248

Kanz al-kitāb wa-muntakhab al-ādāb (al-safar al-awwal min al-nuskha al-kubrā)

كنز الكتاب ومنتخب الآداب (السفر الأول من النسخة الكبرى)

Editor

حياة قارة

Publisher

المجمع الثقافي

Publisher Location

أبو ظبي

Genres

لها في مُحَصَّبِها جِمار، ولاعَطَفَ بنا نحوَ كَعْبَتِها اعْتِمارٌ، فقد جمعتنا في معرف المعرفة مواقفُ، وضَمَّتْنا من معالم العلم
معاهدُ ومآلف، ووشحتْ بيننا منْ أواصر الأدَبِ أَنْسابٌ، وضَرَبَتْ علينا في مدارس الطَّلَبِ قِبابٌ، ولا
غَرْوَ من تداني القلوب على تنائي الدِّيَاِر، وائتِلافِ النفوس مع اخْتلاف النِّجار، فقد تتعارفُ الأندادُ
على البعاد، وتتناكَرُ الأضدادُ مع قربِ السوادِ والوسادِ، ورُبَّما أَلَّفَ تشاكُلُ الشيم والأخلاق، بينَ
مسْتَوْطِنِ الشامِ وساكن العراق، وقديمًا حنَّ زَهْرُ الغَوْرِ إلى نسيم نجد، وامتزَجَ عنْبَرُ الشِّحْر بمسكِ
الهند، على أني لا أدَّعي رُتْبتكَ في فنونِ العلم والآدابِ، ولا أتَعاطى إلاّ بشرط القياد والأصْحابِ،
ومنْ يُضاهي محَلَّ الفرْقَدِ، بِمَنْبِتِ الغَرْقَد، ويُشَبِّه رُتْبَةَ التَّقليد، بدرجة النَّظر والتوليدِ، أوْ يُقارِنُ بينَ
الالْتِباسِ والبيانِ، ويعارضُ قوة القياس بضَعْفِ الاستِحْسان؛ لكني وإنْ لم أعُد في رعيلك، ولا أضيفُ
مُبْرَمي إلى سجيلِكَ، فعندي منْ بضائعِ الكَلِمِ ما ينْفُقُ في سوقِكَ، ولدي منْ سوامي الهِمم ما يَعْبَقُ
بِبُسوقك، ولعل بعض كلامي يمدُّ في ذُراكَ، ويحْظى برضاك، ويصادفُ عندك رأيًا جميلًا، ويستوقف
لحظك ولو قليلا. بقيتَ حلْيَة للدهر فائقة، وغُرَّةً في وجهه رائقه.
وفي المعنى:

1 / 316