كشف الخفاء ومزيل الإلباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس للمفسر المحدث الشيخ إسماعيل بن محمد العجلوني الجراحي المتوفى سنة ١١٦٢ هـ عن نسخة كتبت برسم فخر الأشراف السيد سعيد بن الحافظ الشيخ أحمد الحلبي العطار، مع المقابلة بنسخة خزانة آل العطار بدمشق ومعارضة الملتبس منهما بنسخة دار الكتب المصرية وغيرها

1 / 1

الطبعة الثالثة مصححة الاخطاء ١٩٨٨ م - ١٤٠٨ هـ جميع الحقوق محفوظة

1 / 2

يقول الناشر بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله تعالى خالق الأولين والآخرين والصلاة والسلام على رسوله الأعظم سيدنا محمد المرسل رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه ورسل الله أجمعين. أما بعد فإن أقوال النبي ﷺ في معانيها هي قانون سعادة للعالمين في شؤونهم كلها، وفي ألفاظها هي الأساس الخالد لصرح المعجم العربي. لذلك ترى العلماء حافين من حولها يجرحون من يطمع أن ينزل سوءا بساحتها وقد حاول أعداء الإسلام وبعض المخذولين من المنتحلين له أن يدسوا أحاديث سقيمة في عسكر (١) الصحاح فانتدب العلماء الباحثون لردها فألفوا في ذلك مصنفات في العلل والموضوعات - هذا الكتاب من أجمعها فقد ضم بين طرفيه زهاء ثلاثة آلاف ومائتي حديث، ميز طيبها من خبيثها بعرضها على ميزان الجرح والتعديل. وزاد على ذالك بيان مراتب الأحاديث الدائرة على الألسنة، ودل على ما كان منها من قبيل الحكم المأثورة، وسرد ما يقارب معنى بعضها من السنن، وشرح معاني الآثار يبسط قد لا يوجد بعضه مجموعا في غيره. ورتبه على الحروف ليكون كمعجم يرجع إليه في ذلك. واعتمد في تصنيفه على أوثق ما كتب في هذا الباب وهو " المقاصد الحسنة في بيان كثير من الأحاديث المشتهرة على الألسنة للحافظ السخاوي (٢) واستدرك عليه مما في مؤلفات الثقات كالحافظ ابن حجر والسيوطي والنجم الغزي في _________ (١) العكسر: الجمع من كل شئ، ومن الأحاديث الصحيحة ما يطرد الدخيل بنفسه بقوة لغته ومعناه. (٢) وقد اشتهر أنه أحفل كتاب في الموضوع، ولكن كتابنا يعدل ضعفه) .

1 / 3

كتابه " إتقان ما يحسن من بيان الأخبار الدائرة على الألسن "، ومما كتبه الحافظ ابن الجوزي والصغاني في الموضوعات، وملا علي القاري في كتابه " الأسرار المرفوعة في الأخبار الموضوعة " وهما كبير وصغير، وقد نقل منهما، وغير ذلك من الأمهات. وينقل بالواسطة من كتب لا يمكن حصرها، من أعظمها كتاب " العلل " للدارقطني الذي يقول الحافظ الذهبي أنه لم يؤلف مثله في الإسلام. ووضع للكتاب خاتمة أبطل فيها نسبة بعض مصنفات اشتهرت بنسبتها لأناس كذبا، وبين افتئات بعضهم على التاريخ بقولهم إن قبر نوح ﵇ في البقاع من أراضي الشام، ومدفن أبي بن كعب في دمشق، وإن مقبر الإمام الحسين في القاهرة، وزيف دعوى القائلين بتعيين قبر السيدة نفيسة في القاهرة، ونقض مزاعم القائلين باجتماع الإمامين الشافعي وأحمد بشيبان الراعي وسؤاله عن سجود السهو، إلى غير ذلك مما يتصل بالتاريخ والحديث، وانتهى إلى ذكر ضوابط جامعة في الموضوعات. فحاجة الباحث والطالب إليه ليست دون اضطرار الواعظ والخطيب لتوقي الموضوعات - التي حشيت في بعض كتب الوعظ - وتعرف درجات الأحاديث التي يذكرون بها. وأول نسخة عثرت عليها من هذا الكتاب هو الأصل الذي قدمته للمطبعة، وكنت ابتعته من أحد علماء دمشق - وكان به ضنينا - ثم اطلعت على نسخة منه في خزانة آل العطار بدمشق الشام، والثالثة هي نسخة دار الكتب المصرية. ومع أن الأصل الذي دفعته للمطبعة هو أصح هذه النسخ فقد احتجت - والكتاب في الحديث النبوي - إلى الرجوع إلى نسخة الدار كثيرا، ثم اضطررت إلى طلب نسخة آل العطار فتفضل بإرسالها الأستاذ الجليل الشيخ عبد الحميد العطار جزاه الله خيرا فوصلت إلي بعد أن بلغ الطبع الى (حرف الحاء المهملة في الصفحة ٣٣٨) فقابلت بهاما بعد ذلك وأشرت هنا إلى التصحيحات والاختلافات الواقعة قبل ذلك: وفي العزم أن نلحق بآخر الكتاب فهرسا لأكثر أحاديثه مرتبة على أبواب كتب السنن، والله سبحانه الموفق.

