8

Kashshaf al-Qina' 'an Matn al-Iqna'

كشاف القناع عن متن الإقناع

Investigator

هلال مصيلحي مصطفى هلال

Publisher

مكتبة النصر الحديثة

Edition Number

الأولى

Publication Year

1377 AH

Publisher Location

الرياض

اللَّهَ تَعَالَى (عَلَى نِعَمِهِ) جَمْعُ نِعْمَةٍ وَالْإِنْعَامُ الْإِعْطَاءُ مِنْ غَيْرِ مُقَابَلَةٍ. قَالَ فِي الْقَامُوسِ: أَنْعَمَهَا اللَّهُ تَعَالَى وَأَنْعَمَ بِهَا: عَطِيَّتُهُ وَالشُّكْرُ لُغَةً الْحَمْدُ عُرْفًا وَاصْطِلَاحًا صَرْفُ الْعَبْدِ جَمِيعَ مَا أَنْعَمَ اللَّهُ بِهِ عَلَيْهِ لِمَا خُلِقَ لِأَجْلِهِ. قَالَ تَعَالَى ﴿وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ﴾ [سبأ: ١٣] فَبَيْنَ الْحَمْدِ وَالشُّكْرِ اللُّغَوِيَّيْنِ عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مِنْ وَجْهٍ فَالْحَمْدُ أَعَمُّ مِنْ جِهَةِ الْمُتَعَلَّقِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ فِي مُقَابَلَةِ نِعْمَةٍ وَأَخُصُّ مِنْ جِهَةِ الْمَوْرِدِ وَهُوَ اللِّسَانُ وَالشُّكْرُ أَعَمُّ مِنْ جِهَةِ الْمَوْرِدِ وَأَخُصُّ مِنْ جِهَةِ الْمُتَعَلَّقِ وَالنِّسْبَةُ بَيْنَ بَاقِي الْأَقْسَامِ تَظْهَرُ لِلْمُتَأَمِّلِ (الَّتِي لَا تُحْصَى) . قَالَ تَعَالَى ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا﴾ [النحل: ١٨] . وَمِنْ ثَمَّ قَالَ ﵇ سُبْحَانَكَ لَا نُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ (وَإِيَّاهُ أَسْتَعِينُ) أَيْ أَطْلُبُ الْمَعُونَةَ مِنْهُ دُونَ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ الْقَدِيرُ وَغَيْرَهُ الْعَاجِزُ (وَأَسْتَغْفِرُهُ) أَيْ أَطْلُبُ مِنْهُ الْمَغْفِرَةَ أَيْ السَّتْرَ عَمَّا فَرَطَ (وَأَتُوبُ) أَيْ أَرْجِعُ (إلَيْهِ إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ) الرَّجَّاعِينَ إلَيْهِ مِمَّا فَرَطَ مِنْهُمْ مِنْ الذُّنُوبِ. (وَأَشْهَدُ) أَيْ أَعْلَمُ (أَنْ لَا إلَهَ) أَيْ مَعْبُودَ بِحَقٍّ فِي الْوُجُودِ (إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ) أَيْ مُنْفَرِدًا فِي ذَاتِهِ (لَا شَرِيكَ لَهُ) فِي ذَاتِهِ وَلَا صِفَاتِهِ وَلَا أَفْعَالِهِ (وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ) . قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ﴾ [محمد: ١٩] (وَأَنَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ) الْخَاضِعِينَ الْمُنْقَادِينَ لِأُلُوهِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى الْقَابِلِينَ لِأَمْرِهِ وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى الْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ فِي بَابِ الرِّدَّةِ (وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا) سُمِّيَ بِهِ لِكَثْرَةِ خِصَالِهِ الْمَحْمُودَةِ وَهُوَ عَلَمٌ مَنْقُولٌ مِنْ التَّحْمِيدِ مُشْتَقٌّ كَأَحْمَدَ مِنْ اسْمِهِ تَعَالَى الْحَمِيدِ، وَأَسْمَاؤُهُ ﵇ كَثِيرَةٌ أَفْرَدَ لَهَا الْحَافِظُ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ عَسَاكِرٍ كِتَابًا فِي تَارِيخِهِ بَعْضُهَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَبَعْضُهَا فِي غَيْرِهِمَا مِنْهَا أَحْمَدُ وَمُحَمَّدُ وَالْحَاشِرُ وَالْعَاقِبُ وَالْمُقَفِّي وَخَاتَمُ الْأَنْبِيَاءِ وَنَبِيُّ الرَّحْمَةِ وَنَبِيُّ الْمَلْحَمَةِ وَنَبِيُّ التَّوْبَةِ وَالْفَاتِحُ. وَقَالَ بَعْضُ الصُّوفِيَّةِ لِلَّهِ ﷿ أَلْفُ اسْمٍ، وَلِلنَّبِيِّ ﷺ أَلْفُ اسْمٍ قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ أَمَّا أَسْمَاءُ اللَّهِ تَعَالَى فَهَذَا الْعَدَدُ حَقِيرٌ فِيهَا وَأَمَّا أَسْمَاءُ النَّبِيِّ ﷺ فَلَمْ أُحْصِهَا إلَّا مِنْ جِهَةِ الْوُرُودِ الظَّاهِرِ بِصِيغَةِ الْأَسْمَاءِ الْبَيِّنَةِ، فَوَعَيْتُ مِنْهَا أَرْبَعَةً وَسِتِّينَ اسْمًا ثُمَّ ذَكَرَهَا مُفَصَّلَةً مَشْرُوحَةً فَاسْتَوْعَبَ وَأَجَادَ (عَبْدُهُ) . قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الدَّقَّاقُ لَيْسَ شَيْءٌ أَشْرَفَ وَلَا اسْمٌ أَتَمَّ لِلْمُؤْمِنِ مِنْ الْوَصْفِ بِالْعُبُودِيَّةِ قَالَ فِي الْمَطْلَعِ: وَلِهَذَا وَصَفَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ ﷺ بِالْعُبُودِيَّةِ فِي أَشْرَفِ مَقَامَاتِهِ حِينَ دَعَا الْخَلْقَ

1 / 15