287

في طفولتي في القرية كنت أسير بجوار عمتي الفلاحة وهي تمشي إلى الحقل حاملة زكيبة القطن فوق رأسها، أو الزلعة الكبيرة المملوءة بماء النيل، وأسمعها تغني مثل هذه الأغنية، إلا أن عبارة «فوق ظهورنا» تغيرت إلى عبارة أخرى هي «فوق رءوسنا». (3) إنها حضارة واحدة

يلعب حجاب العقل دورا كبيرا في ترويج الثنائيات والقيم المزدوجة وما يصاحبها من أفكار مضللة، ومنها فكرة الصراع بين الحضارات، أو بين الحضارة الإسلامية والحضارة الغربية، مما يحجب عنا الحقيقة، وهي أننا نعيش في عالم واحد وليس ثلاثة، وحضارة واحدة هي حضارة رأسمالية أبوية نبعت وتطورت من العبودية القديمة القائمة على الثنائيات الباطلة على رأسها ثنائية السيد والعبد، المالك والمملوك، الملاك والشيطان، الحاكم والمحكوم، الروح والجسد، السماء والأرض، المؤمن والكافر، الخير والشر، الخطيئة والفضيلة، الذكر والأنثى.

لو أننا تأملنا لغة جورج بوش الابن بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 لاكتشفنا أنها لغة دينية مسيحية، تستخدم اسم الله لتعلن الحرب في أفغانستان ضد الشيطان أسامة بن لادن وأعوانه في تنظيم القاعدة، ولا يكف جورج بوش عن الغناء في الكنائس مع أعوانه هذه الأناشيد الدينية السياسية في آن واحد: (1)

نحن أمة واحدة تحت الله

One Nation Under God . (2)

نحن نثق في الله

In God We Trust . (3)

فليبارك الله في أمريكا

God Bless America .

ويردد مثل هذه الأناشيد السياسية رجال الفاتيكان وعلى رأسهم «البابا» الذي أسرع بزيارة أوزبكستان وغيرها من البلاد المحيطة بأفغانستان وبحر قزوين، منشدا الله والمسيح والروح القدس، ساعيا إلى توحيد المسيحيين ضد ما أسماه الإرهاب الإسلامي، وتمهيد الطريق تحت اسم الله للقوات العسكرية الأمريكية والبريطانية لغزو أفغانستان.

Unknown page