53

Kashf Mushkil

كشف المشكل من حديث الصحيحين

Investigator

علي حسين البواب

Publisher

دار الوطن

Edition Number

الأولى

Publication Year

1418 AH

Publisher Location

الرياض

ثمَّ لابد من النّظر فِي حَال الْآخِذ والمأخوذ مِنْهُ، فَإِن كَانَ الْمَأْخُوذ زَكَاة أَو صَدَقَة والآخذ يَسْتَحِقهَا جَازَ لَهُ، وَإِن كَانَ غير مُسْتَحقّ، مثل أَن يكون قَادِرًا على الْكسْب، أَو عِنْده مَا يَكْفِيهِ، فقد قَالَ النَّبِي ﷺ: " لَا تحل الصَّدَقَة لَغَنِيّ، وَلَا لذِي مرّة سوي ". وَإِن كَانَ هَدِيَّة نظر الْآخِذ فِي حَال نَفسه: هَل يخَاف أَن يكون قبُوله إِيَّاهَا سَببا لمداهنة الْمَأْخُوذ مِنْهُ، أَو لتَعلق قلبه بِهِ، واستشراف نَفسه طَمَعا فِي تكْرَار الْعَطاء أَو لمنته عَلَيْهِ، أَو كَسبه غير طيب. فَمن خَافَ شَيْئا من هَذِه الْأَشْيَاء لم يقبل، وَقد كَانَ السّلف ينظرُونَ فِي هَذِه الدقائق، فيقل قبولهم للعطايا، ثمَّ جَاءَ أَقوام يدعونَ التزهد، وَإِنَّمَا مُرَادهم الرَّاحَة وإيثار البطالة، وَلَا يبالون أخذُوا من ظَالِم أَو مكاس. وَيُمكن أَن تكون الْإِشَارَة بقوله: " وَمَا جَاءَك من هَذَا المَال " إِلَى بَيت المَال الَّذِي للْمُسلمِ فِيهِ حق، فَيُؤْمَر بِالْأَخْذِ مِنْهُ بِخِلَاف غَيره، وَيكون الاستشراف الْمَكْرُوه إِلَى مَا يزِيد على حق الْمُسلم فِيهِ. ٢١ - / ٢١ - وَفِي الحَدِيث الثَّالِث: " إِن الله يَنْهَاكُم أَن تحلفُوا بِآبَائِكُمْ " فَقَالَ عمر: فو الله مَا حَلَفت بهَا مُنْذُ سَمِعت رَسُول الله ينْهَى عَنْهَا ذَاكِرًا وَلَا آثرا. كَانَ من عَادَة الْعَرَب أَن يحلفوا بآبائهم. وَالْحلف بالشَّيْء تَعْظِيم لَهُ، فَنهى رَسُول الله عَن تَعْظِيم غير الله بالقسم بِهِ.

1 / 51