140

Karahiyya Sadaqa Ghazal Hubb Zawaj

كراهية وصداقة وغزل وحب وزواج

Genres

كان الأمر كله زائفا ورخيصا ومقززا؛ أن تستعرض حسراتها الخاصة على هذا النحو، فقط لتجاري بها حسرات بولي. ثم ما علاقة العشرين دولارا بأي شيء مما يجري؟ كان لديها حساب جار، ولن يرفض مطلقا أن يمنحها ما تطلب.

لم تستطع الخلود للنوم، وراحت تعنف بولي وتوبخها في مخيلتها. •••

جعلت حرارة أوكاناجان الصيف يبدو أكثر واقعية وأصالة من الصيف على الشاطئ. التلال بعشبها الشاحب، والظل المتناثر الشحيح لأشجار الصنوبر في الأراضي الجافة، بدا هذا خلفية طبيعية لحفل زفاف بهيج بمئونته التي لا تنفد من شراب الشامبانيا، ورقصه ومغازلاته والصداقة والمودة اللتين تنعقدان في لمح البصر. سرعان ما ثملت لورنا وتعجبت إزاء مقدار سهولة الفكاك، بفضل الكحول، من أسر أطيافها وهواجسها. تصاعد البخار البائس متبددا، وخلدت إلى الفراش وهي لا تزال ثملة، وميالة للفحش، وهو ما صب في مصلحة بريندان. حتى خمار رأسها في اليوم التالي من بقايا سكر بدا معتدلا، مطهرا أكثر منه معاقبا. شاعرة بهشاشتها، ولكن من غير أي غضب على نفسها بالمرة، رقدت على شاطئ البحيرة وراقبت بريندان وهو يعاون إليزابيث في بناء قلعة من الرمال.

سألتها: «هل كنت تعرفين أنني أنا ووالدك التقينا لأول مرة في حفل زفاف؟»

قال بريندان: «لكنه لم يكن يشبه هذا الزفاف مع ذلك.» كان يقصد أن ذلك الزفاف الذي قد حضره، عند زواج صديق له من ابنة آل ماكويج (كانت أسرة ماكويج أرفع وأثرى العائلات في بلدة لورنا)؛ كان حفلا جافا بمعنى الكلمة؛ إذ تم الاستقبال في قاعة الكنيسة المتحدة - كانت لورنا إحدى الفتيات اللاتي اخترن لتقديم الشطائر للضيوف - وكان المدعوون يتناولون شرابهم على عجل، في موقف السيارات. لم تعتد لورنا على شم رائحة الويسكي على الرجال، فظنت أن بريندان قد أفرط في وضع نوع غريب من دهان الشعر. وعلى الرغم من ذلك، فقد أعجبت بكتفيه المكتنزتين، وعنقه الثخينة مثل رقبة الثور، وبعينيه الضاحكتين الآمرتين بلونهما البني المذهب. حين علمت أنه كان معلما يدرس الرياضيات، وقعت في غرام ما يوجد بداخل رأسه كذلك. أثارت حماستها المعرفة المجهولة التي يحوذها رجل كان غريبا عنها تماما. وربما لو كانت معرفته تخص ميكانيكا السيارات لكان لها نفس التأثير كذلك.

آنذاك بدا انجذابه المتجاوب إليها أشبه بالمعجزات، غير أنها علمت فيما بعد أنه كان يبحث عن زوجة؛ فقد بلغ سن الاقتران، كان الوقت قد حان. رغب في فتاة شابة، لا واحدة من زميلاته، أو طالبة، ربما حتى ليست فتاة ممن قد يرسلها والداها إلى إحدى الكليات بعد المرحلة الثانوية. بريئة، لم تفسدها الحياة. ذكية، ولكن بريئة. زهرة برية، هكذا قال في حرارة تلك الأيام الأولى، وأحيانا يقولها حتى الآن. •••

في رحلة عودتهما، خلفوا وراءهما الريف الذهبي الحار، في موضع ما بين كيرميوس وبرينستون، غير أن الشمس لم تزل ساطعة، وساور عقل لورنا اضطراب خافت متردد، مثل شعرة تسقط في محيط بصرها من الممكن إبعادها باليد، أو يمكن أن تطير مختفية عن النظر من تلقاء ذاتها.

لكن تلك الشعرة ظلت تعود مرة بعد أخرى، وازدادت شؤما وضغطا عليها، حتى انبثقت واضحة أمامها فأدركت ما كانت عليه في الحقيقة.

كانت تخشى - بل كانت نصف متيقنة - أن بولي قد أقدمت على الانتحار في مطبخ منزلهم في شمال فانكوفر، بينما كانوا هم بعيدا في أوكاناجان.

في المطبخ. كانت الصورة في خيال لورنا لا لبس فيها ولا ريب؛ رأت بكل تحديد الطريقة التي ستنفذ بها بولي الأمر. سوف تشنق نفسها وراء الباب الخلفي مباشرة. عندما يعودون سيدخلون إلى المنزل من المرأب، وسوف يجدون الباب مغلقا؛ سيفتحونه بالمفتاح ويحاولون أن يدفعوه لينفتح ولكنهم لن يستطيعوا بسبب ثقل جثة بولي من ورائه. سيلتفون حول المنزل مهرعين إلى الباب الأمامي، وهكذا يدخلون المطبخ فيواجهون بالمنظر الكامل لبولي ميتة. سوف ترتدي الجيبة الجينز المكشكشة والبلوزة البيضاء بفتحة صدر تضم بشريطين؛ نفس طقم الملابس الشجاع الذي ظهرت به أول مرة لتمتحن كرم ضيافتهما. ساقاها الطويلتان الشاحبتان تتدليان للأسفل، رأسها ملتو على عنقها النحيل بما يوحي بالقضاء المحتوم، وأمام جسدها سيكون هناك مقعد المطبخ الذي صعدت عليه، ثم خطت أو وثبت من فوقه، لترى كيف يمكن للبؤس أن ينهي نفسه بنفسه.

Unknown page