280

al-Kashshāf

الكشاف

Publisher

دار الكتاب العربي

Edition

الثالثة

Publication Year

١٤٠٧ هـ

Publisher Location

بيروت

فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ أى آخر عدتهن وشارفن منتهاها. والأجل يقع على المدّة كلها، وعلى آخرها، يقال لعمر الإنسان: أجل، وللموت الذي ينتهى به: أجل، وكذلك الغاية والأمد، يقول النحويون «من» لابتداء الغاية، و«إلى» لانتهاء الغاية. وقال:
كُلُّ حَىٍ مُسْتَكْمِلٌ مُدَّةَ الْعُمْرِ … وَمُودٍ إذَا انْتَهَى أمَدُهْ «١»
ويتسع في البلوغ أيضًا فيقال: بلغ البلد إذا شارفه وداناه. ويقال: قد وصلت، ولم يصل وإنما شارف، ولأنه قد علم أنّ الإمساك بعد تقضى الأجل لا وجه له، لأنها بعد تقضيه غير زوجة له في غير عدّة منه، فلا سبيل له عليها فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ فإما أن يراجعها من غير طلب ضرار بالمراجعة أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وإما أن يخليها حتى تنقضي عدّتها وتبين من غير ضرار وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرارًا كان الرجل يطلق المرأة ويتركها حتى يقرب انقضاء عدتها، ثم يراجعها لا عن حاجة، ولكن ليطوّل العدة عليها، فهو الإمساك ضرارًا لِتَعْتَدُوا لتظلموهنّ. وقيل:
لتلجئوهن إلى الافتداء فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ بتعريضها لعقاب اللَّه وَلا تَتَّخِذُوا آياتِ اللَّهِ هُزُوًا أى جدّوا في الأخذ بها والعمل بما فيها، وارعوها حق رعايتها، وإلا فقد اتخذتموها هزوًا ولعبًا.
ويقال لمن لم يجدّ في الأمر: إنما أنت لاعب وهازئ. ويقال: كن يهوديًا وإلا فلا تلعب بالتوراة.
وقيل: كان الرجل يطلق ويعتق ويتزوّج ويقول: كنت لاعبًا. وعن النبي ﷺ:
«ثلاث جدّهن جدّ وهزلهن جدّ: الطلاق «٢» والنكاح والرجعة «٣» وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ بالإسلام وبنبوّة محمد ﷺ وَما أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتابِ وَالْحِكْمَةِ من القرآن والسنة وذكرها مقابلتها بالشكر والقيام بحقها يَعِظُكُمْ بِهِ بما أنزل عليكم فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ إما أن يخاطب به الأزواج الذين يعضلون نساءهم بعد انقضاء العدة ظلمًا وقسرًا، ولحمية الجاهلية لا يتركونهنّ يتزوّجن من شئن من الأزواج. والمعنى: أن ينكحن أزواجهن الذين يرغبن فيهم ويصلحون لهنّ، وإما أن يخاطب به الأولياء في عضلهنّ أن يرجعن إلى أزواجهنّ.
روى أنها نزلت في معقل بن يسار حين عضل أخته أن ترجع إلى الزوج الأوّل. وقيل: في جابر

(١) . يقال: أودى إذا هلك، وأودى به السبل ونحوه أهلكه وذهب به. والودي كالغنى: الهلاك. ويروى أجله. والأمد والأجل يطلقان على جميع مدة الشيء. وعلى منتهاها، كما تطلق الغاية على جميع المسافة وعلى آخرها.
يقول: كل حى لا بد أنه يستكمل مدة عمره ويهلك إذا انتهت مدته وتسكين العمر لغة فيه.
(٢) . قوله «وهزلهن جد الطلاق والنكاح والرجعة» في أبى السعود: النكاح والطلاق والعتاق. (ع)
(٣) . أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجة والحاكم والدارقطني والبيهقي، من حديث أبى هريرة. وفي إسناده ضعف.

1 / 277