1 / 4

الجزء الاول كشف الخفاء ومزيل الإلباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس للمفسر المحدث الشيخ إسماعيل بن محمد العجلونى الجراحى المتوفى سنة ١١٦٢ هـ عن نسخة كتبت برسم فخر الأشراف السيد سعيد بن الحافظ الشيخ أحمد الحلبي العطار، مع معارضة المشكل منها بنسخة دار الكتب المصرية العامرة

1 / 1

حياة المصنف مختصرة من سلك الدرر للمرادي هو إسماعيل بن محمد بن عبد الهادي بن عبد الغني الشهير بالجراحي (نسبة إلى أبي عبيدة بن الجراح أحد الصحابة العشرة المبشرين بالجنة ﵃ الشافعي العجلوني المولد، الدمشقي المنشأ والوفاة، الشيخ العالم الهمام الحجة الرحلة العمدة الورع العلامة، كان عالما بارعا صالحا مفيدا محدثا مبجلا قدوة سندا خاشعا، له يد في العلوم لاسيما الحديث والعربية وغير ذلك مما يطول شرحه ولا يسع في هذه الطروس وصفه، له القدم الراسخة (١) في العلوم واليد الطولى في دقائق المنطوق والمفهوم كما قيل: حدث عن البحر لا عتب ولا حرج ... وما تشاء من الإجلال قل وقل ولد بعجلون في سنة سبع وثمانين بعد الألف تقريبا، وسماه والده أولا باسم محمد مدة من الزمان لا تزيد على سنة، ثم غير اسمه إلى مصطفى نحو ستة أشهر ثم غير اسمه بإسماعيل واستقر الأمر بهذا الاسم. ثم لما بلغ سن التمييز شرع في قراءة القرآن العظيم حتى حفظه عن ظهر قلبه في مدة يسيرة، ثم قدم إلى دمشق وعمره نحو ثلاث عشرة سنة تقريبا لطلب العلم وذلك في منتصف شوال سنة ألف ومائة، واشتغل على جماعة أجلاء بالفقه والحديث والتفسير والعربية وغير ذلك إلى أن تميز عن أقرانه بالطلب، ومن أسباب توجهه لطلب العلم أنه أما كان في بلاده وكان صغيرا يقرأ في المكتب رأى في عالم الرؤيا أن رجلا ألبسه جوخة خضراء مركبة على فرو أبيض في غاية الجودة والبياض، وقد غمرته لكونها سابغة على يديه ورجليه. فأخبر والده بالمنام فحصل له بذلك السرور التام وقال له إن شاء الله يجعل لك يا ولدي من العلم الحظ الوافر ودعا له بذلك. _________ (١) في الأصل " الراسخ " وهو جائز

1 / 2

قلت ومشايخه كثيرون والكتب التي قرأها لا تعد لكثرتها ما بين كلام وتفسير وحديث وفقه وأصول وقراآت وفرائض وحساب وعربية بأنواعها ومنطق وغير ذلك، وقد ألف ثبتا سماه حلية أهل الفضل والكمال باتصال الأسانيد بكمل الرجال وترجم مشايخه به، فمن مشايخه الشيخ أبو المواهب مفتي الحنابلة بدمشق، والشيخ محمد الكاملي الدمشقي، والشيخ إلياس الكردي نزيل دمشق، والأستاذ الشيخ عبد الغني النابلسي الدمشقي، والشيخ يونس المصري نزيل دمشق، والشيخ عبد الرحمن المجلد الدمشقي، والشيخ عبد الرحيم الكابلي الهندي نزيل دمشق والشيخ أحمد الغزي الدمشقي ومفتيها الشيخ إسماعيل الحائك، والشيخ نور الدين الدسوقي الدمشقي والشيخ عثمان القطان الدمشقي، والشيخ عثمان الشمعة الدمشقي، والشيخ عبد القادر التغلبي الحنبلي، والشيخ عبد الجليل أبو المواهب المذكور، والشيخ عبد الله العجلوني نزيل دمشق، ومن غير الدمشقيين الشيخ محمد الخليلي المقدسي، والشيخ محمد شمس الدين الحنفي الرملي، وأجازه الشيخ عبد الله بن سالم المكي البصري، والشيخ تاج الدين القلعي مفتي مكة، والشيخ محمد الشهير بعقيلة المكي، والشيخ محمد الوليدي، والشيخ محمد الضرير الإسكندراني المكي، والشيخ يونس الدمرداشي المصري ثم المكي، والشيخ أبو طاهر الكوراني المدني، والشيخ أبو الحسن السندي ثم المدني، والشيخ محمد ابن عبد الرسول البرزنجي الحسيني المدني، والشيخ أحمد النجلي المكي، والشيخ سليمان بن أحمد الرومي واعظ أيا صوفية. وارتحل إلى الروم في سنة تسع عشرة ومائة وألف فلما كان بها أنحل تدريس قبة النسر بالجامع الأموي عن شيخه الشيخ يونس المصري بموته فأخذه صاحب الترجمة وجاء به إلى دمشق، وكان والي دمشق إذ ذاك الوزير يوسف باشا القبطان عارضا به إلى شيخه الشيخ محمد الكاملي وألزم القاضي بعرض على موجب عرضه وأنه يعطي ما صرفه شيخه الشيخ أحمد الغزي مفتي الشافعية بدمشق للقاضي وكان مراد الغزي أولي التدريس فحين وصول العروض إلى دار الخلافة قسطنطينية للدولة

