Kamil Munir
الكامل المنير(المقدمة + الجزء الأول)
Genres
فقال علي: هيهات يا ذا ظليم إنك لم تأل حرصا، ولا تحضى بجهدك وعلمك، ولكني ضربت الأمر ظهره لبطنه، والله يغيبه عني حتى يتبين لي ذلك اليوم من الليل، فما وجدته يسعني عند الله إلا قتالهم، أو الجحود بما أنزل الله على محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فكان مؤنة القتال في هذه الدنيا أهون علي من النار، والسلاسل والأغلال.
فانصرف حوشب ذو ظليم وهو يقول: إنا لله وإنا إليه راجعون؛ هلكت العرب ورب محمد.
فما كان بعد ذلك إلا بضعة عشر يوما حتى افترقوا عن سبعين ألف قتيل من حجاج العرب أكبرهم حوشب ذو ظليم من بعد هذا ما كان من أمر الحكمين، والله يعلم بأمورهم، وحسابهم إلى الله، ولم نكلف إلا أنفسنا، والله المستعان.
وقد بلغنا أن الحجاج بن يوسف(1) سأل الحسن بن أبي الحسن البصري: ما تقول في علي، وعثمان، وطلحة، والزبير، إنهم كانوا على الصواب أو الخطأ؟
فقال الحسن: أقول فيهم كما قال من هو خير مني لمن هو شر منك: قال فرعون لموسى: ما بال القرون الأولى؟
قال: علمها عند ربي في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى.
وقد بلغنا عن الربيع بن خثيم(2) أنه قيل له: لم لا تذكر الناس؟
فقال: ما أنا راض عن نفسي حتى أفرغ من ذمها إلى ذم الناس، إني لا أخاف الإثم في ذنوب الناس وأخافه من ذنوبي.
Page 71