150

Al-Kāmil fī al-tārīkh

الكامل في التاريخ

Editor

عمر عبد السلام تدمري

Publisher

دار الكتاب العربي

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٧هـ / ١٩٩٧م

Publisher Location

بيروت - لبنان

Genres

History
فِرْعَوْنَ، وَامْتَنَعَ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَلَمْ يَبْقَ قِبْطِيٌّ يَظْلِمُ إِسْرَائِيلِيًّا خَوْفًا مِنْهُ.
ثُمَّ إِنَّ فِرْعَوْنَ رَكِبَ مَرْكِبًا وَلَيْسَ عِنْدَهُ مُوسَى فَلَمَّا جَاءَ مُوسَى قِيلَ لَهُ: فِرْعَوْنُ قَدْ رَكِبَ، فَرَكِبَ مُوسَى فِي أَثَرِهِ فَأَدْرَكَهُ الْمَقِيلُ بِأَرْضٍ يُقَالُ لَهَا مَنْفُ - وَهَذِهِ مَنْفُ (بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ النُّونِ) - مِصْرُ الْقَدِيمَةُ الَّتِي هِيَ مِصْرُ يُوسُفَ الصِّدِّيقِ، وَهِيَ الْآنُ قَرْيَةٌ كَبِيرَةٌ، فَدَخَلَ نِصْفُ النَّهَارِ، وَقَدْ أَغْلَقَتْ أَسْوَاقَهَا، ﴿عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ﴾ [القصص: ١٥] يَقُولُ هَذَا إِسْرَائِيلِيٌّ قِيلَ إِنَّهُ السَّامِرِيُّ ﴿وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ﴾ [القصص: ١٥] يَقُولُ مِنَ الْقِبْطِ ﴿فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ﴾ [القصص: ١٥]، فَغَضِبَ مُوسَى لِأَنَّهُ تَنَاوَلَهُ وَهُوَ يَعْلَمُ مَنْزِلَةَ مُوسَى مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَحِفْظَهُ لَهُمْ، وَكَانَ قَدْ حَمَاهُمْ مِنَ الْقِبْطِ، وَكَانَ النَّاسُ لَا يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مِنْهُمْ بَلْ كَانُوا يَظُنُّونَ أَنَّ ذَلِكَ بِسَبَبِ الرَّضَاعِ. فَلَمَّا اشْتَدَّ غَضَبُهُ وَكَزَهُ فَقَضَى عَلَيْهِ، قَالَ: إِنَّ ﴿هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ - قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ [القصص: ١٥ - ١٦]، أَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَى مُوسَى: وَعِزَّتِي لَوْ أَنَّ النَّفْسَ الَّتِي قَتَلْتَ أَقَرَّتْ لِي سَاعَةً وَاحِدَةً أَنِّي خَالِقٌ رَازِقٌ لَأَذَقْتُكَ الْعَذَابَ. ﴿قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ﴾ [القصص: ١٧] . فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ أَنْ يُؤْخَذَ، ﴿فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ﴾ [القصص: ١٨]- يَقُولُ يَسْتَعِينُهُ - ﴿قَالَ لَهُ مُوسَى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ﴾ [القصص: ١٨] . ثُمَّ أَقْبَلَ لِيَنْصُرَهُ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَى مُوسَى وَقَدْ أَقْبَلَ نَحْوَهُ لِيَبْطِشَ بِالرَّجُلِ الَّذِي يُقَاتِلُ الْإِسْرَائِيلِيَّ خَافَ أَنْ يَقْتُلَهُ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ أَغْلَظَ لَهُ فِي الْكَلَامِ قَالَ: ﴿أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ إِنْ تُرِيدُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّارًا فِي الْأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ﴾ [القصص: ١٩] . فَتَرَكَ الْقِبْطِيَّ، فَذَهَبَ فَأَفْشَى عَلَيْهِ أَنَّ مُوسَى هُوَ الَّذِي قَتَلَ الرَّجُلَ، فَطَلَبَهُ فِرْعَوْنُ، وَقَالَ: خُذُوهُ فَإِنَّهُ صَاحِبُنَا. فَجَاءَ رَجُلٌ فَأَخْبَرَهُ، وَقَالَ لَهُ: ﴿إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ﴾ [القصص: ٢٠] .
قِيلَ: كَانَ حِزْقِيلَ مُؤْمِنَ آلِ فِرْعَوْنَ، كَانَ عَلَى بَقِيَّةٍ مِنْ دِينِ إِبْرَاهِيمَ ﵇ وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ آمَنَ بِمُوسَى. فَلَمَّا أَخْبَرَهُ خَرَجَ مِنْ بَيْنِهِمْ ﴿خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ [القصص: ٢١] . وَأَخَذَ فِي ثَنَيَاتِ الطَّرِيقِ، فَجَاءَهُ مَلَكٌ عَلَى فَرَسٍ

1 / 154