1 / 3

العلية ما وجهوا التدريس لشيخه الكاملي ووجهوه للمترجم واستقام بهذا التدريس إلى أن مات ومدة إقامته من ابتداء سنة عشرين إلى أن مات إحدى وأربعون سنة وهو على طريقة واحدة مبجلا بين العال والدون ودرس بالجامع الأموي وفي مسجد بني السفرجلاني ولزمه جماعة كثيرون لا يحصون عددا. وألف المؤلفات الباهرة المفيدة منها كشف الخفا ومزيل الإلباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس، ومنها الفوائد الدراري بترجمة الإمام البخاري، ومنها إضاءة البدرين في ترجمة الشيخين، ومنها تحفة أهل الإيمان فيما يتعلق برجب وشعبان ورمضان، ومنها نصيحة الإخوان فيما يتعلق برجب وشعبان ورمضان، ومنها عرف الزرنب (١) بترجمة سيدي مدرك والسيدة زينب، ومنها الفوائد المحررة (٢) بشرح مصوغات الابتداء بالنكرة، ومنها الأجوبة المحققة عن الأسئلة المفرقة، ومنها الكواكب المنيرة المجتمعة في تراجم الأئمة المجتهدين الأربعة ولكل واحد منها اسم خاص يعلم من الوقوف عليها، ومنها أربعون حديثا كل حديث من كتاب، ومنها عقد الجوهر الثمين بشرح الحديث المسلسل بالدمشقيين. وهذه الكتب كاملة وأقلها نحو الكراستين وأكثرها نحو العشرين، ومنها التي لم تكمل وهي كثيرة أيضا منها أسنى الوسائل بشرح الشمائل، ومنها استرشاد المسترشدين لفهم الفتح المبين على شرح الأربعين النووية لابن حجر المكي، ومنها عقد اللآلي بشرح منفرجة الغزالي، ومنها إسعاف الطالبين بتفسير كتاب الله المبين، ومنها فتح المولى الجليل على أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي، ومنها وهو أجلها شرحه على البخاري المسمى بالفيض الجاري بشرح صحيح البخاري وقد كتب من مسوداته مائتين واثنين وتسعين كراسة وصل فيها إلى قول البخاري باب مرجع النبي ﷺ من الأحزاب ومخرجه إلى بني قريظة ومحاصرته إياهم من المغازي ولو كمل هذا الشرح لكان من نتائج الدهر. _________ (١) الزرنب: طيب أو شجر طيب الرائحة، كما في القاموس. (٢) في سلك الدرر " المجردة " وهو خطأ ظاهر قد لا نعرض للتنبيه على مثله.

1 / 4

وكان صاحب الترجمة حليما سليم الصدر سالما من الغش والمقت، صابرا على الفاقة والفقر، ملازما للعبادات والتهجد، والاشتغال بالدروس العامة والخاصة كافا لسانه عما لا يعنيه مع وجاهة نيرة، ولم يزل مستقيما على حالته الحسنة المرغوبة إلى أن مات. قرأ عليه الوالد مدة ولازمه وأخذ عنه وأجازه، ولما حج الوالد في سنة سبع وخمسين ومائة وألف كان هو أيضا حاجا في تلك السنة فأقرأ كتاب صحيح البخاري في الروضة المطهرة وأعاد له الدرس الوالد وقد أجاز الوالد نثرا ونظما فالنظم قوله: أجزت نجل العارف المرادي ... أعني عليا فاز بالمراد وهو الشريف اللوذعي الكامل ... الأريب والمفضال ذو الأيادي أجزته بكل ما أخذته ... عن الشيوخ الفضلا الأطواد أجزته بكل ما صنفته ... كالفيض والكشف مع الإرشاد أجزته بكل ما في ثبتنا ... الجامع النوعين بالسداد أجزته إجازة بشرطها ... عند أولي التحديث والنقاد أجزته في الروضة الفيحاء ... بطيبة المختار طه الهادي صلى عليه ربنا وسلما ... وآله وصحبه الأمجاد ما غردت قمرية فأطربت ... وأمطرت سحب وسال واد وكان ينظم الشعر، وشعره شعر علماء لأنهم لا يشغلون أنفسهم به كما قال ابن بسام: إن شعر العلماء ليس فيه بارقة تسام وجعل الشهاب أن أحسن بعض أشعارهم من قبيل دعوة البخيل أو حملة الجبان وقال الأمين في نفحته: قلت علة ذلك أنهم يشغلون أفكارهم بمعنى يعنى، والشعر وإن سموه ترويح الخاطر لكنه مما لا يثمر فائدة ولا يغني (١) وشتان بين من تعاطاه في الشهر مرة وبين من أنفق في تعاطيه عمره انتهى. _________ (١) هذه تسلية العلماء، وحديث " إن من الشعر حكمة " محفوظ عند الجميع.

