131

Kashf Mushkil

كشف المشكل من حديث الصحيحين

Investigator

علي حسين البواب

Publisher

دار الوطن

Edition Number

الأولى

Publication Year

1418 AH

Publisher Location

الرياض

وَقد دلّ هَذَا الحَدِيث على اسْتِحْبَاب التنظف من الأقذار عِنْد النّوم، لِأَن الْإِنْسَان لَا يكَاد يتَوَضَّأ حَتَّى يغسل مَا بِهِ من أَذَى. وَإِنَّمَا أَمر بذلك عِنْد النّوم لِأَن الْمَلَائِكَة تبعد عَن الْوَسخ وَالرِّيح الكريهة، وَالشَّيَاطِين تتعرض بالأنجاس والأقذار. وَقَالَ عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ: إِن الْأَرْوَاح يعرج بهَا فِي منامها إِلَى السَّمَاء، فتؤمر بِالسُّجُود عِنْد الْعَرْش، فَمَا كَانَ مِنْهَا طَاهِرا سجد عِنْد الْعَرْش، وَمَا لَيْسَ بطاهر سجد بَعيدا عَن الْعَرْش. ثمَّ إِن الْوضُوء يُخَفف الْحَدث، وَلِهَذَا يجوز عندنَا للْجنب إِذا تَوَضَّأ أَن يجلس فِي الْمَسْجِد. ٧٤ - / ٨١ - وَفِي الحَدِيث الثَّالِث: قَالَ عمر: يَا رَسُول الله، أصبت أَرضًا لم أصب مَالا أحب إِلَيّ وَلَا أنفس عِنْدِي مِنْهَا، فَقَالَ: " إِن شِئْت تَصَدَّقت بهَا ". فَتصدق بهَا عمر: على أَن لَا تبَاع وَلَا توهب، فِي الْفُقَرَاء وَذَوي الْقُرْبَى الرّقاب والضيف وَابْن السَّبِيل، لَا جنَاح على من وَليهَا أَن يَأْكُل بِالْمَعْرُوفِ غير مُتَمَوّل مَالا، وَيطْعم. أنفس بِمَعْنى أفضل. وَإِنَّمَا نبهه على التَّصَدُّق بهَا عِنْد قَوْله: إِنِّي لم أصب مَالا أحب إِلَيّ مِنْهَا؛ لِأَن الْفَضَائِل لَا تنَال إِلَّا ببذل الأحب، قَالَ الله تَعَالَى: ﴿لن تنالوا الْبر حَتَّى تنفقوا مِمَّا تحبون﴾ [آل عمرَان: ٩٢] . وَفِي هَذَا الحَدِيث من الْعلم أَن الرجل إِذا وقف وَقفا فَأحب أَن يشْتَرط لنَفسِهِ أَو لغيره فِيهِ شرطا سوى الْوَجْه الَّذِي جعل الْوَقْف فِيهِ، كَانَ لَهُ ذَلِك، وَعِنْدنَا أَنه إِذا وقف على غَيره وَاسْتثنى أَن ينْفق على نَفسه حَيَاته صَحَّ. وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَمُحَمّد: لَا يَصح. وَقد دلّ حَدِيث عمر على صِحَة مَذْهَبنَا؛ لِأَنَّهُ قَالَ: لَا جنَاح على من وَليهَا أَن يَأْكُل. وَإِنَّمَا ولي هَذِه الأَرْض عمر.

1 / 129