Kanz Fawaid
كنزالفوائد
لهم في العدد وذلك ان ابن كثير وأبا عمرو وابا بكر وحمزة عن عاصم قراوا ارجلكم بالجر ونافعا وابن عامر والكسائي وحفصا عن عاصم قراوا وارجلكم بالنصب وقد ذكر العلماء بالعربية ان العطف من حقه ان يكون على اقرب مذكور دون ابعده هذا هو الاصل وما سواه عندهم تعسف وانصراف عن حقيقة الكلام الى التجوز من غير ضرورة تلجئ الى ذلك وفيه ايقاع للبس وربما صرف المعنى عن مراد القائل الا ترى ان رئيسا لو اقبل على صاحب له فقال له اكرم زيدا وعمرا واضرب بكرا وخالدا كان الواجب على الصاحب ان يميز بين الجملتين من الكلام ويعلم انه ابتداء في كل واحدة منهما ابتداء عطف باقي الجملة عليه دون غيره وان بكرا في الجملة الثانية معطوف على خالد كما ان عمرا في الجملة الاولى معطوف على زيد ولو ذهب هذا المأمور الى ان بكرا معطوف على عمرو لكان قد انصرف عن الحقيقة ومفهوم الكلام في ظاهره وتعسف تعسفا صرف به الامر عن مراد الامر به فاداه ذلك الى اكرام من أمر بضربه (ووجه آخر) وهو ان القراءة بنصب الارجل غير موجبة ان تكون معطوفة على الايدي بل تكون معطوفة على الرؤوس في المعنى دون اللفظ لأن موضع الرؤوس نصب لوقوع الفعل الذي هو المسح وإنما انجرت بعارض وهو الباء والعطف على الموضع دون اللفظ جائز مستعمل في لغة العرب الا تراهم يقولون مررت بزيد وعمرا ولست بقائم ولا قاعدا قال الشاعر * معاوي اننا بشر فاسحج * فلسنا بالجبال ولا الحديدا * والنصب في هذه الامثلة كلها إنما هو العطف على الموضع دون اللفظ فيكون على هذا من قرا الاية بنصب الارجل كمن قراها بجرها وهي في القرآن جميعا معطوفة على الرؤوس التي هي اقرب إليها في الذكر من الايدي ويخرج ذلك عن طريق التعسف ويجب المسح بهما جميعا والحمد لله (وشئ آخر) وهو ان حمل الارجل في النصب على ان تكون معطوفة على الرؤوس اولى من حملها على ان تكون معطوفة على الايدي وذلك ان الاية قد قرئت بالجر والنصب معا والجر موجب للمسح لانه عطف على الرؤوس فمن جعل النصب إنما هو لعطف الارجل على الايدي اوجب الغسل وابطل حكم القراءة بالجر الموجب للمسح ومن جعل النصب إنما هو لعطف الارجل على موضع الرؤوس اوجب المسح الذي اوجبه الجر فكان مستعملا للقرائتين جميعا غير مبطل لشئ منهما ومن استعملهما فهو اسعد ممن استعمل احدهما (فإن قيل) ما انكرتم ان يكون استعمال القرائتين انما هو بغسل الرجلين وهو احوط في الدين وذلك ان الغسل ياتي على المسح ويزيد عليه فالمسح داخل فيه فمن غسل فكانما مسح وغسل وليس كذلك من مسح لأن الغسل غير داخل في المسح (قلنا) هذا غير صحيح لأن الغسل
--- [ 66 ]
Page 65