1 / 5

وقد ترجمه الشيخ سعيد السمان في كتابه وقال في وصفه: خاتمة أئمة الحديث ومن ألقت إليه مقاليدها بالقديم والحديث اقتدح زناده فيه فأضاء وشاع حتى ملأ الفضاء آخذا بطرفي العلم والعمل متسنما ذروة عن غيره بعيدة الأمل يقطع آناء الليل تضرعا وعبادة ويوسع أطراف النهار قراءة وإفادة لا يشغله عن ترداده النظر في دفاتره مرام ولا عن نشر طيبها نقض ولا إبرام مع ورع ليس للرياء عليه سبيل وغض بصر عما لا يعني من هذا القبيل، وهو وإن كانت عجلون تربة ميلاده فإن الشام تشرفت بطارف فضله وتلاده فقد طلع في جبهتها شامة وأرهف منصل فكرته بها وشامه حتى صار هلاله بدرا ومنازله طرفا وقلبا وصدرا فاستحث عزمه نحو الروم وقصد بها إنجاز ما يروم فأحلته عن السمع والبصر وجنى غصن أمانيه واهتصر وعلى ما به قوام معاشه اقتصر فآب ولم يخب مسعاه وطرف الدهر بمقلة الارتقاء يرعاه فأظلته قبة النسر المنيفة وصار لمن سلفه خليفة وأي خليفة فتغص حلقته بالخاص والعام فيملي على فتح الباري ما يوضح خفايا البخاري بناطقة تسحر العقول بأدائها، وتسخر بالعقود ولآلائها ووجاهة ملء البصيرة والبصر على مثلها الوقار اقتصر، وخلق ما شابه انقباض وسجية لم تنقد بإعراض، ولم يزل نسيج وحده تأليفا وتقريرا وحديثا حسنا تسطيرا وتحريرا حتى شرب الكأس المورود وذوت من روض محاسنه تلك الورود فتنفذ عليه البصر والدمع وعمى البصر والسمع بلل الله بالرحمة ثراه فهو ممن أخذت عنه الإسناد وأمدني بقراءتي عليه بما ينفع إن شاء الله يوم التناد وله شعر موزون يتسلى به الواله المحزون (١) . انتهى مقاله. ولصاحب الترجمة أشعار غير التي ذكرناها وبالجملة فهو أحد الشيوخ الذين لهم القدم العالية (٢) في العلوم والرسوخ. وكانت وفاته بدمشق في محرم الحرام افتتاح سنة اثنتين وستين ومائة وألف ودفن بتربة الشيخ أرسلان ﵁. _________ (١) أورد له المرادي كثيرا من نظمه في سلك الدرر (٢) في الأصل (العالي) .

1 / 6

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي حفظ السنة المصطفوية بأهل الحديث، والصلاة والسلام على نبينا محمد المرسل بأصدق الكلام والحديث، وعلى آله وأصحابه الذين أعزوا دينه الصحيح بسيرهم في نصرته السير الحثيث، وعلى التابعين لهم بإحسان وسائر المؤمنين في القديم والحديث. أما بعد فيقول العبد الفقير إلى مولاه الفتاح، إسماعيل العجلوني بن محمد جَرّاح، أن الأحاديث المشتهرة على الألسنة قد كثرت (١) فيها التصانيف، وقلما يخلو تصنيف منها عن فائدة لا توجد في غيره من التآليف، فأردت أن ألخص مما وقفت عليه منها مجموعا تقر به أعين المنصفين، ليكون مرجعا لي ولمن يرغب في تحصيل المهمات من المستفيدين، ولما أخرجه ابن ماجه وابن خزيمة عن أبي هريرة ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: " إن مما يلحق المؤمن من حسناته بعد موته علما نشره " وهو شامل للتصنيف والتعليم، وهو في التصنيف أظهر، لأنه أطول استمرارا وأكثر (٢)، وأنص إن شاء الله تعالى في هذا المجموع على بيان الحديث من غيره، وتمييز المقبول منه السالم من ضَيْرِه (٣)، إذ من النصيحة في الدين كما قال بن حجر في خطبة كتابه " اللآلئ المنثورة في الأحاديث المشهورة " التنبيه على ما يشتهر بين الناس مما ألفه الطبع، وليس له أصل في الشرع، قال وقد صنف الإمام تاج الدين الفزاري كتاب في فقه العوام، وإنكار أمور اشتهرت بين الأنام لا أصل لها أجاد فيها الانتقاد، وصان الشريعة أن يدخل فيها ما يخل بالاعتقاد، قال وقد _________ (١) في الأصل (كثر) وهو جائز. (٢) في النسخة المصرية زيادة (انتشارا) . (٣) [لعله "غيره" وأخطأ النساخ، أو لعله "ضيره"، كما أثبتناه، ومعناه "عليله"، أي عكس السالم: قال الأصفهاني في مفردات ألفاظ القرآن: الضير: المضرّة، يقال: ضاره وضره. قال تعالى: ﴿لا ضير إنا إلى ربنا منقلبون﴾ <الشعراء / ٥٠>. دار الحديث]

