Kashf al-asrār sharḥ uṣūl al-Bazdawī
كشف الأسرار شرح أصول البزدوي
Publisher
شركة الصحافة العثمانية
Edition Number
الأولى
Publication Year
مطبعة سنده ١٣٠٨ هـ - ١٨٩٠ م
Publisher Location
إسطنبول
Genres
Jurisprudence
وَأَمَّا الصَّرِيحُ فَمَا ظَهَرَ الْمُرَادُ بِهِ ظُهُورًا بَيِّنًا زَائِدًا وَمِنْهُ سُمِّيَ الْقَصْرُ صَرْحًا لِارْتِفَاعِهِ عَنْ سَائِرِ الْأَبْنِيَةِ وَالصَّرِيحُ الْخَالِصُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَذَلِكَ مِثْلُ قَوْلِهِ أَنْتَ حُرٌّ وَأَنْتِ طَالِقٌ
وَالْكِنَايَةُ خِلَافُ الصَّرِيحِ
ــ
[كشف الأسرار]
فِي مَحَلٍّ بِالتَّأَمُّلِ فِي طَرِيقِهِ مِنْ غَيْرِ سَمَاعٍ، وَهُوَ التَّأَمُّلُ فِي مَحَلِّ الْحَقِيقَةِ وَاسْتِخْرَاجِ الْمَعْنَى الْمَشْهُورِ اللَّازِمِ لَهُ، فَإِذَا وُجِدَ فِي مَحَلٍّ آخَرَ يَجُوزُ أَنْ يُسْتَعَارَ اللَّفْظُ لَهُ فَيَصِحُّ هَذَا مِنْ كُلِّ مُتَكَلِّمٍ كَمَا يَصِحُّ الْقِيَاسُ مِنْ كُلِّ مُجْتَهِدٍ إلَّا أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الْقِيَاسِ الْمَعَانِي الشَّرْعِيَّةُ وَفِي الْمَجَازِ الْمَعَانِي اللُّغَوِيَّةُ
[تَعْرِيف الصَّرِيحُ]
قَوْلُهُ (وَأَمَّا الصَّرِيحُ فَمَا ظَهَرَ الْمُرَادُ مِنْهُ ظُهُورًا بَيِّنًا) أَيْ انْكَشَفَ انْكِشَافًا تَامًّا، وَهُوَ احْتِرَازٌ عَنْ الظَّاهِرِ، وَقِيلَ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ قَيْدٍ، وَهُوَ أَنْ يُقَالَ بِالِاسْتِعْمَالِ أَوْ بِالْعُرْفِ وَنَحْوِهِمَا لِيَتَمَيَّزَ عَنْ الْمُفَسَّرِ وَالنَّصِّ إذْ الْفَرْقُ بَيْنَ الصَّرِيحِ وَبَيْنَ مَا ذَكَرْنَا لَيْسَ إلَّا بِكَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ فِي الصَّرِيحِ وَعَدَمِهِ فِي الْمُفَسَّرِ وَالنَّصِّ إلَيْهِ أُشِيرَ فِي الْمِيزَانِ إلَّا أَنَّ الشَّيْخَ ﵀ تَرَكَ ذِكْرَهُ لِدَلَالَةِ مَوْرِدِ التَّقْسِيمِ عَلَيْهِ إذْ هَذَا الْقِسْمُ فِي بَيَانِ وُجُوهِ الِاسْتِعْمَالِ فَعَلَى هَذَا لَا يَدْخُلُ فِيهِ إلَّا الْحَقَائِقُ الْعُرْفِيَّةُ، وَقِيلَ لَا حَاجَةَ إلَى هَذَا الْقَيْدِ؛ لِأَنَّ تَمَامَ انْكِشَافِ الْمَعْنَى قَدْ يَحْصُلُ بِالتَّنْصِيصِ وَالتَّفْسِيرِ كَمَا يَحْصُلُ بِكَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ فَكَمَا يَدْخُلُ فِيهِ الْحَقَائِقُ الْعُرْفِيَّةُ يَدْخُلُ فِيهِ النَّصُّ وَالْمُفَسَّرُ وَيَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ قِسْمًا مِنْ أَقْسَامِ الصَّرِيحِ وَلَكِنْ لَا يَدْخُلُ فِيهِ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ فِيهِ كَوْنُ الظُّهُورِ بَيِّنًا أَيْ تَامًّا وَلَيْسَ هُوَ فِي الظَّاهِرِ كَذَلِكَ بَلْ فِيهِ مُجَرَّدُ الظُّهُورِ وَلِهَذَا تُوصَفُ الْإِشَارَةُ بِالظُّهُورِ فَيُقَالُ هَذِهِ إشَارَةٌ ظَاهِرَةٌ وَهَذِهِ غَامِضَةٌ وَلَا تُوصَفُ بِالصَّرَاحَةِ أَصْلًا لِعَدَمِ تَمَامِ الِانْكِشَافِ فِيهَا، وَيُؤَيِّدُهُ مَا ذَكَرَهُ السَّيِّدُ الْإِمَامُ أَبُو الْقَاسِمِ ﵀ أَنَّ الصَّرِيحَ هُوَ الَّذِي يُعْرَفُ مُرَادُهُ مَعْرِفَةً جَلِيَّةً وَمَا ذَكَرَ الشَّيْخُ الْقَاضِي أَبُو زَيْدٍ وَشَمْسُ الْأَئِمَّةِ رَحِمَهُمَا اللَّهُ أَنَّ الصَّرِيحَ اسْمٌ لِكَلَامٍ مَكْشُوفِ الْمَعْنَى كَالنَّصِّ سَوَاءٌ كَانَ حَقِيقَةً أَوْ مَجَازًا، قُلْت هَذَا كَلَامٌ حَسَنٌ إذْ لَا اسْتِبْعَادَ فِي تَسْمِيَةِ النَّصِّ أَوْ الْمُفَسَّرِ صَرِيحًا وَقَدْ رَأَيْت فِي كَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ إلَّا أَنَّ مَوْرِدَ التَّقْسِيمِ هَهُنَا يُوجِبُ اشْتِرَاطَ الِاسْتِعْمَالِ فِيهِ وَلَا يَتَحَقَّقُ ذَلِكَ فِي النَّصِّ وَالْمُفَسَّرِ إذْ ظُهُورُهُمَا بِاللُّغَةِ لَا بِالِاسْتِعْمَالِ فَتَبَيَّنَ أَنَّ مَا ذَكَرْنَا أَوَّلًا أَصَحُّ، ثُمَّ لَمَّا اسْتَوَى فِي الصَّرِيحِ الْحَقِيقَةُ وَالْمَجَازُ جَمَعَ الشَّيْخُ فِي إيرَادِ النَّظَائِرِ بَيْنَ مَا هُوَ مَجَازٌ لُغَوِيٌّ وَبَيْنَ مَا هُوَ حَقِيقَةٌ لُغَوِيَّةٌ فَقَوْلُهُ أَنْتَ حُرٌّ وَأَنْتِ طَالِقٌ وَنَكَحْت مِنْ قَبِيلِ الْأَوَّلِ.
وَقَوْلُهُ بِعْت مِنْ قَبِيلِ الثَّانِي وَقَوْلُهُ (وَهَذَا اللَّفْظُ) أَيْ الصَّرِيحُ مَوْضُوعٌ لِهَذَا الْمَعْنَى أَيْ لَمَّا ظَهَرَ الْمُرَادُ مِنْهُ ظُهُورًا بَيِّنًا إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ مِنْ الْأَسْمَاءِ الْمُقَرَّرَةِ، وَهِيَ الَّتِي قُرِّرَتْ عَلَى مَوْضُوعِهَا اللُّغَوِيِّ فِي الْعُرْفِ أَوْ الشَّرْعِ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ لَا مِنْ الْأَسْمَاءِ الْمُغَيَّرَةِ، وَهِيَ الَّتِي غُيِّرَتْ عَنْ مَوْضُوعِهَا فِيهِ كَالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ، وَهِيَ فَعِيلٌ بِمَعْنَى فَاعِلٍ مِنْ صَرَّحَ يُصَرِّحُ صَرَاحَةً وَصُرُوحَةً إذْ خَلَصَ وَانْكَشَفَ، وَتَصْرِيحُ الْخَمْرِ أَنْ يَذْهَبَ عَنْهُ الزَّبَدُ، وَصَرَّحَ فُلَانٌ بِمَا فِي نَفْسِهِ أَيْ أَظْهَرَهُ قَوْلُهُ (وَالصَّرِيحُ الْخَالِصُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ) كَلِمَةُ مِنْ مُتَعَلِّقَةٌ بِالصَّرِيحِ أَيْ الصَّرِيحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَالِصُهُ قِيلَ فِي الصِّحَاحِ وَكُلُّ خَالِصٍ صَرِيحٌ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مُتَعَلِّقَةً بِالْخَالِصِ أَيْ الَّذِي خَلَصَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَهُوَ الصَّرِيحُ وَكِلَاهُمَا وَاحِدٌ فَلَمَّا خَلَصَ هَذَا اللَّفْظُ عَنْ مُحْتَمَلَاتِهِ بِمَنْزِلَةِ الْمُفَسَّرِ سُمِّيَ صَرِيحًا.
[تَعْرِيف الْكِنَايَةُ]
قَوْلُهُ (وَهُوَ
1 / 65