الكنز الأكبر في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
تأليف
شيخ الإسلام تقي الدين أبي بكر بن عبد الله ابن قاضي عجلون الدمشقي الشافعي
(٨١٤ هـ - ٩٢٨ هـ) رحمه الله تعالى
تحقيق
السيد عبد الله الحسيني
Unknown page
[مقدمة المصنف]
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، سيد الأولين والآخرين، وعلى آلة وصحبه أجمعين.
وبعد:
[سبب تأليف الكتاب]
فقد سألني بعض الأصحاب أن أجمع ما ذكره الأئمة الأعلام، مشايخ الإسلام- تغمدهم الله تعالى بالرحمة والرضوان، وأسكنهم فسيح الجنان- في المكان الذي هو طريق في أحد أبواب جيرون الشمالي، أحد أبواب دمشق المحروسة.
1 / 45
وتزعم الطائفة الخبيثة الرافضة، ومن يتبعهم في الجهل والضلال- عليهم من الله ما يستحقونه من الربال، وعام النكال- أن بعض أهل البيت مدفون في هذا المكان وذلك من أعظم البهتان.
وإنما هو طريق للمسلمين، لا يشك فيه من له أدنى بصيرة وتمسك بالدين.
فأجبت السائل إلى ما سأل، ليعلم الحق في ذلك، ولا يلتفت إلى قول كل ضال هالك.
فأقول- وبالله التوفيق، وبيده الهداية إلى سواء الطريق-:
1 / 47
[١ - كلام الإمام أبي شامة المقدسي الدمشقي في القبر الذي عند جيرون]
[ترجمة الإمام أبي شامة المقدسي الدمشقي]:
قد ذكر الشيخ الإمام، حافظ الإسلام، أبو محمد، وأبو القاسم، شهاب الدين، عبد الرحمن بن إسماعيل بن إبراهيم بن عثمان بن أبي بكر المقدسي، ثم الدمشقي، الشافعي، الشهير بأبي شامة- رضي الله تعالى عنه- في كتابه "الباعث على إنكار البدع والحوادث"، وهو من أجل مصنفاته، وأثنى عليه الإمام الرباني، الشيخ، العلامة، عمدة المذهب، الذي هو أبو زكريا، يحيى النواوي في كتابه "شرح المهذب".
1 / 48
ومن ترجمة الإمام أبي شامة- كما ذكره غير واحد من الأئمة، منهم: شيخ الإسلام تقي الدين ابن قاضي شهبة الأسدي الشافعي في "طبقاته"، ...................................
1 / 49
/ ونرويها عنه إجازة-: أنه ذو فنون متعددة، فقيه، مقرئ، نحوي، محدث. وختم القرآن، وله دون عشر سنين، وأتقن فن القراءة على الإمام السخاوي، وله ست عشرة سنةً.
وأخذ عن الشيخين: سلطان العلماء عز الدين بن عبد السلام، وشيخ الإسلام تقي الدين ابن الصلاح.
1 / 50
قال الحافظ ابن كثير: "أخبرني الحافظ علم الدين البرزالي عن الشيخ تاج الدين الفزاري أنه كان يقول: بلغ الشيخ شهاب الدين أبو شامة رتبة الاجتهاد".
وقال الإمام الذهبي: "وكتب الكثير من العلوم، وأتقن الفقه، ودرس، وأفتى، وبرع في فن العربية.
1 / 51
وذكر أنه حصل له الشيب، وهو ابن خمس وعشرين سنةً.
ولي مشيخة القراءة بالتربة الأشرفية، ومشيخة الحديث بالدار الأشرفية.
وكان مع كثرة فضائله متواضعًا، مطرحًا للتكلف، ربما ركب الحمار بين المداوير".
وكان مولده بدمشق في أحد الربيعين سنة تسع وتسعين- بتقديم التاء فيهما- وخمسمائة.
/ ووفاته في شهر رمضان سنة خمس وستين وستمائة، ودفن بباب الفراديس على يسار المار إلى مرج
1 / 52
الدحداح بدمشق المحروسة.
ومن تصانيفه:
"شرح الشاطبية".
1 / 53
واختصر "تاريخ دمشق" مرتين: الأولى في خمسة عشر مجلدًا، والثانية في خمس مجلدات.
وله:
كتاب "الروضتين في أخبار الدولتين: النورية والصلاحية".
وكتاب "الذيل" عليهما.
و"شرح المقتفي في مبعث المصطفى".
وكتاب "ضوء الساري إلى معرفة رؤية الباري".
وكتاب "المحقق من علم الأصول فيما يتعلق بأفعال الرسول".
1 / 54
وكتاب "البسملة" الأكبر في مجلد، والأصغر لطيف.
وكتاب "السؤال".
وكتاب "كشف حال بني عبيد".
و"مفردات القراء".
و"مقدمة في النحو".
و"نظم المفصل"، للزمخشري.
و"شيوخ البيهقي".
وكتاب "الباعث على إنكار البدع والحوادث".