1 / 7

رأيت ما هو أهم من ذلك، وهو تبيين الأحاديث المشتهرة على ألسنة العوام وكثير من الفقهاء الذين لا معرفة لهم بالحديث، وهي إما أن يكون لها أصل يتعذر الوقوف عليه لغرابة موضعه، أو لذكره في غير مِظنته، وربما نفاه بعضهم لعدم اطلاعه عليه، والنافي له كمن نفى أصلا من الدين، وضل عن طريقه المبين، وأما لا أصل له البتة، فالناقل لها يدخل تحت ما رواه البخاري في ثلاثياته من قوله ﷺ " من نقل عني ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار " انتهى. ثم نَقل فيها بسنده إلى أبي قتادة أن رسول الله ﷺ قال: " هلاك أمتي في ثلاث: في القدرية، والعصبية، والرواية من غير تثبت " لكنه منكر، وبسنده أيضا إلى ابن المبارك أنه قيل له في هذه الأحاديث الموضوعة فقال: يعيش لها الجهابذة، وبسنده إلى الإمام أحمد أنه قال: إن للناس في أرباضهم وعلى باب دورهم أحاديث يتحدثون بها عن النبي ﷺ لم نسمع نحن بشئ منها، ولذلك وجبت العناية بما وصل العلم إليه، ووقع الاطلاع عليه قال الربيع بن خيثم إن للحديث ضوءا كضوء النهار يعرف، وظلمة كظلمة الليل تنكر وقال ابن الجوزي: الحديث المنكر يقشعر له جلد الطالب، وينفر منه قلبه في الغالب وروى أبو نعيم في الحلية عن أبي هريرة رفعه " إن لله تعالى عند كل بدعة كيد بها الإسلام وليا من أوليائه يذب عن دينه " انتهى. وإن من أعظم ما صنف في هذا الغرض، وأجمع ما ميز فيه السالم من العلة والمرض الكتاب المسمى بالمقاصد الحسنة في بيان كثير من الأحاديث المشتهرة على الألسنة المنسوب للإمام الحافظ الشهير أبي الخير شمس الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوي لكنه مشتمل على طول بسوق الأسانيد التي ليس لها كبير فائدة إلا للعالم الحاوي ومن ثم لخصته في هذا الكتاب مقتصرا على مخرج الحديث وصحابيه روما للاختصار غير مخل إن شاء الله تعالى بما اشتمل عليه مما يستطاب أو يستحسن عند أئمة الحديث الأخيار، وضاما إليه مما في كتب الأئمة المعتبرين كاللآلئ المنثورة في الأحاديث المشهورة لأمير الحفاظ والمحدثين من المتأخرين الشهاب أحمد بن حجر العسقلاني

1 / 8

بلغنا الله وإياه في الدارين الأماني. واعلم أني حيث أقول قال في اللآلئ أو ذكر فيها فالمراد به كتاب الحافظ العسقلاني المذكور وحيث أقول قال في الأصل أو في المقاصد فمرادي به المقاصد الحسنة المذكورة وحيث أقول قال في التمييز فمرادي الكتاب المسمى بتمييز الطيب من الخبيث فيما يدور على ألسنة الناس من الحديث للحافظ عبد الرحمن بن الديبع تلميذ الإمام السخاوي، فإنه اختصر المقاصد الحسنة لشيخه المذكور، لكنه أخل بأشياء مما فيه مسطور، وحيث أقول قال في الدرر فالمراد الكتاب المسمى بالدرر المنتثرة في الأحاديث المشتهرة للحافظ جلال الدين السيوطي وهي نسختان صغرى وكبرى وحيث أقول رواه أبو نعيم فمرادي في الحلية وحيث أقول رواه الشيخان أو اتفقا عليه أو متفق عليه فالمراد أنه في الصحيحين لشيخي الحديث البخاري ومسلم، وإن كان في أحدهما قلت رواه البخاري أو مسلم وحيث أقول رواه أحمد فالمراد الإمام أحمد في مسنده، وحيث أقول رواه البيهقي فالمراد في الشعب وحيث أقول رواه الأربعة فالمراد أبو داود والنسائي والترمذي وابن ماجه في سننهم وحيث أقول رواه الستة فالمراد هؤلاء الأربعة والشيخان في الكتب الستة، وكذا إذا أفردت واحدا منهم فالمراد في كتابه أحد السنن الستة وحيث أقول قاله النجم فالمراد شيخ مشايخنا العلامة محمد نجم الدين الغزي في كتابه المسمى إتقان ما يحسن من الأخبار الدائرة على الألسن وحيث أقول قال القاري فالمراد به الملا علي القاري في كتابه الموضوعات المسماة بالأسرار المرفوعة في الأخبار الموضوعة وهي صغرى وكبرى وقد نقلت منهما، وحيث أقول قاله الصغاني فالمراد به العلامة حسن بن محمد الصغاني مؤلف المشارق. وما لم يكن كذلك في جميع ما مر فأنص على الكتاب الذي رواه مؤلفه فيه، وربما تعرضت لحديث ليس من المشهورات لمناسبة أو غيرها من المقاصد الصحيحات. هذا والحكم على الحديث بالوضع أو الصحة أو غيرهما إنما هو بحسب الظاهر للمحدثين باعتبار الإسناد أو غيره، لا باعتبار نفس الأمر والقطع لجواز أن

