Kawthar Jari
الكوثر الجاري إلى رياض أحاديث البخاري
Investigator
الشيخ أحمد عزو عناية
Publisher
دار إحياء التراث العربي
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م
Publisher Location
بيروت - لبنان
Genres
وَكَانَ امْرَأً تَنَصَّرَ فِي الجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ يَكْتُبُ الكِتَابَ العِبْرَانِيَّ، فَيَكْتُبُ مِنَ الإِنْجِيلِ بِالعِبْرَانِيَّةِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكْتُبَ، وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ عَمِيَ، فَقَالَتْ لَهُ خَدِيجَةُ: يَا ابْنَ عَمِّ، اسْمَعْ مِنَ ابْنِ أَخِيكَ، فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ: يَا ابْنَ أَخِي مَاذَا تَرَى؟ فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ خَبَرَ مَا رَأَى، فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ: هَذَا النَّامُوسُ الَّذِي نَزَّلَ اللَّهُ عَلَى مُوسَى، يَا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعًا، لَيْتَنِي أَكُونُ حَيًّا إِذْ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:
ــ
وأما في المصاحف العثمانية فالألف ثابت مطلقًا، وصفًا كان أو خبرًا.
(وكان امرأً تَنَصَّر في الجاهلية) زمانُ الفترة بين رسول الله ﷺ وبين عيسى يسمى بالجاهلية، لعدم الوثوق بأقوال أهل الكتاب وظهور الجهل. وكان ورقةُ تَرَك عبادة الأوثان وتمسك بملة عيسى، وكان هو وزيد بن عمرو بن نُفيل خرجا يطلبان الدين بالشام فتَنَصَّر ورقةُ وقُتل زيد موحّدًا (وكان يكتب الكتابَ العبراني) وفي كتاب "الرؤيا": العربي بدل العبراني. وكذا في رواية مسلم والكل صحيحٌ؛ لأن الغرضَ بيان تمكنّه في العلم يتصرّف فيه كيف يشاء، وليس في الكلام دلالةٌ على أن الإنجيل ليس عبرانيًّا، بل قوله: (وكان يكتب الكتابَ العبراني) يدل عليه صريحًا، فإنه بيَّن أصله والمنقول إليه وهو العربي (اسمعْ من ابن أخيك) فيه تجوزُ فإن نَسَب ورقةَ يلاقي نَسَب رسول الله ﷺ في قُصى، أو هو على عُرف العرب يقولون لكل من كان أصغرَ سنًّا: ابن أخي (هذا الناموس الذي نزل الله [على] موسى) خُصّ موسى بالذكر، لأن أهل الكتاب متفقون على رسالته بخلاف عيسى، فإن اليهود ينكرونه. والناموس: فاعول من نمستُ السرَّ كتمتُهُ، يقال لصاحب السرّ الخير: ناموس، ولصاحب السرّ الشر: جاسوس، فهو من الصفات الغالبة كالأعلام الغالبة. وفي رواية زبير بن بكار. عيسى، بدل: موسى.
(يا ليتني فيها جَذَعًا) أي في أيام ظهور نُبوتك، والمنادى في مثله محذوف. قال ابنُ مالك: هذا ضعيفٌ؛ إذ لو كان كذلك لصرّح بالمنادى في موضع، بل "يا" فيه للتنبيه، كألا في قوله: ألا ليت شعري. وفيه نظرٌ؛ فإن "ألا" حرفُ تنبيهٍ وضعًا بخلاف "يا" فإنه حرف النداء إجماعًا، واستبعاده ساقط، إذ كم من أصل في كلام العرب قد هُجر، أَلَا ترى أنهم
1 / 42