Al-Kāmil fī al-tārīkh
الكامل في التاريخ
Editor
عمر عبد السلام تدمري
Publisher
دار الكتاب العربي
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤١٧هـ / ١٩٩٧م
Publisher Location
بيروت - لبنان
Genres
History
الْعَزِيزِ خَبَّرَتْنَا أَنَّهَا رَاوَدَتْهُ عَنْ نَفْسِهِ، فَقَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ: ﴿أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ﴾ [يوسف: ٥١] . فَقَالَ يُوسُفُ: إِنَّمَا رَدَدْتُ الرُّسُلَ لِيَعْلَمَ سَيِّدِي ﴿أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ﴾ [يوسف: ٥٢] فِي زَوْجَتِهِ. فَلَمَّا قَالَ ذَلِكَ، قَالَ لَهُ جَبْرَائِيلُ: وَلَا حِينَ هَمَمْتَ بِهَا؟ فَقَالَ يُوسُفُ: ﴿وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ﴾ [يوسف: ٥٣] .
فَلَمَّا ظَهَرَ لِلْمَلِكِ بَرَاءَةُ يُوسُفَ وَأَمَانَتُهُ قَالَ: ﴿ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي﴾ [يوسف: ٥٤] . فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ خَرَجَ مَعَهُ وَدَعَا لِأَهْلِ السِّجْنِ وَكَتَبَ عَلَى بَابِهِ: هَذَا قَبْرُ الْأَحْيَاءِ وَبَيْتُ الْأَحْزَانِ وَتَجْرِبَةُ الْأَصْدِقَاءِ وَشَمَاتَةُ الْأَعْدَاءِ.
ثُمَّ اغْتَسَلَ وَلَبِسَ ثِيَابَهُ وَقَصَدَ الْمَلِكَ، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَيْهِ وَ﴿كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ﴾ [يوسف: ٥٤] . فَقَالَ يُوسُفُ: ﴿اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ﴾ [يوسف: ٥٥] . فَاسْتَعْمَلَهُ بَعْدَ سَنَةٍ وَلَوْ لَمْ يَقُلِ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ لَاسْتَعْمَلَهُ مِنْ سَاعَتِهِ، فَسَلَّمَ خَزَائِنَهُ كُلَّهَا بَعْدَ سَنَةٍ وَجَعَلَ الْقَضَاءَ إِلَيْهِ وَحُكْمَهُ نَافِذًا، وَرَدَّ إِلَيْهِ عَمَلَ قُطْفِيرَ سَيِّدِهِ بَعْدَ أَنْ هَلَكَ، وَكَانَ هَلَاكُهُ فِي تِلْكَ اللَّيَالِي، وَقِيلَ: بَلْ عَزَلَهُ فِرْعَوْنُ وَوَلَّى يُوسُفَ عَمَلَهُ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ لِأَنَّ يُوسُفَ تَزَوَّجَ امْرَأَتَهُ، عَلَى مَا نَذْكُرُهُ.
وَلَمَّا وَلِيَ يُوسُفُ عَمَلَ مِصْرَ دَعَا الْمَلِكَ رَيَّانَ إِلَى الْإِيمَانِ، فَآمَنَ ثُمَّ تُوُفِّيَ، ثُمَّ مَلَكَ بَعْدَهُ مِصْرَ قَابُوسُ بْنُ مُصْعَبِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ نُمَيِرِ بْنِ السَّلْوَاسِ بْنِ فَارَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عِمْلَاقٍ، فَدَعَاهُ يُوسُفُ إِلَى الْإِيمَانِ، فَلَمْ يُؤْمِنْ، وَتُوَفِّيَ يُوسُفُ فِي مُلْكِهِ.
ثُمَّ إِنَّ الْمَلِكَ الرَّيَّانَ زَوَّجَ يُوسُفَ رَاعِيلَ امْرَأَةَ سَيِّدِهِ، فَلَمَّا دَخَلَ بِهَا قَالَ: أَلَيْسَ هَذَا خَيْرًا مِمَّا كُنْتِ تُرِيدِينَ؟ فَقَالَتْ: أَيُّهَا الصِّدِّيقُ لَا تَلُمْنِي فَإِنِّي كُنْتُ امْرَأَةً حَسْنَاءَ جَمِيلَةً فِي
1 / 130