1 / 9

يكون الصحيح مثلا - باعتبار نظر المحدث - موضوعا أو ضعيفا في نفس الأمر، وبالعكس ولو لما في الصحيحين على الصحيح، خلافا لابن الصلاح كما أشار إلى ذلك الحافظ العراقي في ألفيته بقوله: واقطع بصحة لما قد أسندا ... كذا له، وقيل، ظنا ولدي محققيهم قد عزاه النووي ... وفي الصحيح بعض شئ قد روي (١) نعم (٢) المتواتر مطلقا قطعي النسبة لرسول الله ﷺ اتفاقا، ومع كون الحديث يحتمل ذلك فيعمل بمقتضى ما يثبت عند المحدثين، ويترتب عليه الحكم الشرعي المستفاد منه للمستنبطين، وفي الفتوحات المكية للشيخ الأكبر قدس سره الأنور ما حاصله: فرب حديث يكون صحيحا من طريق رواته يحصل لهذا المكاشف أنه غير صحيح لسؤاله لرسول الله ﷺ، فيعلم وضعه ويترك العمل به وإن عمل به أهل النقل لصحة طريقه، ورب حديث ترك العمل به لضعف طريقه من أجل وضاع في رواته يكون صحيحا في نفس الأمر لسماع المكاشف له من الروح حين إلقائه على رسول الله ﷺ انتهى. واعلم أن الحافظ جلال الدين السيوطي قال في خطبة جامعه الكبير ما حاصله: كل ما كان في مسند أحمد فهو مقبول فإن الضعيف الذي فيه يقرب من الحسن وكل ما كان في كتاب الضعفاء للعقيلي ولابن عدي في الكامل وللخطيب البغدادي ولابن عساكر في تاريخه وللحكيم الترمذي في نوادر الأصول وللحاكم في تاريخه ولابن النجار في تاريخه وللديلمي في مسند الفردوس فهو ضعيف، فيستغنى عن بيان حاله بالعزو إليها أو إلى أحدها انتهى. لكنه مقيد بما لم يجبر بتعدد طرقه، وإلا فيصير حسنا لغيره فيعمل به، ولعل ما ذكره أغلبي، وإلا فيبعد كل البعد أنه لا يكون في كتاب منها حديث حسن أو صحيح فتأمل. وسميت ما جمعته من ذلك " كشف الخفاء ومزيل الإلباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس " ورتبته على حروف المعجم كأصله، ليكون أسهل في المراجعة لنقله _________ (١) زاد في المصرية بعد البيتين (مضعفا) . (٢) (نعم) ساقطة من النسخة الشامية.

1 / 10

لكن لا أرمز بحروف إلى المخرجين كالنجم، بل أصرح بأسمائهم دفعا للبس والوهم جعله الله خالصا لوجهه الكريم، وسببا للفوز بجنات النعيم، وهذا أوان الشروع في المقصود، بعون الله الملك المعبود (حرف الهمزة) ١ - (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه) رواه الشيخان عن عمر بن الخطاب، وكذا رواه غيرهما من أصحاب الكتب المعتمدة، حتى مالك، لكن في غير الموطأ، وقول ابن دحية إن مالكا رواه في موطأه، وهّمَهُ في ذلك المحدثون، لكن قال الحافظ السيوطي في شرحه الصغير على الموطأ أنه موجود في الموطأ من رواية محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة قال وبذلك يتبين صحةُ قول من عزا روايته إلى الموطأ ووهم من خطأه في ذلك، انتهى فاعرفه. ورواه البخاري في صحيحه عن عمر في سبعة مواضع بألفاظ مختلفة بيناها وغيرها في الفيض الجاري بشرح صحيح البخاري، منها: إن الأعمال بالنية وإن لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى ما هاجر إليه ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه. وهذه الرواية ليست في الصحيحين، بل خرجها ابن الجارود في المنتقى من طريق يحيى بن سعيد، وقد رُوِيَ حديث إنما الأعمال بالنيات عن نحو سبعة عشر صحابيا لكنه لم يصح إلا من طريق عمر ﵁، فهو فرد غريب باعتبار أول سنده مشهور باعتبار آخره، قال الكرماني وغيره قال الحافظ لا تصح روايته عن النبي ﷺ إلا من جهة عمر، ولا عن عمر إلا من جهة علقمة، ولا عن علقمة إلا من جهة محمد بن إبراهيم، ولا عن محمد إلا من جهة يحيى بن سعيد وعنه انتشر، إذ رواه عنه أكثر من مائتي مسِند فهو مشهور باعتبار آخره، غريب باعتبار أوله، لكنه مجمع

1 / 11

على صحته انتهى وهو أحد الأحاديث الأربعة التي عليها مدار الدين، وقد نظمها طاهر بن مفوز الإشبيلي، وقيل الإمام الشافعي بقوله: عمدة الدين عندنا كلمات ... أربع من كلام خير البرية اتق الشبهات وازهد ودع ما ... ليس يعنيك، واعملن بنيه وقد أشبعنا الكلام عليه في الفيض الجاري فراجعه. ٢ - (آتي بابَ الجنةِ يومَ القيامةِ فأستفتحُ فيقول الخازنُ: من أنت؟ فأقول: محمد فيقول بك أمرت أن لا أفتح لأحد قبلك رواه أحمد ومسلم وعبد بن حميد عن أنس ﵁. ٣ - (آخر أربعاء في الشهر يومُ نحسٍ مستمر رواه ابن مردويه في تفسيره عن ابن عباس والخطيب (١) لكن بلفظ من الشهر، وقال السيوطي في الجامع الكبير رواه وكيع في الغرر، وابن مردويه في تفسيره عن ابن عباس، وفيه مسلمة بن الصَلْت متروك، وأورده ابن الجوزي في الموضوعات، ورواه الطيوري من وجه آخر عن ابن عباس موقوفا انتهى. وقال ابن رجب لا يصح، ورواه الطبراني بسند ضعَّفه بلفظ: يوم الأربعاء يوم نحس مستمر، وهو محمول على الحديث المقيد بآخر أربعاء جمعا بينهما وفي السيرة الحلبية ما حاصله تحمل الأحاديث الواردة بمدح يوم الأربعاء على غير آخر أربعاء في الشهر كالحديث الضعيف خلق الله يوم الأربعاء الأنهار والأشجار، وأما الأحاديث الواردة بذمه فهي محمولة على آخر أربعاء في الشهر كالحديث المرفوع يوم الأربعاء نحس مستمر، وفيه ولد فرعون، وفيه ادعى الإلهية وفيه أهلكه الله تعالى، وكالحديث الآخر يوم الأربعاء لا أخذ ولا عطاء، والحديث الذي روى بسند ضعيف أمرنا رسول الله ﷺ باجتناب الحجامة يوم الأربعاء، فإنه اليوم الذي أصيب فيه أيوب ﵇ بالبلاء، وما يبدو جذام ولا برص إلا يوم الأربعاء وليلة الأربعاء، وكذا ما جاء في حديث من النهي عن قص الأظفار في يوم الأربعاء _________ (١) (والخطيب) مستدركة من المصرية.

