161

عن استحقاق العصمة ومماثلتهم في جواز الخطا عليهم لسائر الامة فعلم بذلك صحة امامة صاحبنا صلوات الله عليه وثبت لعدم ظهور غيبته حسبما ذهبنا إليه ولو انه الامام دون العالمين لبطل ما شهد به العقل من صحة الاصلين وبطلانهما يستحيل مع قيام الدليل وهذه حجة بعيدة عن المعارضات سالمة من دخول الشبهات سهلة المرام قريبة من الافهام وبها يستمر لك الاستدلال على نظام في ثبيت امامة جميع ساداتنا عليهم السلام لأن وجوب الامامة وثبوت العصمة لرئيس الامة مع ما علمناه من تعري الكافة من هذه الخصلة سائق الى الاقرار بامامة الاثني عشر صلوات الله عليهم ومانع للعاقل من الانصراف عنهم والشك فيهم ولم يبق بعدها اكثر من ايراد الدليل على صحة ما ذكرناه من الاصلين وقد وجب انحسام مادة الخلاف ممن له عقل وانصاف دليل على وجوب الامامة (أما) الدليل على انه لابد للناس من امام في كل زمان فمختصره انا نعلم علما ليس للشك فيه مجال ان وجود الرئيس في الرعية المطاع ذي الهيبة مقوما ومثقفا ومذكرا وموقفا اردع لها من القبيح وادعى الى فعل الجميل واكف لايدي الظالمين واحرس لانفس الرادعين ووجود الهرج بينهم ووقع الفتن منهم والعلم بما ذكرناه في ذلك مبني على الضرورات والتنبيه عليه مع ظهوره يغنى عن الاطالة والزيادات وقد اتقن الكلام في هذه المسألة مشايخنا رضي الله عنهم ولم يدعوا للخصوم شبهة تستغرب منهم (دليل) على وجوب العصمة وأما الدليل على وجوب عصمة الامام فهو ان علة الحاجة إليه ان يكون لطفا للرعية في الصلاح ليصدها عن ارتكاب القبائح والفساد ويردها الى فعل الواجب والسداد حسبما تقدم به الذكر في وجوب الحاجة إليه في كل عصر وهذا يقتضي ان لا تكون علة الحاجة موجودة فيه فانه متى جاز منه القبيح وفعل غير الجميل كان فقيرا محتاجا الى وجود امام متقدم عليه ويمنعه مما هو جائز منه وياخذ على يديه ويكون الكلام في امامته كالكلام فيه حتى يؤدى ذلك الى المحال من وجود ائمة لا يتناهون أو الى الواجب من وجود امام معصوم فعلم ان علة الحاجة إليه غير موجودة فيه والحمد لله (دليل) آخر على ثبوت عصمة الامام وما يعلم به ثبوت العصمة للائمة ان الامام قدوة في الدنيا والدين واتباعه مفترض من رب العالمين فوجب ان لا يجوز الخطا والزلل عليه وإلا كان الله تعالى قد أمر باتباع من يعصيه ولو لا استحقاقه العصمة لكان إذا ارتكب المعصية يتضاد مع التكليف على الامة وتصير الطاعة منها معصية والمعصية طاعة وذلك انها مامورة باتباعه والاقتداء به فمتى اتبعته في المعصية امتثالا للمأمور من الاقتداء كانت من حيث الطاعة عاصية لله سبحانه ومتى خالفته

--- [ 162 ]

Page 161