190

Kanz al-durar wa jāmiʿ al-ghurar

كنز الدرر و جامع الغرر

Publisher

عيسى البابي الحلبي

Genres

عاد ماء البحر إلى قعره، وهذا أيضا فيه <نظر> فإنّه لو كان كما ذكر كان يكون فى وقت دون وقت.
والمختار عندى (١) أنّ الجزر والمدّ من آيات الله ﷿ وأنّه من آثار قدرته فى العالم لأنّ كلّما لا يوجد له قياس فى الوجود فهو فعل إلاهى يستدلّ به على عظمة البارئ ﷾، وليس للمدّ والجزر قياس فى العالم.
وأمّا ما قال أهل الأثر رضى الله عنهم فى ذلك فروى عن الإمام أحمد ابن حنبل ﵀ قال: (٢) حدّثنا معتمر بن سليمان عن صباح بن أشرين، قال:
سئل ابن عبّاس عن المدّ والجزر فقال: قد وكّل الله بقاموس البحر ملكا فإذا وضع رجله فيه فاص الماء وإذا رفعها غاض، وقد ذكره الجوهرى فقال: (٣) وقاموس البحر وسطه ومعظمه، قال: وفى حديث المدّ والجزر قال: ملك موكّل بقاموس البحر كلّما وضع رجله فيه فاض وإذا رفعها غاض، وروى مجاهد عن ابن عبّاس قال: الملك موكّل بالبحار يضع عقبه فى بحر الصين فيكون منه المدّ ثم يرفع قدمه فيكون الجزر، قال مجاهد ﵀: وهذا ظاهر محسوس فإنّ الإنسان لو وضع قدمه فى إناء فيه ماء فإنّ الماء يرتفع إلى رأس الإناء فإذا رفعها رجع الماء إلى حدّه، فإن قيل: فيلزم من هذا أن يكون المدّ والجزر فى جميع البحار، قلنا:
قد ذهب قوم إلى هذا وإنّما لم يظهر فى غير بحر البصرة لوجهين: أحدهما: لبعد المسافة واتساع البحار ومن لجّج من المسافرين فى البحار يذكر (١٦٠) أنّه شاهده، والوجه الثانى: فلأنّ مكان المدّ والجزر فى البصرة تحت خطّ الاستواء واعتدال الليل والنهار وعليه الكواكب الثابتة على ما ذكر الشيخ جمال الدين

(١) عندى: سبط بن الجوزى!
(٢) مسند أحمد بن حنبل ٥/ ٣٨٢
(٣) الصحاح ٢/ ٩٦٣ ب

1 / 181