1 / 12

وأنه يورث البرص، وما ذكر عن ابن الحاج المالكي أنه قص أظفاره يوم الأربعاء فلحقه برص فرأى النبي ﷺ في نومه فشكا له فقال ألم تسمع نهي عن ذلك، فقال يا رسول الله لم يصح عندي الحديث عنك، فقال يكفيك أن تسمع ثم مسح بيده الشريفة على بدنه، فزال البرص جميعا، فليتأمل هذا الجمع انتهى. وذكر المناوي قصة ابن الحاج، وزاد أنه قال فجددت مع الله تعالى توبة أن لا أخالف ما سمعت عن رسول الله ﷺ أبدا. تكميل: أخرج أبو يعلى عن ابن عباس، وكذا ابن عدي، وتَمّام في فوائده عن أبي سعيد مرفوعا: يوم السبت يوم مكر وخديعة، ويوم الأحد يوم غرس وبناء، ويوم الإثنين يوم سفر وطلب رزق ويوم الثلاثاء يوم حديد وبأس، ويوم الأربعاء لا أخذ ولا عطاء، ويوم الخميس يوم طلب الحوائج والدخول على السلطان، ويوم الجمعة يوم خطبة ونكاح. قال السخاوي سنده ضعيف، وذكر برهان الإسلام عن صاحب الهداية أنه ما بدئ شئ يوم الأربعاء إلا وتم، فلذلك كان المشايخ يتحرون ابتداء الجلوس فيه للتدريس لأن العلم نور، فبدئ به يوم خلق النور انتهى. ويمكن حمله على غير أربعاء آخر الشهر، وذكر السيوطي في الأسفار عن قلم الأظفار أنه اشتهر على الألسنة أبيات لا يدرى قائلها، ولا هي صحيحة في نفسها وهي: في قص الأظفار يوم السبت آكلة ... تبدو، وفيما يليه يذهب البركه وعالم فاضل يبدو بتلوهما، ... وإن يكن في الثلاثا فاحذر الهلكه ويورث السوء في الأخلاق رابعها، ... وفي الخميس الغنى يأتي لمن سلكه والعلم والرزق زيدا في عروبتها ... عن النبي روينا فاقتفوا نسكه وقال المناوي نقلا عن السهيلي: نحوستُه على من تشاءم وتطير، بأن كانت عادته التطير وترك الاقتداء بالنبي ﷺ في تركه، وهذه صفة من قل توكله، فذلك الذي تضر نحوسته في تصرفه فيه، ثم قال المناوي والحاصل أن توقي يوم الأربعاء على وجه الطِيَرة وظن اعتقاد المنجمين حرام شديد التحريم، إذ الأيام كلها لله تعالى لا تضر ولا تنفع بذاتها

1 / 13

وبدون ذلك لا ضير ولا محذور، ومن تطير حاقت به نحوسته، ومن أيقن بأنه لا يضر ولا ينفع إلا الله لم يؤثر فيه شئ من ذلك، قال تَعَلَّمْ أنه لا طير إلا على متطير وهو الثبور وفي حديث رواه ابن ماجه عن ابن عمر مرفوعا وخرجه الحاكم من طريقين: لا يبدو جذام ولا برص إلا يوم الأربعاء، وكره بعضهم العيادة يوم الأربعاء، وعليه قيل: لم يؤت في الأربعا مريض ... إلا دفنّاه في الخميس ثم قال المناوي وقفت على أبيات بخط الحافظ الدمياطي، وقال أنها تعزى إلى علي بن أبي طالب ﵁ وهي: لنعم اليومُ يومُ السبت حقا ... لصيد إن أردت بلا امتراء وفي الأحد البناء لأن فيه ... تبدَّى اللهُ في خلق السماء وفي الاثنين إن سافرت فيه ... سترجع بالنجاح وبالثراء وإن ترد الحجامة فالثلاثا ... ففي ساعاته هرق الدماء وإن شرب امرؤ يوما دواءً ... فنعم اليوم يوم الأربعاء وفي يوم الخميس قضاء حاج ... فإن الله يأذن بالقضاء وفي الجمعات تزويج وعرس ... ولذات الرجال مع النساء وهذا العلم لا يدريه إلا ... نبي أو وصي الأنبياء وسيأتي زيادة على ذلك في آخر الكتاب في حديث يوم الأربعاء يوم نحس مستمر. ٤ - (آخر ما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستح فاصنع ما شئت) رواه ابن عساكر عن ابن مسعود البدري، وكذا رواه عنه أحمد وأبو داود وابن ماجه، وكذا أحمد عن حذيفة، لكن بلفظ أن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستح فاصنع ما شئت. ورواه البخاري عن ابن مسعود البدري أيضا بلفظ هؤلاء لكن بإسقاط لفظ الأولى فاعرفه، وما أحسن ما قيل: إذا لم تخش عاقبة الليالي ... ولم تستح فاصنع ما تشاء فلا والله ما في العش خير ... ولا الدنيا إذا ذهب الحياء

