أن رسول الله ﷺ إنما كان يقول: (ويأتيك من لم تزود بالأخبار). فيقول له أبو بكر ﵁ إنما هو
(ويأتيك بالأخبار ما لم تزود). فيقول ﷺ: (ذا وذاك واحد سواء) والدليل على صحة
خبر أبي بكر الصولي قول الله تعالى (وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ). والمعنى أي أن يقوله. وجعل الله ﷿ ذلك علمًا من
أعلام النبي ﵇ لئِلا تدخل الشُّبْهة على منْ أُرْسِل إليهم. فيظُنُّوا أنه ﷺ قَويٌّ
على القرآن، بِمَا في طبعه من القوة على إنشاء الشعر، ولا اعتراض على هذا الملحد فيما يتَّفق
الوزْن فيه من القرآن، وكلام الرسول ﷺ، لأنَّ ما وافق وزْنُهُ وزْن الشعر، ولم
يُقْصَدْ به إلى الشعر، ليس بشعر.
ولو ثَبَثَ أن يكون شعرًا، لكَان كلُّ مَنْ نَطَقَ بكلامٍ مَوْزُونٍ، من العامة الذين لا يعْرفون وزْنَ الشعر،
شاعرًا. وقد بين الأئمة المتقدمون هذا المعنى بيانًا شافيًا.
والبيت المتقدم الذكر (ستبدي لك الأيام) ثابث في قصيدة طرفة بن العبد، أحد الشعراء الستة، وأول
القصيدة:
لخولة أطلال ببرقة تهمد
ولما قال كعب بن مالك:
جاءت سخينة كي تُغَالِبَ ربَّها ... فلْيغْلِبَنَّ مُغَالِبُ الغَلاَّبِ