Karahiyya Sadaqa Ghazal Hubb Zawaj
كراهية وصداقة وغزل وحب وزواج
Genres
وحدها في منزل أشخاص لا يريدونها، حيث الجدران ذاتها والنوافذ والقدح الذي شربت فيه قهوتها، كل ذلك يبدو أنه يزدريها.
تذكرت لورنا وقتا ما حين تركت بمفردها مع بولي، ليوم واحد فقط تركوها في رعاية بولي ، في بيت جدتهما. ربما كان والدها في المتجر، ولكن كانت لديها فكرة بأنه هو أيضا قد سافر، أن الثلاثة الكبار جميعهم غادروا البلدة. لا بد أنها كانت مناسبة غير اعتيادية، بما أنهم لم يذهبوا قط في رحلات للتسوق، فضلا عن رحلات بغرض المتعة. جنازة، لا شك تقريبا أنها كانت جنازة. كان يوم سبت، ولم تكن هناك مدرسة. كانت لورنا أصغر من سن المدرسة على أي حال. لم يكن شعرها طال بما يكفي لجدله في ضفائر؛ كان أشعث في خصلات كبيرة حول رأسها، كما هو شعر بولي الآن.
كانت بولي تمر بمرحلة كانت تحب فيها أن تحضر بنفسها حلوى وأطعمة غنية من أي نوع، مسترشدة بكتاب الطبخ الخاص بجدتها. كيك الشوكولاتة بالبلح، البيتي فور، والنوجا المنفوشة الطرية. في ذلك اليوم كانت في وسط عملية خلط المقادير معا عندما اكتشفت أن بعض المقادير التي تحتاج إليها غير متوافرة في خزانة المطبخ. كان عليها أن تركب دراجتها إلى وسط البلد، لتجلب ما تحتاجه من المتجر. كان الطقس باردا كثير الرياح، والأرض جرداء، لا بد أن الفصل كان أواخر الخريف أو أوائل الربيع. قبل أن تذهب، قامت بولي بإغلاق المدفأة في إحكام، ومع ذلك راودتها حكايات سمعتها حول أطفال أحرقوا منازلهم تماما حين تركتهم أمهاتهم من أجل قضاء مشاوير سريعة مشابهة. وهكذا طلبت من لورنا ارتداء معطفها، وأخذتها إلى الخارج، في ركن ما بين المطبخ والجزء الأساسي من المنزل، حيث لم تكن الريح بالغة الشدة. لا بد أن المنزل المجاور كان مغلقا، وإلا كانت أخذتها إلى هناك. أخبرتها أن تبقى حيث هي، وانطلقت بدراجتها إلى المتجر. ابقي في مكانك، لا تتحركي ولا تخافي، هكذا قالت لها، ثم قبلت أذن لورنا. أطاعتها لورنا حرفيا. لعشر دقائق، أو ربما لخمس عشرة، بقيت جاثمة وراء شجيرة الليلك الأبيض، تدرس أشكال الأحجار، الداكنة والبيضاء، تحت أساس المنزل. إلى أن عادت بولي مسرعة ورمت بالدراجة في الباحة وراحت تنادي باسمها، لورنا، لورنا، وهي تلقي بكيس السكر البني وعين الجمل ثم تقبلها في كل موضع من رأسها. كانت قد ساورتها فكرة أنه ربما عثر أحد المختطفين المترصدين على لورنا في ركنها، أحد أولئك الرجال الأشرار الذين كانوا السبب وراء وجوب عدم اقتراب البنات من الحقول التي تقع وراء المنازل. كانت تصلي وتدعو الله طوال طريق عودتها ألا يحدث هذا. لم يحدث هذا. أسرعت في همة بإدخال لورنا للبيت حتى تدفئ يديها وركبتيها المكشوفتين.
آه، يا للكفين الصغيرتين المسكينتين! هكذا قالت. آه، هل كنت خائفة؟ أحبت لورنا هذه الضجة من أجلها وأحنت رأسها لتمسد بولي عليه، وكأنها كانت فرسا صغيرة.
اختفت أشجار الصنوبر لتظهر مكانها الغابة الأكثف الدائمة الخضرة، وحل محل الكتل البنية للتلال جبال ناهضة ذات لون يتأرجح بين الأخضر والأزرق. بدأ دانيال يئن متذمرا فأخرجت لورنا زجاجة العصير الخاصة به. فيما بعد طلبت من بريندان إيقاف السيارة بحيث يمكنها أن ترقد الصغير على المقعد الأمامي وتغير له حفاضته. بينما تقوم هي بهذا سار بريندان مبتعدا، مدخنا سيجارة. دائما ما كانت تسوءه قليلا طقوس تغيير الحفاضات.
انتهزت لورنا الفرصة كذلك لكي تستخرج كتب قصص إليزابيث، وحين استقر وضعهم من جديد أخذت تقرأ للطفلين. كان أحد كتب د. سويس، وكانت إليزابيث تحفظ جميع الأناشيد، وحتى دانيال كان يعرف إلى حد ما متى يدندن بكلماته الملفقة.
لم تعد بولي تلك الفتاة ذاتها التي فركت كفي لورنا الصغيرتين بين يديها، الفتاة التي تعرف كل الأشياء التي لم تكن لورنا تدري عنها شيئا، والتي يمكن الاعتماد عليها لرعايتها في هذا العالم. انقلب كل شيء إلى نقيضه، وبدا أن بولي قد بقيت كما هي خلال السنوات التي مرت منذ زواج لورنا؛ لقد مضت لورنا وتجاوزتها. والآن كان لدى لورنا هذان الطفلان في المقعد الخلفي وعليها رعايتهما ومحبتهما، وليس من اللائق لامرأة في سن بولي أن تأتي إليهم مطالبة بنصيبها من الرعاية والمحبة.
لم يكن من المجدي أن تفكر لورنا في هذا. ما إن صاغت حجتها على هذا النحو حتى شعرت بالجسد يرتطم بالباب وهم يدفعونه محاولين فتحه. الثقل الميت، الجسد الرمادي. جسد بولي، التي لم تعط أي شيء على الإطلاق. لم تجد لها مكانا في الأسرة، ولا وجدت الأمل في التغيير الذي حلمت ولا بد بأنه وشيك في حياتها.
قالت إليزابيث: «الآن اقرئي قصة مادلين.»
فقالت لورنا: «لا أظن أنني أحضرت معي قصة مادلين، لا، لم أحضرها. دعي عنك هذه، أنت تحفظينها كلمة كلمة.»
Unknown page