1 / 14

٥ - (آخر ما تكلم به إبراهيم ﵊ حين ألقي في النارِ حسبي الله ونعم الوكيل) رواه الخطيب البغدادي بسند ضعيف عن أبي هريرة وقال الخطيب غريب، والمحفوظ عن ابن عباس موقوفا، وسيأتي في حرف الحاء المهملة حسبي الله ونعم الوكيل مع الكلام عليه بأبسط. ٦ - (آخر من يدخل الجنةَ رجل يقال له جهينة فيقول أهل الجنة: عند جهينة الخبر اليقين) رواه الخطيب في رواه مالك عن ابن عمر ﵄، وفي رواية عن ابن عمر رفعه بلفظ: إن آخر من يدخل الجنة رجل من جهينة يقال له جهينة. الحديث، ورواه الدارقطني في غريب مالك بزيادة في آخره وهي: سلوه هل بقي من الخلائق أحد يعذب؟ فيقول: لا، وحكى السهيلي أنه جاء أن اسمه هناد. ٧ - (آخر الطّب الكيُ.) قال في الأصل هو من كلام بعض الناس، وليس بحديث والمراد أنه بعد انقطاع طرق الشفاء يعالج بالكي، ولذا حمل العلماء قوله ﷺ وأنهي أمتي عن الكي على ما إذا وجد طريق غيره مرجو للشفاء، وقال القاري في موضوعاته الكبرى والمشهور كما قال العسقلاني في أمثلة العرب آخر الداء الكي والمعنى آخر الشفاء من الداء الكي. ٨ - (أوتيت جوامع الكلم، واختصر لي الكلام اختصارا) رواه العسكري في الأمثال عن جعفر بن محمد عن أبيه مرسلا بهذا اللفظ، لكن في سنده من لم يعرف، ورواه الديلمي بلا سند عن ابن عباس رفعه بلفظ: أعطيت جوامع الكلم واختصر لي الكلام اختصارا، ورواه الشيخان لكن بلفظ بعثت بجوامع الكلم، وفي خبر أحمد أوتيت فواتح الكلم وخواتمه وجوامعه، وروى البيهقي عن عمر بن الخطاب أنه مر برجل يقرأ كتابا من التوراة، فذكر للنبي ﷺ فقال: إنما بعثت فاتحا وخاتما، وأعطيت جوامع الكلم وفواتحه، واختصر لي الحديث اختصارا. ولأبي يعلى عن خالد بن عرفط قال كنت عند عمر فجاء رجل فذكره، وفيه فقال النبي ﷺ يا أيها الناس أوتيت جوامع الكلم وخواتمه، واختصر لي الكلام اختصارا، وفي رواية

1 / 15

ابن سيرين عن أبي هريرة أعطيت فواتح الكلم وفي أخرى أعطيت مفاتيح الكلم، وفي أخرى أعطيت جوامع الكلم، وفي حديث أبي موسى أعطيت فواتح الكلم وخواتمه، قلنا يا رسول الله علمنا مما علمك الله فعلمنا التشهد، ورواه أيضا في المختارة عن عمر بن الخطاب بلفظ آخر مع بيان سبب وروده، قال عمر فانطلقت أنا فانتسخت كتابا من أهل الكتاب، ثم جئت به في أديم، فقال رسول الله ﷺ ما هذا في يدك يا عمر؟ قلت يا رسول الله كتاب نسخته لنزداد به علما إلى علمنا، فغضب رسول الله ﷺ حتى احمرت وجنتاه، ثم نودي بالصلاة جامعة، فقالت الأنصار أغضِب نبيكم، السلاح السلاح فجاءوا حتى احدقوا بيمين رسول الله ﷺ فقال النبي ﷺ: يا أيها الناس إني أوتيت جوامع الكلم وخواتيمه واختصر لي الكلام اختصارا، ولقد أتيتكم بها بيضاء نقية، فلا تَتَهَّوكوا، ولا يغَّرنكم المتهِّوكون، قال عمر فقمت، فقلت رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبك رسولا، ثم نزل رسول الله ﷺ انتهى. والمتهوكون جمع متهوك بتشديد الواو مكسورة وبالكاف، قال في القاموس المتهوك المتحير كالهواك كشداد، والساقط في هوة الردى. ٩ - (ائتدموا بالزيت، وادهنوا به، فإنه يخرج من شجرة مباركة) رواه الترمذي في العلل، وقال مرسل، وابن ماجه والحاكم وقال على شرطهما، والبيهقي والدارقطني في الأفراد، وأبو يعلى وعبد بن حميد عن ابن عمر ورواه الطبراني في الأوسط عن ابن عباس بلفظ ائتدموا من هذه الشجرة - يعني الزيت - ومن عرض عليه طيب فليصب منه، وقد رمز السيوطي في جامعه لضعفه. ١٠ - (ائتدموا ولو بالماء) رواه الطبراني في الأوسط وأبو نعيم والخطيب وتمام عن عبد الله بن عمرو بن العاص، قال ابن الجوزي لا يصح، فيه مجهول، وآخر ضعيف، وقال البيهقي (١) فيه عريك بن سنان لم أعرفه وبقية رجاله ثقات. ١١ - (آدم فمن دونه تحت لوائي يوم القيامة) رواه أحمد وأبو يعلى عن _________ (١) في النسخة المصرية " الهيثمي " مكان " البيهقي " الموجودة في الشامية ولعلها الصواب

1 / 16