ولما توفي الرسول وامتنعت القبائل من إيتاء الزكاة سعى إلى جمع القبائل حوله واقترح عيينة بن حصن الفزاري ترك المنازعات بين بني أسد وبني غطفان وعقد حلف بين بني فزارة وبني غطفان وبني أسد.
لبى بنو فزارة هذه الدعوة واتحدوا مع بني أسد، وكذلك البعض من بطون طيء أيضا انضم إلى طليحة حتى إن رئيس جديلة بن طيء، ثمامة بن أوس، جمع خمسمائة رجل وانضم إلى بني أسد. (3)
بنو تميم الساكنون في نجد في منطقة القصيم: وتتألف هذه القبيلة من عدة بطون، ولما بلغها نعي الرسول امتنع أكثر بطونها عن أداة الزكاة، وكان الاختلاف قد دب فيها بينها، ولما ظهرت سجاح من شمال الجزيرة بجموعها من تغلب مدعية النبوة، ودخلت حتى بني تميم؛ لأنها كانت تمت إليهم بنسب، التف حولها بعض من تميم وعلى رأسه مالك بن نويرة، ويزعم الراوي سيف بن عمر أنها كلفت مالكا بالمسير معها نحو المدينة للهجوم على أبي بكر، وكان البعض من بطون بني تميم لم يرتد فالتجأ إليه المسلمون الهاربون من البطون الأخرى، فقاتل سجاح ومن معها من بني تميم، ومنعها من التقدم نحو المدينة. والرواة يزعمون أنه انتصر عليها وعلى حلفائها من بني تميم وألجأها إلى مغادرة ديار بني تميم، والذهاب إلى مسيلمة الكذاب. (4)
بنو حنيفة الساكنون في اليمامة: ادعى رئيس هذه القبيلة مسيلمة النبوة، فآمن بنبوته جميع بني حنيفة، ويظهر أن دعوة الإسلام لم تنتشر فيها وكان معظمها مشركا. فلما ادعى مسيلمة بالنبوة آمن بنبوته. وهي ولا ريب من أخطر القبائل التي اشتركت في حروب الردة وقاتلت المسلمين قتالا عنيفا، وذاق المسلمون الأمرين في حروبها. ويزعم الراوي سيف بن عمر أن جيش بني حنيفة المحارب بلغ الأربعين ألفا.
ومن العسير معرفة قوات هذه القبائل التي اشتركت في المعارك، والواضح أن قبائل غطفان وفزارة التي حاولت مباغتة المدينة حتى اضطر أبو بكر إلى مقاتلتها كانت دون القبائل شأنا، ولعل القوات التي جهزتها لم تزد على ألفي رجل.
أما القوة التي استطاع طليحة أن يجهزها ويقاتل بها جيش المسلمين، فكانت تربو على أربعة آلاف مقاتل، وانضم خمسمائة رجل من قبيلة طيء وسبعمائة فارس بقيادة رئيس بني فزارة عيينة بن حصن.
أما بنو تميم فلو اتفقت بطونها وقابلت جيوش المسلمين لبلغت قوتها زهاء عشرة آلاف مقاتل، غير أنها لم تتفق فيما بينها؛ بل حارب بعضها بعضا، ولما وصل خالد بن الوليد بجيشه إلى ديار بني تميم كانت البطون قد تفرقت.
أما بنو حنيفة فكان جيشهم من أقوى الجيوش التي حاربت المسلمين، ومع أن سيفا يزعم أن قوتهم بلغت أربعين ألفا، بيد أننا لا نميل إلى اعتقاد صحة روايته، ولعل قوة جيش بني حنيفة لم تزد عن خمسة عشر ألف مقاتل.
والذي جعل الرواة يبالغون في تقدير جيش بني حنيفة، هو وعورة المنطقة التي حارب فيها المسلمون، والحقيقة أن أرض اليمامة أرض وعرة، فيها وديان وشعاب وجبال وعقبات وثنايا، والذي زاد في مناعة الأرض القرى المحصنة بالأسوار والحدائق المسورة بالأحجار المكدسة شأن الكثير من قرى العارض والسدير في بلاد نجد.
المسلمون
Unknown page