1 / 55
[إجازة المصنف في "الباعث" للإمام أبي شامة المقدسي الدمشقي]:
/ ونروي الكتاب المذكور عن جماعة/ منهم:
قاضي القضاة، شيخ الإسلام والحفاظ، أبو الفضل، أحمد بن علي بن محمد، ابن حجر، الشافعي.
وحافظ البلاد الشامية، العلامة، شمس الدين، محمد بن أبي بكر، الشهير بابن ناصر الدين، الشافعي.
1 / 56
والشيخ الصالح المسند، رحله وقته، أبو الحسن، علاء الدين، علي ابن العلامة عماد الدين أبي الفداء إسماعيل بن محمد بن بردس، البعلي، الحنبلي.
إجازة خاصة من الأول، والثالث، وعامة من الثاني إن لم تكن خاصة.
قال الأول، والثاني: أخبرنا جماعة، منهم: العلامة، أبو إسحاق، إبراهيم بن أحمد بن عبد الواحد، البعلي، المعروف بالشامي، إجازة.
وقال الثالث: أخبرنا الإمام، أبو إسحاق، إبراهيم بن محمد، اللخمي، الأميوطي، إجازة.
1 / 57
قال البرهان: أخبرنا العلامة، قاضي القضاة، بدر الدين، أبو عبد الله، محمد بن إبراهيم بن سعد الله، ابن جماعة، إجازة.
زاد الحافظ ابن ناصر الدين، فقال: وأخبرنا الحافظ، شمس الدين، أبو بكر، محمد ابن الإمام أبي محمد، عبد الله بن أحمد، ابن المحب، السعدي، إجازة.
قال هو، والبرهان الشامي أيضًا: أخبرنا الشيخ، الفاضل، جمال الدين، أبو الحسن، علي بن يحيى بن أبي بكر، الشاطبي، إجازةً.
1 / 58
قال هو، وابن جماعة: /أخبرنا الشيخ، الإمام، العلامة، الحافظ، مفتي الفرق، بقية المجتهدين، أبو محمد، عبد الرحمن بن إسماعيل بن إبراهيم، المقدسي، الشافعي، الشهير بأبي شامة- ﵀.
قال ابن جماعة: إجازةً.
وقال الشاطبي: قراءة عليه، وأنا أسمع، في شهر ربيع الأول سنة اثنين وخمسين وستمائة بالمدرسة العادلية بدمشق.
1 / 59
[نص كلام الإمام أبي شامة المقدسي الدمشقي]:
قال في كتابه "الباعث على إنكار البدع والحوادث":
"قلت: ولقد أعجبني ما صنعه الشيخ أبو إسحاق الجبنياني،
1 / 60
أحد الصالحين ببلاد إفريقية في المائة الرابعة.
حكى عنه صاحبه الصالح أبو عبد الله، محمد بن أبي عباس المؤدب، أنه كان إلى جانبه عين تسمى: (عين العافية)؛ كان العامة قد افتتنوا بها، يأنونها من الآفاق، من تعذر عليها نكاح، أو ولد، قالت: امضوا بي إلى العافية، فتعرف بها الفتنة.
قال أبو عبد الله: فأنا في السحر ذات ليلة؛ إذا سمعت أذان أبي إسحاق نحوها، فخرجت، فوجدته قد هدمها، وأذن للصبح عليها.
ثم قال: اللهم إني قد هدمتها لك، فلا ترفع لها رأسًا.
1 / 61
قال: فما رفع لها رأس إلى الآن.
قلت: وأدهى من ذلك وأمر: إقدامهم على قطع الطريق السابلة/ بجيرون في أحد الأبواب الثلاثة القديمة العادية، التي هي من بناء الجن في زمن نبي الله سليمان بن داود ﵉، أو من بناء ذي القرنين.
وقيل فيها غير ذلك؛ مما يؤذن بالتقدم على ما نقلناه في كتاب "تاريخ مدينة دمشق"- حرسها الله تعالى-، وهو الباب الشمالي.
1 / 62
ذكر لهم بعض من لا يوثق به في شهور سنة ست وثلاثين وستمائة، أنه رأى منامًا يقتضي أن ذلك المكان دفن فيه بعض أهل البيت، وقد أخبرني عنه ثقة أنه اعترف له أنه افتعل ذلك. فقطعوا طريق المارة فيه، وجعلوا الباب بكماله مسجدًا مغصوبًا.
1 / 63
وقد كان الطريق يضيق بسالكيه، فتضاعف الضيق والحرج على من دخل وخرج. ضاعف الله نكال من تسبب في بنائه، وأجزل ثواب من أعان على هدمه، وإزالة اعتدائه، اتباعًا لسنة النبي ﷺ في هدم مسجد الضرار، المرصد لأعدائه من الكفار.
فلم ينظر الشرع إلى كونه مسجدًا، وهدمه، لما قصد به من السوء والردى، وقال الله سبحانه لنبيه: ﴿لا تقم فيه أبدًا﴾ [التوبة: ١٠٨].
1 / 64