al-Kamil fi al-tarih
الكامل في التاريخ
Investigator
عمر عبد السلام تدمري
Publisher
دار الكتاب العربي
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤١٧هـ / ١٩٩٧م
Publisher Location
بيروت - لبنان
Genres
History
وَقَالَ لِلْحَيَّةِ: دَخَلَ الْمَلْعُونُ فِي جَوْفِكِ حَتَّى غَرَّ عَبْدِي، مَلْعُونَةٌ أَنْتِ لَعْنَةً يَتَحَوَّلُ بِهَا قَوَائِمُكِ فِي بَطْنِكِ، وَلَا يَكُونُ لَكِ رِزْقٌ إِلَّا التُّرَابَ. أَنْتِ عَدُوَّةُ بَنِي آدَمَ وَهُمْ أَعْدَاؤُكِ، حَيْثُ لَقِيتِ وَاحِدًا مِنْهُمْ أَخَذْتِ بِعَقِبِهِ وَحَيْثُ لَقِيَكِ شَدَخَ رَأْسَكِ، اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ: آدَمُ، وَإِبْلِيسُ، وَالْحَيَّةُ. فَأَهْبَطَهُمْ إِلَى الْأَرْضِ، وَسَلَبَ اللَّهُ آدَمَ وَحَوَّاءَ كُلَّ مَا كَانَا فِيهِ مِنَ النِّعْمَةِ، وَالْكَرَامَةِ.
قِيلَ: كَانَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ يَحْلِفُ بِاللَّهِ مَا أَكَلَ آدَمُ مِنَ الشَّجَرَةِ وَهُوَ يَعْقِلُ، وَلَكِنْ سَقَتْهُ حَوَّاءُ الْخَمْرَ حَتَّى سَكِرَ فَلَمَّا سَكِرَ قَادَتْهُ إِلَيْهَا فَأَكَلَ.
قُلْتُ: وَالْعَجَبُ مِنْ سَعِيدٍ كَيْفَ يَقُولُ هَذَا وَاللَّهُ يَقُولُ فِي صِفَةِ خَمْرِ الْجَنَّةِ ﴿لَا فِيهَا غَوْلٌ﴾ [الصافات: ٤٧] .
ذِكْرُ الْيَوْمِ الَّذِي أُسْكِنَ آدَمُ فِيهِ الْجَنَّةَ، وَالْيَوْمِ الَّذِي أُخْرِجَ فِيهِ مِنْهَا، وَالْيَوْمِ الَّذِي نَابَ فِيهِ
رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ فِيهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ أُسْكِنَ الْجَنَّةَ، وَفِيهِ أُهْبِطَ مِنْهَا، وَفِيهِ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَفِيهِ تَقُومُ السَّاعَةُ، وَفِيهِ سَاعَةٌ - يُقَلِّلُهَا - لَا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ يَسْأَلُ اللَّهَ فِيهَا خَيْرًا إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ: قَدْ عَلِمْتُ أَيَّ سَاعَةٍ هِيَ، هِيَ آخِرُ سَاعَةٍ مِنَ النَّهَارِ» .
وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: أُخْرِجَ آدَمُ مِنَ الْجَنَّةِ لِلسَّاعَةِ التَّاسِعَةِ، أَوِ الْعَاشِرَةِ مِنْهُ، وَأُهْبِطَ إِلَى الْأَرْضِ لِتِسْعِ سَاعَاتٍ مَضَيْنَ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَكَانَ مُكْثُهُ فِي الْجَنَّةِ خَمْسَ سَاعَاتٍ مِنْهُ، وَقِيلَ: كَانَ مُكْثُهُ ثَلَاثَ سَاعَاتٍ مِنْهُ.
فَإِنْ كَانَ قَائِلُ هَذَا الْقَوْلِ أَرَادَ أَنَّهُ سَكَنَ الْفِرْدَوْسَ لِسَاعَتَيْنِ مَضَتَا مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ مِنْ أَيَّامِ الدُّنْيَا الَّتِي هِيَ عَلَى مَا هِيَ بِهِ الْيَوْمَ، فَلَمْ يَبْعُدْ قَوْلُهُ مِنَ الصَّوَابِ لِأَنَّ الْأَخْبَارَ كَذَا كَانَتْ وَارِدَةً عَنِ السَّلَفِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِأَنَّ آدَمَ خُلِقَ آخِرَ سَاعَةٍ مِنَ الْيَوْمِ السَّادِسِ الَّتِي مِقْدَارُ الْيَوْمِ مِنْهَا أَلْفُ سَنَةٍ مِنْ سِنِينِنَا، فَمَعْلُومٌ أَنَّ السَّاعَةَ الْوَاحِدَةَ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ ثَلَاثَةٌ وَثَمَانُونَ عَامًا مِنْ أَعْوَامِنَا، وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ آدَمَ بَعْدَ أَنْ خَمَّرَ رَبُّنَا طِينَتَهُ بَقِيَ قَبْلَ أَنْ يَنْفُخَ فِيهِ
1 / 33