أما الفلسفة فإن مؤلفات ابن سينا والفارابي والرازي وابن رشد (وهو أعظمهم) وجماعة إخوان الصفا، يمكن أن تقرأ للفائدة التاريخية لا أكثر؛ لأن اهتماماتهم الفلسفية لم تعد لها أية قيمة في عصرنا، وعلى القارئ هنا أن يسترشد بكتاب ج. دي بور «الفلسفة في الإسلام» ترجمة م. ع. أبو ريدة.
مصر والأدب العربي القديم
نحتاج في دراسة الأدب العربي القديم أن نخص مصر بقسم كبير من مجهودنا؛ فإن مصر كانت ولا تزال بعض العالم العربي، وقد قضت قرونا وهي تابعة للخلافة، كما قضت قرونا أخرى وهي منفصلة منها، وكانت ألمع أيامها الأدبية أيام الانفصال؛ لأن تعاقب الولاه عليها من الخلافة في دمشق أو بغداد (أو القسطنطينية) كان يخربها وينزف منها أموالها ورجالها، وحسب القارئ أن يعرف أنه تولى على مصر في خلافة هارون الرشيد وحده 22 واليا كان هم كل منهم بالطبع أن يحصل على أكثر ما يستطيع من مال كي يعود إلى بغداد ويعيش في بذخ.
وليس من المنتظر من وال أجنبي بأن يؤسس المؤسسات أو يصلح أو يرم المرافق، إذا كان يعرف أنه لن يبقى أكثر من عام، فمصر مع الولاة هي مصر الحلوب التي كانت تستدر حتى تنزف؛ ولذلك فقدت الأمة شخصيتها أيام ولاة العرب، ثم انحطت إلى ما دون مستوى التاريخ البشري أيام ولاة الأتراك، فنحن بلا تاريخ أيام هولاء الولاة.
أما أيام الاستقلال في عصر الطولونيين والإخشيديين والفاطميين والمماليك، فإن مصر كانت تنتعش؛ لأن الوالي كان يستقر فيها فتعود وهي وطنه الوحيد الذي يعمل ويجهد لرفاهيته وتزيينه.
ولكن هذا الانتعاش كان على السطح فقط؛ لأن جسم الأمة كان يرزح بالمظالم، حتى هوت مساحة الأرض المزروعة من ستة ملايين فدان إلى ربع مليون فدان.
ونحن ننقل الجدول التالي عن الزراعة المصرية منذ دخول العرب أيام الفاطميين من كتاب «المجمل في التاريخ المصري» للأستاذ حسن إبراهيم حسن، فهو يقول في صفحة 169:
بلغت مساحة الأرض المزروعة في عهد الخليفة الفاطمي المعز 285.714 فدانا، وفي عهد وزارة بدر الجمالي نحو هذا القدر، وانعدمت - أو كادت - في أوساط حكم الخليفة المستنصر، ولم يكن سبب هذا انخفاض النيل أو الوباء، وإنما كان ذلك راجعا إلى سوء الحكم ... ويمكننا الوقوف على اطراد النقص في مساحة الأرض المزروعة في مصر ... في الثبت التالي:
الوالي
السنة
Unknown page