بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الملك الحق المبين، باعث الأنبياء والمرسلين، وناصب الأوصياء رحمة للعالمين، اظهارا للشرع القويم، وحفظا للحق المستبين، وكمالا للدين، والصلاة والسلام على أشرف الأولين والآخرين، محمد وآله الطاهرين.
اما بعد:
فلا يخفى على أهل الإيمان والاسلام حاجة الناس إلى امام معصوم (1).
في كل أوان، إذ لا بد من حافظ للشرع يؤمن منه الزيادة والنقصان، ولا طريق إلى ذلك الامام الا بالنص عليه من الملك العلام، بالوحي الإلهي على لسان رسوله (صلى الله عليه وآله) المؤيد بالملائكة الكرام، وانى للرعية في نصب امام حجة على الخاص والعام، بل هذا من المستحيل لا تهتدي إلى الافهام، بل الخيرة لله تعالى المؤمن السلام، المنزل للشرع من الحلال والحرام.
فلا بد من المبلغ للشرع، وهو النبي، وحافظ له وهو الامام، وهذا واضح عند ذوي الفهم والحفظ من الأنام، ومحكم الكتاب الناطق بالصواب:
Page 25
ان الله جل جلاله قد أكمل الدين وأتم النعمة بنصب الامام القوام، الذي ترجع إليه الخلق بعد النبي (صلى الله عليه وآله) في احكام الحلال والحرام، فهو في محل النبي (صلى الله عليه وآله) الا النبوة في جميع الحكام فهو خليفة الرسول (صلى الله عليه وآله) في كل الأقسام.
ثم لا ريب ولا مرية ولا شك في نصب علي بن أبي طالب أمير المؤمنين (عليه السلام) بعد النبي (صلى الله عليه وآله) بنص النبي (صلى الله عليه وآله) قد نقله الخاص والعام، فمن تأمل كتب العامة وما ذكره أئمتهم في مصنفاتهم رأى ذلك في العيان بارزا من الأكمام، وقد صرحوا في صحاحهم المشهورة، وتأليفاتهم المأثورة ان النبي (صلى الله عليه وآله) نص على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) بأنه الامام بعده والخليفة والوصي والوزير، وانه منه بمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبي بعده، فإذا كانوا هم معترفين بهذا النص وهو مسطور في كتبهم، روته رجالهم عن رجالهم، فالعجب كل العجب من الاعراض عن هذا النص المتفق على نقله الفريقان، والفئتان المتباينتان، فماذا بعد الحق الا الضلال، فالعامة من قبيل قوله تعالى: * (واما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى) * (2).
وأعوذ بالله سبحانه من اتباع الهوى، بعد وجدان الهدى.
وكنت قد لحظت كتب العامة، فرأيت ما نقلته من النص على علي بن أبي طالب أمير المؤمنين (عليه السلام) بذلك، وعملت في ذلك كتابا سميته ب (غاية المرام في النص على الامام من طريق الخاص والعام) كتاب حسن في معناه بالروايات الكثيرة، والآثار المنيرة.
ثم بعد ذلك خطر بالبال، وسنح في الخيال، ان أفرد كتابا يحتوي على
Page 26
بعض روايات غدير خم، وذكر من رواه من طريق العامة والخاصة، نموذج شريف، وحظ وافر منيف، إذ كان نقلته لا تحصى ولا تحصر من طريق الخاصة والعامة، فاقتصرت على هذا القدر، وفي ذلك كفاية لمن نظر، وسميته ب (كشف المهم في طريق خبر غدير خم).
وخبر غدير خم قد اشتمل على: ان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) هو الامام بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، والخليفة، والوصي، والولي، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
Page 27
[...]
Page 28
الباب الأول فيما جاء من طريق الخاصة
Page 29