Al-Kāmil fī al-tārīkh
الكامل في التاريخ
Editor
عمر عبد السلام تدمري
Publisher
دار الكتاب العربي
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤١٧هـ / ١٩٩٧م
Publisher Location
بيروت - لبنان
Genres
History
حِينُ الْغَدَاءِ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ: ﴿آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا﴾ [الكهف: ٦٢]) .
قَالَ: وَلَمْ يَجِدْ مُوسَى النَّصْبَ حَتَّى تَجَاوَزَ حَيْثُ أَمَرَهُ اللَّهُ، فَقَالَ: ﴿أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا - قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا﴾ [الكهف: ٦٣ - ٦٤] . قَالَ: يَقُصَّانِ آثَارَهُمَا حَتَّى أَتَيَا الصَّخْرَةَ، فَإِذَا رَجُلٌ نَائِمٌ مُسَجًّى بِثَوْبِهِ، فَسَلَّمَ مُوسَى عَلَيْهِ. فَقَالَ: وَأَنَّى بِأَرْضِنَا السَّلَامُ! قَالَ: أَنَا مُوسَى. قَالَ: مُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: يَا مُوسَى إِنِّي عَلَى عِلْمٍ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ عَلَّمَنِيهِ اللَّهُ لَا تَعْلَمُهُ، وَأَنْتَ عَلَى عِلْمٍ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ لَا أَعْلَمُهُ. قَالَ: فَإِنِّي أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا. ﴿قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا﴾ [الكهف: ٧٠] . فَانْطَلَقَا يَمْشِيَانِ عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ ثُمَّ رَكِبَا سَفِينَةً، فَجَاءَ عُصْفُورٌ فَقَعَدَ عَلَى حَرْفِ السَّفِينَةِ فَنَقَرَ فِي الْمَاءِ، فَقَالَ الْخَضِرُ لِمُوسَى مَا يَنْقُصُ عِلْمِي وَعِلْمُكَ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ إِلَّا مِقْدَارَ مَا نَقَرَ هَذَا الْعُصْفُورُ مِنَ الْبَحْرِ.
قَالَ: فَبَيْنَا هُمْ فِي السَّفِينَةِ لَمْ يَفْجَأْ مُوسَى إِلَّا وَهُوَ يُوتِدُ وَتِدًا أَوْ يَنْزِعُ تَخْتًا مِنْهَا. فَقَالَ لَهُ مُوسَى: حَمَلَنَا بِغَيْرِ نَوْلٍ فَتَخْرِقُهَا ﴿لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا﴾ [الكهف: ٧١] ﴿قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا - قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ﴾ [الكهف: ٧٢ - ٧٣] . قَالَ: وَكَانَتِ الْأُولَى مِنْ مُوسَى نِسْيَانًا. قَالَ: فَخَرَجَا فَانْطَلَقَا يَمْشِيَانِ فَأَبْصَرَا غُلَامًا يَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ، فَأَخَذَ بِرَأْسِهِ فَقَتَلَهُ، فَقَالَ لَهُ مُوسَى: ﴿أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا﴾ [الكهف: ٧٤] ﴿قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا - قَالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا - فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا﴾ [الكهف: ٧٥ - ٧٧] فَلَمْ
1 / 143