1
توجد استحالة متى كان الموضوع، وهو باق بعينه، وهو دائما محسوس، يلحقه تغير في خواصه المخصوصة التي يمكن أن تكون مع ذلك أضدادا أو أوساطا، على ذلك مثلا الجسم هو صحيح ثم هو مريض مع بقائه هو بذاته، وكذلك أيضا النحاس هو تارة مستدير وتارة ذو زوايا مع بقائه جوهريا هو بعينه.
2
ولكن حينما الموجود يلحقه التغير بكليته دون أن يبقى منه شيء محسوس من جهة أنه موضوع واحد وبحدة، وأن الدم مثلا يتكون بأن يأتي من كل النطفة وأن الهواء يأتي من كل الماء أو بالعكس الماء من كل الهواء، حينئذ يوجد في هذه الحالة كون للواحد وفساد للآخر. وهذا حق على الخصوص متى كان التغير يمر من اللامحسوس إلى المحسوس، سواء بالنسبة لحاسة اللمس أو بالنسبة لجميع الحواس الأخرى، مثلا حينما يوجد كون الماء أو حينما يوجد تحلل الماء إلى هواء؛ لأن الهواء هو بالمقارنة غير محسوس تقريبا.
3
ولكن في هذه الأشياء إذا بقي لحدي التقابل كيف ما متماثل في الموجود الذي يتولد وفي الذي يفسد، وإذا كان مثلا حينما يتكون الماء بأن يأتي من الهواء وهذان العنصران هما على السواء شفافان وباردان؛ فإذن لا يلزم بعد أن أحد هذين الكيفين فقط يتعلق بالجسم الذي فيه يحدث التغير، ومتى لم يكن الأمر كذلك فلا يكون إلا مجرد استحالة، مثلا في حالة ما الرجل الموسيقي ينعدم والرجل غير الموسيقي يكون ويظهر، ولكن الرجل لا يزال هو بعينه، وحينئذ إذا لم تكن أصلا خاصة هذا الموجود أو كيفه إلا المهارة في فن الموسيقى أو الجهل به؛ فإذن يوجد كون لإحدى الظاهرتين وفساد للأخرى. ومن ذلك يرى لماذا أن تلك ليست إلا كيفيات للرجل في حين أن هذا هو كون وفساد للرجل الذي هو موسيقي، وللرجل الذي لا يعرف الموسيقى؛ فليس هناك إلا تكيف للموضوع الذي هو ثابت، وهذا هو بالضبط ما يسمى استحالة.
4
وإذن حينما يكون تغير حد ضد لآخر حادثا في الكم فتلك زيادة ونقص، ومتى كان ذلك في الأين فتلك هي نقلة، ومتى كان في الملكية الخاصة والكيف فتلك استحالة بالمعنى الخاص، ولكن متى لم يبق شيء مطلقا من الموضوع الذي أحد أضداده هو تغير أو عرض فذلك أنه يوجد كون من وجه وفساد من وجه آخر.
5
وحينئذ فالمادة التي هي على جهة الأولوية والأفضلية الموضوع القابل للكون والفساد، وبوجه ما هي أيضا التي تعاني أنواع التغيرات الأخرى؛ لأن كل الموضوعات مهما كانت فهي قابلة لتقابلات ما بالأضداد.
Unknown page