الله عليه وآله) ويصلا إليه ويشهدا على تمام الأمة (بين يديه) وحيث تبين عدم جواز خلو الأرض من حجة على الدوام وامتنع حدوث الأنبياء بعد نبينا (صلى الله عليه وآله) تعين الامام ويمكن بعد امعان النظر فيما ذكرناه اثبات الإمامة الأئمة الاثني عشر لان كل من قال ببقاء الإمام قال بذلك سوى طوائف لا عبرة بها بين أهل الاسلام ومما ينبغي التمسك به في هذا المقام ما اشتهر بين علماء الاسلام من أنهم بين قولين لا ثالث لهما ومفترقون على مذهبين لا يخرجون عنهما، أحدهما ان الإمامة بالرأي والاختيار، ثانيهما انها بتعين من العزيز الجبار وبطلان الأول واضح ليس فيه خفاء ولا يرتضيه أحد من آحاد العقلاء لأنه يستحيل على الحكيم ان يحيل إلى خلقه هذا الامر العظيم الذي عليه مدار الاحكام وامتياز الحلال من الحرام وكشف حقايق الأشياء وتميز تكاليف رب السماء مع أنه لم يحل إليهم شيئا أمر به من الواجبات ولا أقل شئ من المسنونات والمندوبات مع أن في تلك الإحالة بعثا على إثارة البغضاء وإقامة المنازعة الشديدة والشحناء كما يظهر من تتبع أحوال المهاجرين والأنصار حين فقدوا النبي
Page 6