Kenaz al-Fawa'id
كنز الفوائد
فقال ان الله معنا السادس انه اخبر عن نزول السكينة على أبي بكر لأن الرسول صلى الله عليه واله لم تفارقه السكينة قط فقال فانزل الله سكينته عليه فهذه سته مواضع تدل على فضل أبي بكر من آية الغار لا يمكنك ولا غيرك الظفر فيها قال المفيد رحمه الله فقلت له قد حررت كلامك واستقصيت البيان فيه واتيت بما لا يقدر أحد من الخلق ان يزيد في الاحتجاج لصاحبك عليه غير اني بعون الله وتوفيقه سأجعل ما اتيت به كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف وأما قولك ان الله تعالى ذكر النبي صلى الله عليه واله وجعل أبا بكر ثانيه فليس في ذلك فضيلة لانه اخبار عن عدد ولعمري انهما كانا اثنين ونحن نعلم ضرورة ان مؤمنا وكافرا اثنان كما نعلم ان مؤمنا ومؤمنا اثنان فليس لك في ذكر العدد طائل تعتمده وأما قولك وصفهما بالاجتماع في المكان فانه كالاول لأن المكان يجتمع فيه المؤمنون والكفار كما يجتمع العدد للمؤمنين والكفار وايضا فإن مسجد النبي صلى الله عليه واله اشرف من الغار وقد جمع المؤمنين والمنافقين والكفار وفي ذلك قوله تعالى * (فما للذين كفروا قبلك مهطعين عن اليمين وعن الشمال عزين) * المعارج وايضا فان سفينة نوح عليه السلام قد جمعت النبي والشيطان والبهيمة فبان لك ان الاجتماع في المكان لا يدل على ما ادعيت من الفضل فبطل فضلان وأما قولك انه اضافة إليه بذكر الصحبة فانه اضعف من الفضلين الاولين لأن الصحبة ايضا تجمع المؤمن والكافر والدليل على ذلك قول الله عزوجل * (قال له صاحبه وهو يحاوره اكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا) * الكهف وايضا فان اسم الصحبة تكون من العاقل والبهيمة والدليل على ذلك من كلام العرب انهم جعلوا الحمار صاحبا فقالوا * ان الحمار مع الحمار مطية * فإذا خلوت به فبئس الصاحب * وقد سموا الجماد مع الحي ايضا صاحبا فقال الشاعر * زرت هندا وذاك بعد اجتناب * ومعي صاحب كتوم اللسان * يعنى السيف فإذا كان اسم الصحبة يقع بين المؤمن والكافر وبين العاقل والبهيمة وبين الحيوان والجماد فلا حجة لصاحبك فيها وأما قولك انه قال له لا تحزن فإن ذلك وبال عليه ومنقصة له ودليل على خطئه لان قوله لا تحزن نهي وصورة النهي قول القائل لا تفعل فلا يخلو الحزن الواقع من أبي بكر من ان يكون طاعة أو معصية فإن كان طاعة فالنبي لا ينهي عن الطاعات بل يامر بها ويدعو إليها وان كان معصية فقد صح وقوعها منه وتوجه النهي إليه عنها وشهدت الايات به ولم يرد دليل على امتثاله للنهي وانزجاره واما قولك انه قال ان الله معنا فإن النبي صلى الله عليه واله
--- [ 204 ]
Page 203