ووثب الرفض إلى حلقي، ولكنني كتمته وارتفع منكباي بحركة عكسية، كأنما ليخفيا قفاي، ولم أنبس.
عاد يسأل: متى انضممت إلى الشيوعيين؟
وشعرت بالتأزم يلتف حول عنقي، ولم أدر ماذا أقول فواصلت الصمت. - ألا تريد أن تعترف؟
استسلمت للصمت كما تعودت أن أستسلم للبلاء في الحجرة المظلمة فتمتم: طيب!
وندت عنه إشارة من يده. سمعت وقع أقدام تقترب فاقشعر بدني. وإذا بشخص يقف إلى جانبي، بطرف عيني أدركت أنه أنثى، التفت نحوها في دهشة وبدافع من شعور قهر خوفي، ورغما عني هتفت: «زينب!» - ها أنت تعرفها ويهمك أمرها فيما يبدو.
ونقل عينيه الغائرتين بيننا ثم تساءل: ألا يهمك أمرها؟
تمزقت روحي دقيقة كاملة. - أنت مثقف ولك خيال، فهل تتصور ما يمكن أن يحل بهذه الفتاة البريئة فيما لو أصررت على الصمت؟
سألته بنبرة رثاء موجهة للدنيا جميعا: ماذا تريد يا سيدي؟ - إني أسأل متى انضممت إلى الشيوعيين؟
فقلت دافنا آخر شعاع من أمل: لا أتذكر تاريخا معينا، ولكنني أعترف بأنني شيوعي.
وسجلت اعترافي على ورقة ثم غادرت الحجرة بين حراسي.
Unknown page