بطن الرجيع(، بين مكة والمدينة، ومعهم عجوة يأكلوها، فمرت عجوز، وأبصرت النوى، فرجعت إلى قومها بمكة، فأخبرتهم، فركب منهم سبعون رجلا، فأحاطوا بالمسلمين، وحاربوهم، (137) وقتلوا مرثدا وخالدا وعبد الله، ونثر عاصم كنانته وفيها سبعة أسهم، فقتل بكل سهم رجلا، وقال : اللهم إنى حميت دينك صدر أول النهار، فاحم لحمى آخر النهار، فأحاط به المشركون، فقتلوه، وأرادوا جز رأسه، ليبيعوه من سلافة بنت سعد، وكانت نذرت حين أصاب ابنها يوم أحد، لئن قدرت على رأس عاصم، لتشربن في قحفته الخمر، فأرسل الله الزنابير، فحمت عاصما، فقالوا: دعوه حتى يمسى، فجاءت سحابة سوداء، فأمطرت، وسال الوادي، فاحتمل عاصما، ودهب به إلى الجنة، وحمل خمسين رجلا من المشركين إلى النار. وكان عاصم عهد أن لا يمس مشركا، ولا يمسه مشرك أبدا، فلما بلغ ذلك عمر، قال: منعه الله بعد وفاته، كما امتنع
حياته.
وأسر المشركون خبيب بن عدى، وزيد بن الدثنة، فذهبوا بهما إلى مكة. فأما خبيب، فابتاعه بنو الحارث بن عامر، ليقتلوه بأبيهم، فخرجوا به من الحرم، ليقتلوه ويصلبوه، فسألهم أن يتركوه يصلي ركعتين، فتركوه، فصلى ركعتين، فكانت سنة لمن يقتل، أن يصلى ركعتين، ثم إنهم صلبوه، فقال: اللهم إنك تعلم أنه ليس حولي من يبلغ رسولك سلامي (فبلغه سلامي)، ثم جاء رجل منهم ومعه رمح، فوضعه بين ثديى خبيب، فقال له: اتق الله، فما زاده إلا عتوا.
Page 369